هل فقد اليمنيون الثقة في الحل السلمي؟
لا تجد تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد اهتماما كبيرا لدى اليمنيين، الذين يبدو أنهم فقدوا الثقة في إمكانية نجاح الحل السلمي لإنهاء أزمة الانقلاب في صنعاء.
ولد الشيخ أحمد الذي بدأ مؤخرا جولة في المنطقة للقاء وفد الانقلابيين الحوثيين وممثلي حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كان قد طالب مجلس الأمن، خلال جلسة بشأن اليمن، بالوقوف الحاسم ضد الأطراف الرافضة لعملية السلام، في إشارة إلى الحوثيين وحليفهم صالح، وأدان الخطوات الأحادية بتشكيلهم "مجلسا سياسيا" لإدارة البلاد ونكثهم الاتفاقات.
واعتبر وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي أن إحاطة المبعوث الأممي ومواقف أعضاء مجلس الأمن كانت واضحة إزاء التمسك بالمرجعيات خاصة المبادرة الخليجية والقرار رقم 2216، وتأكيده على أن خطة السلام تتمثل في الانسحاب من المدن وتسليم المليشيات الانقلابية للسلاح أولا، ثم يأتي البت في المسار السياسي وتشكيل حكومة وطنية.
السلام بالقوة
ويبدو أن المسار السياسي والحل السلمي لإنهاء أزمة الانقلاب في صنعاء لا تلقى ترحيبا بالشارع اليمني، الذي بات على قناعة بأن السلام يفرض بالقوة، وأن الحسم العسكري بات ضرورة لإنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية ومؤسسات الدولة.
ويعتقد المحلل السياسي فيصل علي أن الأمم المتحدة وولد الشيخ لا يستطيعان إقناع الحوثيين بتقديم تنازلات هامة كتسليم السلاح والانسحاب "إلى الكهوف التي خرجوا منها"، بمقابل الوعود بإشراكهم في الحكومة اليمنية.
وقال: إن "الأمم المتحدة تتعامل مع سياسة الأمر الواقع، لذا اعتبرت مليشيا جماعة الحوثيين طرفا سياسيا، مع أنها لا تحمل أي صفة سياسية تمكنها من المشاركة في الحكومة المقبلة، ولذلك تم اللجوء محليا لحزب صالح المؤتمر الشعبي العام الذي قبل أن يكون مطية للحوثيين، وشكل معهم مجلسا سياسيا".
وأضاف أن كيري وولد الشيخ ليس لديهما الرغبة في إنهاء معاناة الشعب اليمني بإدانة جماعة الحوثي بوضوح وحليفها حزب المؤتمر الشعبي الذي يمثل الحامل السياسي والاجتماعي والعسكري للحوثيين.
ورأى علي أنه "سيتعذر تطبيق أي اتفاق من أي نوع ما دام المتمردون الحوثيون وصالح يلقون رعاية من القوى الكبرى، وإذا أراد ولد الشيخ وكيري السلام الحقيقي في اليمن فعليهما دعم قوات الجيش الوطني لتحرير العاصمة صنعاء وتعز، ليتم بعدها تطبيق مقترحات السلام على أرض الواقع".
نموذج العراق
من جهته، اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان أنه لا تغيير في مواقف ولد الشيخ طالما أنه يصف الانقلاب بالأزمة السياسية والانقلابين بطرف في النزاع، فهو بذلك يخالف مرجعيات الأمم المتحدة ويتموضع مع إستراتيجية مصالح الدول الكبرى التي تريد إحلال الحوثيين بالحقل السياسي اليمني كطرف أصيل واستمرار صالح من خلال نجله أو منظومة حكمه السياسية والحزبية والعسكرية.
ورأى شمسان أن ثمة مخططا يراد لليمن باستنساخ النموذج العراقي، وأن تكون الجماعة الحوثية هي صانعة القرار من خلال سيطرتها على مفاصل الدولة عبر المليشيات غير الرسمية على شاكلة الحشد الشعبي في العراق.
وأكد أن "مشروع ولد الشيخ وأفكار كيري لا تحقق السلام الدائم في اليمن بل تؤجل الاحتراب وخلالها سيتم تثبيت النموذج العراقي، ولهذا على السلطة الشرعية ألا تذهب لمشاورات سياسية للتوقيع على اغتيال ذاتها والدولة اليمنية".