[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

غياب الصحة عن مدارس اليمن: التلاميذ معرضون للمرض

لا تهتم مدارس اليمن بصحة الأطفال، إذ لا توجد فيها عيادات صحية لمواجهة أي إصابات أو أمراض طارئة قد تصيب الطلاب في المدارس. ونتيجة لهذا، لا يملك طلاب اليمن أبسط المفاهيم أو القواعد والمعلومات الصحية التي تساعد في مواجهة الأوبئة والأمراض والإصابات الناتجة عن الحوادث اليومية.

 
يقول الطالب محمد العزّي (16 سنة) إنه لا يتذكر أن إدارة المدرسة الحكومية التي يدرس فيها حثتهم على غسل اليدين إلا مرة واحدة قبل عامين، مشيرا إلى أقرباء له يدرسون في مدارس خاصة يخبرونه بأنهم يتلقون دروسا بين وقت وآخر حول طرق الاهتمام بالصحة مع تدريبات عملية على الممارسات الصحية اللازمة.

 

أما عن العيادات الصحية في المدرسة، فإن العزي يؤكد عدم وجود عيادة صحية في المدرسة، وأن أي طالب يُصاب بوعكة صحية يتم إعطاؤه إذنا ليعود إلى منزله للراحة أو يخرج من الفصل في محاولة لاستنشاق هواء نقي، ومن ثم يعود إلى الفصل الدراسي، لافتاً إلى أنه في حالة أصيب الطالب، يتم إسعافه في أقرب عيادة أو مستوصف خارج المدرسة والتواصل مع أفراد أسرته.

 

ويسرد العزّي بعض الأمثلة على سلبيات عدم توفر عيادات في مدرسته، مشيرا إلى إصابة أحد زملائه في الرأس إثر اشتباك بينه وبين أحد زملائه، حيث ظل دم الطالب ينزف حتى استطاع المعلمون إيصاله إلى المستوصف المجاور للمدرسة، حيث أكد الأطباء أنه نزف كثيرا، وأنه لو تأخر قليلا لكان تعرض للخطر.

 

أستاذة الاجتماعيات، مريم الخالد، تحمّل وزارتي التربية والتعليم والصحة والسكان، مسؤولية عدم توفر عيادات في المدارس؛ رغم الوعود المتكررة بتوظيف أطباء أو صحيين في المدارس الكبيرة، والتي لا يجد الطالب فيها سريرا يستلقي عليه في حال أصيب بوعكة صحية مفاجئة.

 

تعمل الخالد في مدرسة خاصة وفّرت غرفة صغيرة لمواجهة الحالات المرضية في المدرسة. تقول: "تحاول المدارس الخاصة توفير الخدمة الصحية والنفسية للطلاب، نظرا لتوفر الإمكانيات إلى حد ما". إلا أنها مع ذلك تؤكد أن هذه الخدمات ليست متكاملة في غالبية المدارس الخاصة، وفي كثير من الأحيان يتم عرضها لإقناع أولياء الأمور بتسجيل أبنائهم، لكنها تفتقر إلى أبسط المقومات، بحسب قولها.

 

وتقول الخالد، إن عدم الاهتمام الصحي بالطلاب في اليمن، أحد أسباب ضعف التحصيل، ف"العقل السليم في الجسم السليم"، مضيفة أن مدارس صنعاء شهدت بعض الأنشطة التوعوية الصحية، خلال السنوات الثلاث التي سبقت الحرب، لكنها غابت تماما العام الماضي، بحسب قولها.

 
من جانبه، يؤكد مدير مدرسة قتيبة بن مسلم الباهلي في العاصمة صنعاء، عبد الواحد المنتصر، عدم وجود اهتمام بصحة طلاب المدارس، رغم وجود إدارة معنية بالصحة المدرسية في وزارة التربية والتعليم.

 

وقال المنتصر، إن هذه الإدارة الهامة في الوزارة لا تملك أي موازنة تشغيلية ليقتصر دورها على تنظيم الدورات التدريبية والتوعوية لبعض المدرسين في مجال الصحة ليواجهوا أي حالات طارئة، مشيرا إلى أن عددا من المدارس تعمل على توفير صناديق صغيرة خاصة بالإسعافات الأولية لمواجهة الحوادث البسيطة.

 

وأضاف مدير المدرسة، أن وزارة التربية والتعليم لا تستطيع في هذه المرحلة إلا التنسيق مع وزارة الصحة والسكان لتنفيذ حملات التحصين بجميع مراحلها بين الفينة والأخرى. نافيا وجود مختص صحي في مدرسته. وبالرغم من توفر مختصة في الجانب الاجتماعي، إلا أن عمل الأخصائية متوقف تماما، نظرا لأن مدرسته فيها أكثر 1500 طالب، ولا يمكن لهذه الأخصائية متابعة هذا الكم الهائل من الطلاب.

 

وكانت وزارة التربية والتعليم اليمنية نفذت، في فبراير/شباط الماضي، عددا من الأنشطة والدورات التوعوية في المجال الصحي، استهدفت مدرسين في بعض مدارس العاصمة، بهدف توعيتهم بمخاطر الأنفلونزا، وكيفية الوقاية منها داخل المدارس، بالإضافة إلى أهمية النظافة الشخصية، للوقاية من الأمراض التي تنتقل فيها العدوى من شخص لآخر.

 

مصدر في وزارة التربية والتعليم أكد عدم توفر إمكانيات في الوزارة لتنفيذ الخطط الخاصة بإدارة الصحة المدرسية، وقال إن الإدارة تعاني من تنازع الصلاحيات مع إدارة التغذية المدرسية التي تقوم ببعض المهام.

 

وفي نفس الوقت، تستغل بعض المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن، وجود مدارس في بعض مناطق النزوح، أو التأثر من الحروب الراهنة، لتنفيذ برامجها التوعوية الصحية، مثل غسيل اليدين، وأهمية رفع المخلفات الصلبة من الشارع، مع عروض عملية باستخدام المواد الصحية لتجنب أمراض الإسهال والملاريا وغيرها.

 

وأشار المصدر نفسه إلى أن الوزارة تعاني من عدم توفر طاقم طبي يغطي عدد مدارس الجمهورية الذي يتجاوز الـ15 ألف مدرسة، موزعة على أرياف ومدن اليمن، لافتا إلى أن معالجة هذا القصور تتطلب إمكانيات هائلة لا يقوى اليمن على توفيرها في الظروف الحالية.

زر الذهاب إلى الأعلى