آراء

غياب البعد الإنساني في لقاءات الكويت

يتابع اليمنيون والمهتمون ما يجري بين أطراف اللقاءات التي تجري في الكويت، وتتعلق قلوب من في الداخل بنيات الذين يديرون المفاوضات / المشاورات والتي تم تحديد مرجعياتها بقرارات مجلس الأمن ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ويضيف إليها وفد المؤتمر الشعبي – أنصار الله ما يعرف بوثيقة السلم والشراكة الوطنية التي أصدر مجلس الأمن حينها بيانا أو قرارا بالترحيب بها.

 
بعيدا عن هذه الأطر القانونية وموازين القوة على الأرض فإن الواضح أن البعد الإنساني غائب عن هذه اللقاءات وهو أمر يشير إلى عمق الفجوة الفاصلة التي أنتجتها الحرب اليمنية – اليمنية.

 
اعتاد اليمنيون في الماضي حل نزاعاتهم باللقاءات المباشرة بعيدا عن الأضواء ودونما تمترس بنصوص أو قوة سلاح، ورغم إدراكي أنه من غير الإنصاف مقارنة رجالات ذلك الزمان بمن نراهم يتحكمون في المشهد الوطني اليوم، يتذكر اليمنيون أنه في شهر أغسطس ١٩٦٥ عقد كبار المشايخ ملكيين وجمهوريين لقاء في مدينة الطائف واتفقوا على قيام «دولة» يستثنى منها بيت حميد الدين والمشير السلال، وفي شهر نوفمبر من العام نفسه عقد مؤتمر حرض بين الطرفين حضره المغفور لهم جميعا عبدالرحمن الإرياني وأحمد النعمان وعبدالله الأحمر ومن الطرف الثاني أحمد الشامي ومحمد عبدالقدوس الوزير، ورغم عدم التوصل إلى اتفاق نهائي إلا أن المقصود في هذا المقام هو التذكير بالبعد الإنساني الذي كان يجمع بين الأطراف اليمنية ولم يمنعهم الخلاف السياسي من استمرار العلاقات الإنسانية بينهم والتواصل الدائم ولم يخون أحدهما الآخر رغم اختلاف الرؤى.

 
بقيت في الكويت أكثر من عشرة أيام وكان مزعجا ومحزنا أن اللقاءات التي تتم بين المتفاوضين / المتشاورين ليس فيها سوى عيون جامدة ليس فيها بعد إنساني يذكر الحاضرين بأنهم سيعيشون فوق أرض واحدة وتحت سماء واحدة.

 
الغريب أن هذا التنافر الإنساني والجفوة المفرطة بين قاطني «قصر بيان» امتدت آثارها إلى الشباب المرافقين للطرفين فلا يجتمعون إلا مصادفة في ممرات الفنادق، ولا يحاول أحدهم أن يعيد علاقاته مع زميل ربما كان رفيق دراسة أو عمل أو ابن منطقته.

 
لقد خلقت الأشهر الأربعة عشرة الماضية قطيعة نفسية لا أتصور أن اتفاقا سياسيا وإجراءات أمنية ستتمكن من إنهائها، ومطلوب من الطرفين بذل جهد إنساني وأخلاقي، ولا أعلم مدى قدراتهم في هذا المجال، لأن ذلك سينعكس إيجابيا على المواطنين في الداخل وسيساهم حتما في منحهم مزيدا من التفاؤل بعد أشهر من الأحزان.

 
الأمم المتحدة لن تكون قادرة على اجتراح المعجزات دون أن يرتقي اليمنيون إنسانيا ووطنيا.

زر الذهاب إلى الأعلى