محادثات الكويت: شروط حوثيّة حتى الساعات الأخيرة
تعقد الجولة الثالثة من المحادثات اليمنية بين وفدي الشرعية اليمنية وتحالف الانقلاب (ممثلاً بالحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس السابق علي عبد الله صالح)، الإثنين في الكويت، فيما يكتنف الغموض مصيرها وما إذا سيكون مشابهاً للجولتين السابقتين اللتين عقدتا في سويسرا ولم تسفرا عن أي نتائج أم سيكون مغايراً ويقود إلى حل سياسي ينهي الحرب في اليمن على غرار ما ألمح إليه المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قبل أيام، عندما أكد أمام مجلس الأمن الدولي، أن اليمن أقرب للسلام من أي وقت مضى.
وهو التقدير الذي استند فيه ولد الشيخ أحمد إلى مجموعة من المعطيات السياسية والعسكرية، إن لجهة صمود وقف إطلاق النار المستمر منذ ليل 10 - 11 أبريل/ نيسان الحالي وتعزيزه بعد اتفاق فك الحصار ووقف الأعمال العسكرية في محافظة تعز، فضلاً عن وجود اتفاقات رعتها السعودية بين ممثلين عن الحوثيين وآخرين عن قوات الشرعية بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، أو لجهة التهدئة المتواصلة منذ أسابيع على الحدود بين السعودية واليمن بعد تفاهمات بين الرياض والحوثيين، ترجمت بمفاوضات مباشرة تُجرى داخل المملكة بين الطرفين وبعمليات تبادل أسرى عدة بينهما. وكان آخرها إعلان المتحدث باسم الجماعة، محمد عبد السلام، أنّ الجماعة تسلّمت، أمس الأحد، 30 معتقلاً من السعودية 14 منهم من الأسرى "ممّن جرى أسرهم في جبهات المواجهات الداخلية، و16 معتقلاً على خلفية قضايا أخرى".
ولا يمكن تقدير حجم التنازلات التي ينوي كل طرف تقديمها من أجل نجاح المحادثات، في ظل تباين المواقف السياسية للأطراف المعنية، حول تفسيرات الأجندة التي ترتكز إليها المفاوضات، فضلاً عن الغموض الذي ساد طوال يوم أمس حول موقف الحوثيين وحزب المؤتمر بعد صدور بيانات تلمح إلى احتمال تأجيل الحضور جراء خروقات وقف إطلاق النار خلال الأيام الماضية، غير أن جهوداً مكثفة من الجانب الأممي والأطراف الدولية المعنية بُذلت لتجاوز العراقيل وتأمين مغادرة وفد الانقلابيين العاصمة صنعاء باتجاه الكويت.
واستبق المبعوث الأممي بدء المحادثات بالتأكيد، منذ يوم الجمعة الماضي، أنها تهدف للتوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الصراع واستئناف حوار وطني جامع وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2216 وقرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة، لافتاً إلى أنّ المحادثات سترتكز إلى إطار يمهّد للعودة إلى انتقال سلمي ومنظم بناءً على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
ومن المقرر أن تركز المحادثات على خمسة محاور، أولها انسحاب المليشيات والمجموعات المسلحة من المدن، أما المحور الثاني فيتمثل ب"تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة". وتناقش المحادثات أيضاً "إجراءات أمنية مؤقتة"، فضلاً عن "إعادة مؤسسات الدولة واستئناف حوار سياسي جامع".
أما المحور الخامس، فيتطرق إلى "إنشاء لجنة خاصة للسجناء والمعتقلين"، على أن يتم تقسيم المشاركين إلى لجان لمناقشة كل موضوع على حدة. كما أشار ولد الشيخ إلى وجود خطة عمل مطروحة وذكر أنها تشكل هيكلية صلبة لاتفاق سياسي جديد، لكنه لم يخض في تفاصيل هذا الاتفاق الجديد.
وعلمت "العربي الجديد" من مصدر سياسي أن الخلاف بين الشرعية وتحالف الانقلاب يتعلّق بتفسير النقاط الخمس. وفي حين تتمسك الحكومة بتنفيذ القرار الأممي 2216 وتعتبر أن النقاط الخمس تأتي في إطار تنفيذ هذا القرار، إلا أن المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، قال إن استعداد جماعته للذهاب إلى المحادثات "بلا شروط مسبقة أو محدّدات متفق عليها"، في إشارة إلى النقاط الخمس التي أعلنها المبعوث الأممي كركيزة للمحادثات.
ووفقاً للمصدر المقرّب من الحكومة اليمنية، فإن جماعة الحوثيين تؤكد على ضرورة أولوية الحل السياسي، وإنشاء هيئة حكم رئاسي من جميع الأطراف اليمنية، تكون مطلقة الصلاحيات قبل تنفيذ النقاط الخمس.
كما كشف المصدر أن جماعة الحوثيين وحلفاءها في حزب المؤتمر بعثوا برسالة إلى المبعوث الأممي، وقّعها صالح الصماد عن أنصار الله وعارف الزوكا عن المؤتمر، أكدت على رغبتهما في المشاركة بالمحادثات "من أجل وضع خطة تنفيذية لإتاحة فرصة لاستئناف عملية انتقال سياسي تكون سلمية وشاملة للجميع ومنظمة تحت قيادة يمنية، تلبي مطالب الشعب اليمني وتطلعاته المشروعة، على أساس دستور الجمهورية اليمنية وقرار مجلس الأمن 2216 والقرارات الأخرى ذات الصلة، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني المتوافق عليها ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية المزمنة والاتفاقات الوطنية الأخرى المعترف بها دولياً".
وأوضح المصدر أن جماعة الحوثيين وصالح ذاهبة للمحادثات على أساس قرار مجلس الأمن 2216، وليس من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن.
وذكر أن مضمون رسالة الحوثيين وصالح يؤكد أن مشاركتهم في المحادثات هي للتفاوض على خطه لانتقال سياسي قبل تنفيذ قرار مجلس الأمن.
أما ذكر الدستور فيأتي، وفقاً للمصدر، ليؤكدوا أنهم سيطالبون بنقل الصلاحيات من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي للنائب الذي لن يكون الفريق علي محسن الأحمر بلا شك، من دون أن يذكر المصدر مزيداً من التفاصيل.
لكن المصدر جزم بأن الحكومة الشرعية لا يمكن أن تقبل بالتفاوض حول تشكيل هيئة رئاسية أو انتقال سياسي للسلطة، قبل تنفيذ الشق الأول من القرار المتعلق باستعادة الدولة وإسقاط الانقلاب وعودة السلطة الشرعية لتمارس مهامها وفرض سلطتها على كامل التراب الوطني.
وفي هذا الخصوص، ذكر أن النقطة الرابعة من النقاط المحددة للتشاور من قبل ولد الشيخ جاءت حمّالة أوجه وعامة، ولم تتحدث بصراحة عن تسليم المؤسسات للحكومة اليمنية وعودة الشرعية لمزاولة مهامها وفرض سلطتها.
في غضون ذلك، ترجمت الحكومة استعداداتها للمحادثات بوصول أعضاء وفدها تباعاً إلى الكويت. ويرأس الوفد المؤلف من 14 عضواً نائب رئيس الحكومة، وزير الخارجية، عبدالملك المخلافي. وفي حين لم يعلن الحوثيون وحلفاؤهم أسماء الوفد بشكل نهائي، من المتوقع أن يرأس وفد الانقلابيين المتحدث الرسمي باسم الجماعة، محمد عبدالسلام، والذي ترأس وفد الجماعة في اللقاءات المباشرة مع السعودية.