[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اقتصاد

بريق "العقيق" اليمني تطفئه أدخنة الحرب

ضربت الحرب وتوقف السياحة سوق بيع العقيق اليمني، حيث هجر الكثيرون المهنة وأغلقوا محلاتهم لكساد المبيعات، في ظل ظروف معيشية قاسية ارتفعت خلالها معدلات البطالة والفقر إلى مستويات كبيرة.

 

والعقيق هو نوع من أهم الأحجار الكريمة، التي اشتهر بها اليمن وارتبط اسمه بها منذ قرون، وهو بالنسبة لليمنيين ثروة وتراث، إذ قد تصل قيمة الفص الواحد منه في بعض الأحيان إلى أكثر من 500 دولار.

 

وتعد صناعة العقيق من أبرز الصناعات الحرفية، التي تشتهر بها مدينة صنعاء القديمة على وجه التحديد، وتلقى رواجا كبيرا داخليا وخارجيا.

 

ويستخرج العقيق اليمني من بطون الجبال، وتمر صناعته بعدد من المراحل حتى تأخذ شكلها النهائي بما يعرف (بالفص)، ويعد استخراجه من أهم الحرف، التي اشتهر بها اليمنيون منذ القدم، ولا يزال هذا النشاط الحرفي قائما لدى العديد من الأسر كمهنة متوارثة.

 

عبد الله الحرازي، تاجر العقيق والصناعات التقليدية في صنعاء، يقول: "الحرب أدت إلى ركود في سوق الصناعات الحرفية التقليدية، والكثير من التجار أغلقوا محلاتهم".

 

ويضيف الحرازي، "التاجر كان يصنع أكثر من ألفي قطعة عقيق في الوضع الطبيعي، حيث تجد إقبال كبير من السياح الأجانب والخليجيين، ولكن حاليا لا يصنع التاجر أكثر من مائة قطعة عقيق ومع ذلك لا يجد مشترين".

 

ويتابع " كنا ننتج قبل أن تتأزم الأوضاع الأمنية بين ألف و1500 قطعة عقيق في الشهر، بل أكثر من ذلك أحياناً، أما الآن فبالكاد أنتج مئتي قطعة وأحياناً مائة، بحسب طلب الزبائن الذين يبحثون عن نوع خاص من العقيق".

 

ويشير إلى أن الأرباح الشهرية كانت تتجاوز ثلاثة آلاف دولار، بينما لا تتجاوز حالياً 400 دولار شهرياً، لافتا إلى أن السياح الأجانب كانوا في الماضي أكثر المشترين للصناعات الحرفية التقليدية، وكانوا يقبلون على شراء العقيق ولا يمكن لأي سائح أن يعود إلى بلاده دون أن يشتري كمية من خواتم العقيق ليوزعها هدايا أو يحتفظ بها كتذكار.

 

ويقول الحرازي إن الكثير من الحرفيين هجروا الصناعات التقليدية واتجهوا إلى مهن أخرى، وبقي القليل من الحرفيين والتجار الذين يستهدفون المستهلك المحلي، الذي يبحث عن أسعار رخيصة أولا قبل الجودة.

 

ويأخذ العقيق اليمني قيمته من أنواعه وأشكاله وأحجامه وألوانه وكذلك من الصور التي تكونت داخله، بالإضافة إلى منافعه وخصائصه الروحية والنفسية والطبية، التي تحدد الثمن والقيمة التي يستحقها.

 

ومن أهم الأحجار الكريمة العقيق الرماني الأحمر، وهو يتصف بلونه الرماني، الذي يميل إلى الياقوت ويحظى بأهمية كبيرة، ويشتهر كثيراً في دول الخليج العربي وإيران والعراق بالذات، حيث يعتبرونه حجراَ مباركاَ يمنع الحسد ويمنح البركة وهذا النوع أثمن من الأنواع الأخرى.

 

ويقول تجار إن خصائص العقيق هي ما تحدد سعره، فهناك أنواع تباع بأقل من خمسة آلاف ريال يمني (20 دولارا) للفص الواحد، بينما يصل سعر بعض الأنواع الأخرى إلى نحو 125 ألف ريال (500 دولار)، وكلما كبر حجم الفص زاد سعره وكلما كانت ألوانه أكثر تركيزاً وجاذبية تضاعفت قيمته أيضا.

 

ويتخوف كثيرون من اندثار حرفة صناعة العقيق العريقة، بسبب ظروف الحرب والإهمال المستمر لها من قبل الجهات الرسمية وهجرة الحرفيين لها وعدم وجود فرص تشجع على التنقيب في ظل الأحداث الحالية، حيث تحتاج عملية التنقيب إلى إمكانيات ومعدات حديثة، بينما توارثت الكثير من الأسر مهنة التنقيب بالطرق التقليدية.

 

وتتميز اليمن كذلك بصناعة الفضيات، التي توارثتها الأجيال، وتحظى بشهرة عربية واسعة، نظراً لجمالها ودقة صناعتها وتعدد فنون صياغتها.

 

لكن علي السامعي، تاجر فضيات في مدينة تعز، يقول ل "العربي الجديد": "كنت أملك محلاً كبيراً لبيع الفضيات في منطقة باب موسى بمدينة تعز، وكان المحل يشهد إقبالا كبيراً من السياح وحتى من اليمنيين، الذين يستخدمون الفضيات في مناسبات الخطوبة والزواج، لكن بسبب الحرب أغلقت المحل، كما أغلق عشرات التجار محلاتهم المتخصصة في بيع المنتجات التقليدية والمصوغات الفضية".

 

وتسببت الحرب المستمرة منذ أكثر من عام بعد استيلاء جماعة الحوثيين المسلحة على صنعاء وعدة محافظات يمنية، في انهيار السياحة وإغلاق أغلب المنشآت السياحية والفندقية وتسريح معظم العمالة فيها، فيما قدر خبراء حجم الخسائر التي تكبدها القطاع بمليارات الدولارات.

 

وحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن عدد الفقراء زاد من 12 مليون نسمة في أبريل/نيسان 2015، إلى أكثر من 20 مليوناً الآن، من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 26 مليون نسمة.

 

وكان احتياطي البلاد من النقد الأجنبي قد بلغ 4.5 مليارات دولار مطلع عام 2014، إلا أنه تراجع إلى 1.1 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فيما تتضمن الاحتياطات وديعة بقيمة مليار دولار قدمتها السعودية لليمن عام 2012.

 

ومنذ الربع الثاني من عام 2015، توقفت صادرات النفط والغاز. كما انكمشت الواردات، باستثناء المنتجات الغذائية ومنتجات الطاقة الحيوية.

زر الذهاب إلى الأعلى