تقارير ووثائق

مشاورات اليمن بعد الرؤية الأممية: تحديات قبول الانقلابيين

دخلت مشاورات السلام اليمنية المنعقدة برعاية الأمم المتحدة في الكويت، مرحلة جديدة مع إعلان الحكومة اليمنية الموافقة على مقترح تقدّم به المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ورفضه وفد شريكي الانقلاب، لتبدو المفاوضات التي دخلت أياماً حاسمة أمام احتمالات عدة، منها أن تتعرض الرؤية للتعديل بما يحقق الحد الأدنى من مطالب الطرفين، وذلك بالاستعانة بضغوط دولية تفرض على الوفدين، أو أحدهما، تقديم التنازلات، فيما يبدو التصعيد العسكري، البديل الجاهز، في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

 
وأفاد مصدر يمني مرافق لوفد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحزب "المؤتمر الشعبي" الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أمس الأحد، أن ممثلي الجماعة وحلفاءها اعترضوا على المقترح المقدم من المبعوث الأممي، واعتبروه يمثّل وجهة نظر الطرف الآخر، مطالبين بأن تشمل المقترحات الجوانب السياسية، وفي مقدمتها الاتفاق على تشكيل حكومة توافقية. فيما بدأ المبعوث الأممي على ضوء المستجدات المتمثلة بموافقة حكومية ورفض من الانقلابيين، لقاءات مع المشاركين وبعض سفراء الدول المعتمدين لدى اليمن، الموجودين في الكويت، لبحث الخطوات المطلوبة لإيجاد التوافق حول مشروع الاتفاق الأممي.

 
وكان وفد الحوثيين وحلفائهم قد أعلن رفضه لما تردد عن التوقيع على الاتفاق، ووصف الرؤية التي وافق الجانب الحكومي عليها ب"مشاريع حلول أحادية"، وقال إن ما تقدّم به المبعوث الأممي "لا يعدو كونه مجرد أفكار مجزأة للحل في الجانب الأمني ومطروحة للنقاش شأنها شأن بقية المقترحات والأفكار الأخرى المطروحة على الطاولة"، وأكد "تمسكه المبدئي باتفاق شامل وكامل يتضمن كافة الجوانب السياسية والإنسانية والاقتصادية والأمنية من دون تجزئتها".

 
وتحدث وفد شريكي الانقلاب عن الرؤية المطروحة باعتبارها واحداً من مقترحات أخرى، منها "حول الجانب السياسي"، قال إنها تشمل "تشكيل مؤسسة رئاسية جديدة وحكومة وحدة وطنية". غير أن مصادر قريبة من وفد الحكومة أفادت بأن المقترح الأممي المقدّم يوم السبت يتضمّن تأجيل النقاشات السياسية وما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة، إلى ما بعد الإجراءات المطلوبة بالانسحاب من المدن الرئيسية الثلاث؛ صنعاء، والحديدة، وتعز.

 
ووفق المصادر القريبة من وفد الحكومة، تشمل الرؤية الأممية الاتفاق على تشكيل لجنة أمنية وعسكرية عليا يصدر بها قرار من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بناء على معايير "مهنية"، تتولى الإشراف على مختلف الإجراءات الأمنية والعسكرية المطلوبة بدءاً بوقف إطلاق النار والانسحابات من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة للدولة. وتبدأ العملية بمرحلة أولى ينسحب خلالها الحوثيون وحلفاؤهم من مؤسسات الدولة في ثلاث مدن رئيسية وهي العاصمة صنعاء ونطاقها الأمني، ومحافظة الحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، وكذلك محافظة تعز، والتي تشهد أعنف المواجهات منذ ما يقارب 16 شهراً، على أن يكون الانسحاب وفق آليات تحددها اللجنة العسكرية، خلال 45 يوماً من تاريخ توقيع الاتفاق، وعقب الانتهاء منها يبدأ حوار سياسي مرتبط بتشكيل حكومة توافقية وغيرها من الإجراءات.

 
وتتضمن الرؤية الأممية أيضاً حل "المجلس السياسي" الذي اتفق الحوثيون وحزب صالح على تشكيله بالمناصفة بين الطرفين أخيراً، وحل كافة اللجان الشعبية والثورية للحوثيين، ومنها "اللجنة الثورية العليا" التي كانت بمثابة السلطة العليا للجماعة واعتبار قراراتها وتعييناتها كأنها لم تكن، وإزالة "كل العراقيل" من مؤسسات الدولة وعودة هذه المؤسسات لتؤدي دورها في الجانب الخدمي، وكذلك يتم إطلاق كافة المعتقلين. لكن هذه النقطة قد تشكّل عائقاً أمام قبول الانقلابيين بالرؤية الأممية، إذ كان صالح قد أبدى تمسكه ب"المجلس السياسي". وقال أمام اجتماع حزبي مساء السبت إن المجلس سيحل "محل رئاسة الدولة الشكلية وغير الدستورية التي يترأسها هادي"، مؤكداً أن الهيئة الجديدة باتت "أعلى سلطة في اليمن في الوقت الحاضر، ومن الآن يمثل اليمن في الداخل والخارج طبقاً لدستور الجمهورية اليمنية النافذ".

 
وتقترب الرؤية من المطلب الحكومي الخاص بتقديم الإجراءات المطلوبة بالانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة قبل أي نقاش سياسي، ومع ذلك، فإن مقترح اللجنة العسكرية من المتوقع أن يشمل ممثلين عن الطرفين، بما يسهّل قبول خيار تشكيلها لدى الطرفين من حيث المبدأ، مع الاختلاف في مطالبة الانقلابيين بأن يكون أي اتفاق شاملاً للإجراءات السياسية المختلفة.

 
وبادرت الحكومة اليمنية إلى إعلان الموافقة على المقترح الأممي عبر أعلى المستويات، إذ عقد هادي اجتماعاً بمستشاريه مساء السبت وحتى فجر الأحد، خرج بإعلان الموافقة واعتبار مشروع الاتفاق المطروح يشكّل "أساساً منطقياً لمواصلة النقاش للوصول إلى آليات وطنية تضمن استكمال المشاورات". وفوّض الاجتماع الوفد الحكومي المشارك في مشاورات الكويت بالتوقيع على الاتفاق مشروطاً بأن يوقع عليه الحوثيون قبل تاريخ 7 أغسطس/ آب 2016؛ أي قبل نهاية الأسبوع الذي جرى التمديد فيه لانعقاد المشاورات.

 
ويمثّل قبول أحد الأطراف برؤية عملية مطروحة من الأمم المتحدة التي ترعى المشاورات، تطوراً غير مسبوق في مسارها منذ بدء الجولة الأولى في الـ21 من إبريل/ نيسان، الأمر الذي يجعل نقاشات الأيام المقبلة مرتكزاً حول التعديلات الممكنة في الصيغة المقترحة، بما يستوعب الحد الأدنى من اعتراضات الطرف الآخر، مع الأخذ بالاعتبار أن أي تعديلات متوقعة قد تؤدي إلى اعتراض الجانب الحكومي، وكل ذلك يجعل من الضغوط الدبلوماسية من الأطراف الإقليمية والدولية، العامل الحاسم، في إمكانية التوصل إلى اتفاق من عدمه، خلال ما تبقى من المدة المحددة للمشاورات بعد تمديدها أسبوعاً.

زر الذهاب إلى الأعلى