حديث حوثي عن مشروع سعودي للحل بالكويت ومكة
حسمت الكويت الموقف في مشاورات السلام اليمنية، بالتزامن مع إكمال ثلاثة أشهر على انطلاقها برعاية الأمم المتحدة، استمرت خلالها النقاشات من دون تقدم حقيقي، بل عادت مع بدء الجولة الجديدة، منذ أسبوع، إلى المربع الأول. غير أن أياماً حاسمة ينتظرها المشاركون، الأسبوع المقبل، وتتحدث تسريبات لمصادر مقربة من الانقلابيين عن مقترحات جديدة، مدعومة من السعودية، لاتفاق من مرحلتين الأولى في الكويت والأخرى في مدينة مكة السعودية.
وتوضح مصادر مقربة من المشاركين في المشاورات أن محادثات الأسبوع الأول والذي يمثّل نصف المدة المقررة للجولة الجديدة من المفاوضات انعقدت بأجواء شديدة التعقيد، وانتهت أمس الخميس من دون أي آمال بالوصول من خلال النقاشات إلى تقدم فعلي، وسط ضغوط دولية يواجهها الطرفان، تمهيداً لمشروع اتفاق يقدم خلال الأيام القليلة المقبلة لتخرج به المشاورات.
وبينما انحصرت الجلسات الأيام الماضية على لقاءات منفصلة للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد بالوفدين ومسؤولين كويتيين ودبلوماسيين، ووسط تصريحات تتحدث عن عودة المشاورات إلى الصفر، أعلنت الكويت، موقفاً مفاجئاً، بأنها أبلغت الأطراف اليمنية المشاركة في المشاورات، بتحديدها مهلة 15 يوماً لحسم الخلافات. وما لم يتم الوصول إلى اتفاق خلال هذه المدة، التي بدأت عملياً مع استئناف المفاوضات، فإن الكويت ستعتذر عن إكمال الاستضافة.
ولاقى الموقف الكويتي، الذي يعتبر الأول من نوعه، أصداء يمنية واسعة عبّر عنها الناشطون اليمنيون في مواقع التواصل الاجتماعي، وتناولت أغلب التعليقات أعضاء الوفدين بالتهجم والانتقادات اللاذعة. واتهم اليمنيون أعضاء الوفدين بالتنصل من المسؤولية في الوصول إلى اتفاق، الأمر الذي اقتضى أن يتلقوا ما وصفه البعض "إنذاراً قبل الطرد" من الكويت التي يكاد ينفد صبرها.
وفي السياق، تفيد مصادر مقربة من المشاركين في المشاورات أن المسؤولين الكويتيين وأثناء اللقاءات التي انعقدت خلال الأيام الماضية مع المشاركين بالتزامن مع استئناف المشاورات، وجهوا توبيخاً شديداً للمشاركين، واتهموهم بعدم الجدية بالوصول إلى اتفاق، مطالبين إياهم بإثبات الجدية خلال المدة المحددة للجولة الجديدة.
وتباينت قراءات المتابعين للموقف الكويتي بين كونه نتيجة طبيعية لعدم إظهار طرفَي الحوار اليمني جدية نحو الوصول إلى حل، خلال الفترة الماضية، وبين من قرأ المهلة الكويتية على أنها ضغط إضافي، في توقيت شديد الحساسية، يضع الطرفين بين الموافقة على المقترحات المطروحة والتوافق خلال الأيام المقبلة، وبالتالي فإن الهدف منها الضغط أكثر منه الطرد.
وعلى صعيد مشروع الاتفاق، تتحدث مصادر مقربة من وفد جماعة أنصار الله (الحوثيون)، وحزب المؤتمر الشعبي الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بوجود مقترح مدعوم من السعودية يشمل اتفاقاً على مرحلتين، الأولى في الكويت، ويتم التوصل خلالها إلى اتفاق بتثبيت وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة عسكرية وأمنية بتوافق الطرفين، تتولى الإشراف على تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، وتشمل انسحاب المليشيات من العاصمة صنعاء، ومدن أخرى، وإنهاء حصار المدن، والعديد من الخطوات الأخرى.
ووفقاً للمعلومات التي لم تؤكَّد أو تُنفى رسمياً من الجانب الحكومي، وتداولتها مصادر مقربة من الحوثيين، فإن المقترح يتضمن أن يتم توقيع المرحلة الثانية من الاتفاق في مدينة مكة بإشراف السعودية. ويشمل هذا الجزء الجانب السياسي المتمثل بتشكيل حكومة توافقية وبقية الترتيبات، وهو مرهون بالنجاح في المرحلة السابقة الخاصة بالانسحاب. ويعترض الانقلابيون على هذا المقترح، غير أن الوقت قد لا يكون في صالحهم، مع ضغط المدة التي حددتها الكويت للمفاوضات.
وكان بيان الاجتماع الرباعي الذي عقده وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، ونظيره الأميركي، جون كيري، والبريطاني، بوريس جونسون، والإماراتي، عبدالله بن زايد، في لندن، أول من أمس الأربعاء، لمناقشة الوضع في اليمن، أكد أنه "آن الأوان للتوصل لاتفاق في الكويت". وكشف عن أن الوزراء "بحثوا تسلسل اتفاق محتمل، وأكدوا على أن الحل الناجح يشمل ترتيبات تتطلب انسحاب الجماعات المسلحة من العاصمة ومناطق أخرى، واتفاق سياسي يتيح استئناف عملية انتقال سياسي سلمية وتشمل الجميع".
وعلى الرغم من أن الإشارة إلى "التسلسل" في "الاتفاق المحتمل وهو الجزء الذي تطالب الحكومة أن يبدأ بالانسحاب، أكد البيان أن الوزراء "اتفقوا على ضرورة ألا يهدد الصراع في اليمن دول الجوار، وعاودوا تأكيد أن إعادة تشكيل حكومة ممثلة للجميع "هو السبيل الوحيد لمكافحة جماعات إرهابية مثل القاعدة وداعش بفعالية، ومعالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية بنجاح". كما دعا الوزراء إلى الإفراج غير المشروط والفوري عن جميع السجناء السياسيين"، واتفق الوزراء "على البقاء على اتصال وثيق في الأسابيع المقبلة دعما للجهود بقيادة الأمم المتحدة لأجل التوصل لاتفاق".
وفُسر البيان بما تضمنه من إشارات حول "التسلسل" و"حكومة وحدة وطنية"، بأنه تمهيد لمشروع اتفاق يجري وضع الترتيبات النهائية حوله لتقديمه في الأيام الأخيرة للمشاورات، وبينما تقترب الرؤية الخاصة بتأجيل الشق السياسي، من مطالب الحكومة ووفدها المشارك في المفاوضات، تأتي الإشارة في بيان اجتماع لندن، إلى تشكيل "حكومة وحدة وطنية"، لتقترب من مطالب الانقلابيين، ومع ذلك لم يوضح البيان ما إذا كان تشكيل الحكومة الذي اتفق الوزراء حوله متزامناً مع الانسحاب أم أنه خطوة لاحقة، وكل ذلك ستحسم الأيام القليلة المقبلة الجدل حول تفاصيله.