تقارير ووثائق

مؤشرات على تدهور تفاهمات الحوثيين والسعودية

على عكس الاهتمام الواسع، الذي حظيت به المشاورات اليمنية مع بدء الجولة الأولى في الكويت، وكانت محطة طال انتظارها أشهراً، وانعقدت عليها الآمال، تبدأ الجولة الجديدة في أجواء أكثر تعقيداً مع تراجع منسوب الآمال التي تعول على المفاوضات للوصول إلى حل، بالتزامن مع تصعيد ميداني يتواصل بصورة يومية، ووسط مؤشرات على تدهور التفاهمات السعودية المباشرة مع جماعة أنصار الله (الحوثيين).

 
ورغم مرور أربعة أيام على اسئتناف المشاورات، لم تعقد جلسة مشتركة بين الوفدين باستثناء الجلسة الافتتاحية واجتماع لجنة المعتقلين، فيما الجلسات، وفق ما أكدت مصادر يمنية مقربة من المشاركين لـ"العربي الجديد"، منحصرة على لقاءات منفصلة للمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مع كل وفد على حدة، ومع دبلوماسيين من الدول المشرفة على التسوية في البلاد.

 
وشهدت الكويت، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً ضم ولد الشيخ بوفد الحكومة، وفي تصريح صحافي أعقب الجلسة، أوضح عضو الوفد الحكومي المفاوض، عبدالله العليمي، أن النقاش تناول أجندة المشاورات في هذه المرحلة، وهي "تثبيت اتفاق وقف الأعمال القتالية، وتفعيل لجان التهدئة المحلية، والانسحاب وتسليم السلاح وعودة المؤسسات، والإفراج عن المعتقلين والأسرى، ورفع الحصار عن المدن وإيجاد ممرات آمنة".

 

وأضاف العليمي أن "الطريق الوحيد والبوابة الآمنة والوحيدة لإحلال السلام في البلاد وإنهاء معاناة شعبنا هي في إنهاء الانقلاب وكل ما ترتب عليه أولاً وقبل أي شيء".

 
وفي مؤشر آخر على مدى الإرباك والاختلافات الحاصلة خلال المشاورات، كان من المقرر أن يتوجه ولد الشيخ أحمد، إلى السعودية، يوم الإثنين، وفقاً لما أعلن الوفد الحكومي بناءً على وعود المبعوث للحكومة بأن يعود إلى الرياض بعد افتتاح المشاورات ليواصل النقاشات مع الرئيس عبدربه منصور هادي وممثلي القوى السياسية اليمنية المؤيدة للشرعية، إلا أن ولد الشيخ لم يتوجه، كما تم الإعلان عنه من الجانب الحكومي قبل ذلك.

 
وعادت النقاشات في الأيام الأخيرة، إلى ما يوصف ب"نقطة البداية"، إذ ما يزال الطرفان يناقشان مع المبعوث الأممي، كلاً على حدة، أولوية قضايا النقاش، بين الشق السياسي المرتبط بتشكيل حكومة وحدة وطنية، والذي يطالب به الحوثيون وممثلون حزب المؤتمر الشعبي المتحالف معهم، وبين الشق الأمني والإجراءات التي تطالب بها الحكومة كأولوية تسبق الدخول في أي شراكة سياسية.

 
ويأتي الانسداد السياسي، بالتزامن مع تصعيد ميداني يتركز في عدة جبهات، وتحديداً في شرق صنعاء وغرب مأرب، ومنطقتي ميدي وحرض الحدوديتين في محافظة حجة، فضلاً عن جبهات متفرقة في تعز ومحافظة الجوف، ويتمثل التصعيد بمواجهات بين الحوثيين والموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، من جهة، وبين المقاومة وقوات الجيش الموالية للشرعية من جهة أخرى.

 

وارتفعت وتيرة الغارات الجوية التي تنفذها مقاتلات "التحالف العربي" ضد أهداف مفترضة للانقلابيين بالترافق مع التصعيد في المواجهات الميدانية، حيث تتركز الضربات الجوية في المناطق القريبة من المواجهات، وامتدت إلى محافظة صعدة، معقل الحوثيين على الحدود مع السعودية، على الرغم من أنها كانت قد تراجعت إلى حد كبير، منذ بدء التفاهمات المباشرة بين الحوثيين والجانب السعودي.

 

كذلك، تواصلت المواجهات المسلحة والقصف التبادل بين "المقاومة الشعبية" وقوات الجيش الموالي للشرعية من جهة وبين الحوثيين والموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، من جهة أخرى، في منطقة نِهم، شرق صنعاء، وسط أنباء عن قتلى من الطرفين.

 
وأعلنت مصادر تابعة للحوثيين أن مسلحي الجماعة وحلفاءها أطلقوا اليوم ثلاثة صواريخ نوع أوراغان على معسكر سعودي مستحدث، في منطقة جازان جنوب السعودية.

 
في السياق، ظهرت مؤشرات تدهور في التفاهمات الحوثية والسعودية والتي كانت وصلت إلى مرحلة متقدمة في فترة سابقة شملت إبرام هدنة حدودية واتفاقات على تهدئة في العديد من المحافظات اليمنية وعمليات تبادل، فقد أطلقت قيادات في الجماعة تصريحات تتهم الرياض، بالمضي في الخيار العسكري بعيداً عن الحل السياسي.

 
وفي تصريحات تلفزيونية، يوم الثلاثاء، تناقلتها وسائل إعلامية تابعة للجماعة، اتهم الناطق باسم الجماعة، ورئيس وفدها المشارك في مفاوضات الكويت، والذي يمثل جماعته في التفاهمات مع السعودية، محمد عبدالسلام، الرياض بأنها "لا تزال تمضي في الحرب"، وقال إن "السعودية لا تريد أن يكون هناك حل سياسي لا يكون لها دور فيه"، في مؤشر على تدهور التفاهمات.

 
كما أكد عبدالسلام، في تصريحات اليوم، أن "المفاوضات عادت إلى ما قبل الصفر، وأشار إلى أن المبعوث الأممي تراجع عن النقاط التي كان قد طرحها أواخر الجولة الماضية"، في إشارة إلى مقترح تشكيل الحكومة الذي رفضه الجانب الحكومي.

 
وكان الحوثيون وفي خطوة ملفتة، نظموا الاثنين في صنعاء تظاهرة تحت عنوان "أميركا ترفض الحل السلمي في اليمن"، رددوا خلالها شعارات تتهم واشنطن بعرقلة الحل السياسي، وقال بيان صادر عن التظاهرة إن "أميركا تعمل جاهدة على عدم الوصول إلى أي حلول سلمية"، وغير ذلك من الاتهامات التي كانت قد خففت خلال الجولة الأولى من المشاورات.

زر الذهاب إلى الأعلى