[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اقتصاد

رحيل التجّار.. العنف يطرد الشماليين واستثماراتهم من عدن

تهدّد الاضطرابات الأمنية وتجاوزات المسلحين في عدن، الأسواق والنشاط التجاري الذي يعتمد في معظمه على عمال وتجار من محافظات شمال البلاد.

 

وقال تجار، إن الاضطرابات والتعامل القاسي للمسلحين مع تجار وعمال المحافظات الشمالية يعطيان مؤشراً سلبياً بأنهم غير مرحب بهم وباستثماراتهم، ما دفع العديد منهم إلى مغادرة البلاد، وفي المقابل، يرى محللون اقتصاديون أن هذه الإجراءات لن تستمر طويلاً، وأكدوا أن الاستهداف يشمل مختلف الأطياف وليس الشماليين فقط.

 

وقدّرت مصادر في غرفة تجارة عدن، أن نحو 50% من تجار الشمال غادروا عدن بسبب تنامي موجة الكراهية ضدهم والمضايقات والاعتداءات المتكررة.

 
وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن تجارا شماليين في عدن يضطرون لرفع أعلام الانفصال على محلاتهم ومؤسساتهم خوفاً من بطش الحراك الانفصالي المسلح.

 
ويرفع حراك جنوبي مطالب بانفصال الجنوب عن الشمال، وعززت حرب الحوثيين على مدينة عدن في مارس/آذار عام 2015 مطالب الانفصال لدى جزء من الشارع الجنوبي.

 
وبدأت قوات أمنية، وعناصر مسلحة تابعة لـ"المقاومة الجنوبية"، عملية ترحيل عشوائية لعمال وتجار صغار ينتمون لمحافظات شمالية.

 
وقالت مصادر محلية ، إن عدد من تم ترحيلهم من محافظتي عدن ولحج، تجاوز الـ1000 شخص، خلال الأيام الماضية.
وحسب المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، فإن معظم من تم ترحيلهم هم عمال ومالكو المحلات التجارية الصغيرة والخدمات والورش والباعة المتجولون.

 
وذكرت المصادر أن عملية الترحيل طاولت معظم من يملكون وثائق وبطاقات تثبت هويتهم، الأمر الذي ينفي ما تحدثت به السلطات المحلية بعدن، من أن الحملة تخص من لا يملكون إثبات هوية.

 
وتقول السلطات المحلية والأمنية في عدن، إن الحملة جاءت في محاولة لوقف التدهور الأمني الذي تشهده المدن الجنوبية.

 
وفي هذا السياق، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، يوسف سعيد، أن الإجراءات الأمنية الأخيرة ستؤثر على قطاع الخدمات تحديداً بالإضافة إلى النشاط التجاري والاستثماري في المدينة.

 
وقال سعيد، من الصعب أن تصبح المدينة بدون المستثمرين والعمالة الشمالية الذين شاركوا في بناء عدن وحضرموت وأبين والمهرة وشبوة ويافع.

 
وتعود معظم الاستثمارات الصناعية والتجارية والخدمية في عدن لرجال أعمال من شمال البلاد، حسب تقارير الغرفة التجارية.

 
وأضاف سعيد: "أنه من الصعب تعويض العمالة الشمالية الماهرة في مجالات الإنشاء والبناء والخدمات التجارية والمخابز والمطاعم وبيع الخضروات والفواكه، فهو موجود في كل المجالات المرتبطة بحياة الناس".

 
وأوضح سعيد، أن عملية الترحيل اقتصرت على إعداد صغيرة، وأن العمالة الشمالية في المدينة تقدر بعشرات الآلاف، متوقعاً أن هذا الإجراء لن يستمر طويلاً.

 
وتوقع سعيد، عودة الأمور إلى طبيعتها، لأن الاستثمارات الشمالية أيضا لا يمكن الاستغناء عنها والوضع الطبيعي هو الذي سيسود في النهاية، لكن في الوقت نفسه أشار، إلى أن هذه الإجراءات تثير قلق رجال الأعمال والمستثمرين الشماليين وغيرهم في عدن.

 

وقوبلت الاعتداءات المسلحة على الشماليين برفض رسمي، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، التي تديرها الحكومة الشرعية، عن الرئيس عبدربه منصور هادي، قوله إن "الممارسات الفردية لترحيل المواطنين من أبناء تعز أو غيرها مرفوضة".

واعتبر هادي، أن ذلك من شأنه أن "يخدم المليشيا الانقلابية" في إشارة لجماعة الحوثي المدعومة بقوات موالية للرئيس اليمني الرئيس السابق علي عبدالله.

 
وأضاف هادي، أن "الأمن وتعزيزه واستتبابه مطلوب والأجهزة التنفيذية والأمنية بعدن جديرة بتحمل هذه المهام وعلى الجميع التعاون معها بعيداً عن الإرباك وخلط الأوراق.

 
من جانبه، قال رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، تعليقاً على هذه الأحداث، إن ترحيل الشماليين من الجنوب يؤذي القيادة الشرعية ويضعف من جهودها في استعادة الدولة ويزرع الكراهية.

 
واقتحم مسلحون، للمرة الثانية خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، مبنى أكبر مجموعة صناعية يمنية في عدن و قاموا بالعبث بمحتويات المكاتب الإدارية، حسب مصادر محلية، رجحت أن يكون الاقتحام في إطار عمل ممنهج ضد التجار والمستثمرين الشماليين في مدينة عدن.
وخلال عام 2014، غادر عشرات التجار الشماليين مدن المكلا وسيئون بمحافظة حضرموت (جنوب شرق اليمن) بعد تعرضهم لاعتداءات شملت إحراق محلاتهم وتهديد حياتهم.

 
واعتبر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (خاص)، مصطفى نصر، أن تكرار هذه الاعتداءات يطرح تساؤلات مهمة حول الجدية في تطبيق قرار هادي بأن تكون عدن عاصمة مؤقتة لليمن.

 
وقال نصر، لـ"العربي الجديد"، "هذه الأحداث لم تعد حالات فردية وإنما أصبحت ظاهرة مقلقة لن يكون تأثيرها فقط على تجار الشمال وإنما على الوضع الاقتصادي في البلاد بشكل عام".

 
واعتبر نصر، أن استهداف تجار ومستثمري القطاع الخاص الشماليين في عدن والجنوب يفاقم حالة الفقر لدى المواطن الجنوبي ويعطي رسالة بأن مناطق الجنوب غير مرحبة بأي نشاط اقتصادي.

 
وأكد أن استمرار هذه الأحداث الأمنية تعطي مؤشراً سلبيا يؤثر على الحياة المعيشية للمجتمع المحلي والسكان وتؤسس لحالة من عدم الاستقرار في العاصمة المؤقتة، ما يستدعي يقظة أمنية توقف هذه التصرفات.

 
وتشهد عدن اضطرابات أمنية بسبب فوضى السلاح وظهور عدة جماعة مسلحة، وتزايدت، خلال الشهرين الأخيرين، عمليات السطو على البنوك وشركات الصرافة.

 
وحذرت جمعية البنوك اليمنية، في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، من أنها قد تضطر لإعلان إيقاف النشاط المصرفي وإغلاق المصارف في عدن، بعد أن شهدت العاصمة المؤقتة لليمن، حالات سطو مسلح على البنوك، آخرها السطو على بنك اليمن الدولي والمملوك لتاجر ينتمي لمحافظات الشمال.

 
وتعرض تجار من شمال اليمن في مدينة عدن، خلال الفترة الماضية، لاعتداءات ومضايقات من مسلحين مجهولين وأفراد يرجح انتماؤهم للحراك الجنوبي الداعي لانفصال جنوب اليمن عن شماله. كما تم نهب مصانع ومحال صرافة مملوكة لأفراد من الشمال.

 
وتصاعدت الظاهرة حتى وصلت إلى القتل، وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أقدم مسلحون ملثمون على قتل تاجر شمالي ينتمي إلى محافظة ذمار (وسط اليمن) وثلاثة من مرافقيه بجانب محله التجاري في السيلة بالشيخ عثمان بمحافظة عدن، وقاموا بنهب سيارته ومبالغ مالية كانت بحوزته.

 
كما اقتحم مسلحون مبنى الإدارة العامة لمجموعة هائل سعيد أنعم و شركاه في المعلا بمدينة عدن (جنوبي اليمن)، طبقاً لمصادر محلية وأخرى تجارية.

 
وقام تجار ورجال أعمال شماليون ببيع منازلهم في المدينة الخضراء الواقعة بين عدن ولحج وبأسعار زهيدة، بسبب تفاقم أحداث العنف. وحسب تجار، يتم البيع بأسعار أقل من القيمة المقدرة للمباني المعروضة للبيع، في ظل استغلال الأوضاع المتدهورة، وعدم الاستقرار وموجة الكراهية ضد الشماليين.

زر الذهاب إلى الأعلى