تقارير ووثائق

التعيينات... أزمة داخلية للشرعية والانقلابيين في اليمن

تثير قرارات التعيين في مناصب حكومية وإدارية بمؤسسات الدولة المختلفة في اليمن، انتقادات ضد الحكومة الشرعية التي فقدت السيطرة على مركز الدولة، وعلى جزء من مؤسساتها. كذلك تطاول الانتقادات السلطة الانقلابية العاملة خارج الشرعية، والتي توشك أن تعجز عن دفع الرواتب، الأمر الذي يهدد بانهيار كلي للاقتصاد بعد انهياره جزئياً خلال الحرب، كما ينذر بانتفاضة من قبل الموظفين بسبب مستحقاتهم المالية.

 

في هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة، أن "موجة التعيينات الصادرة من الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة الشرعية، لمسؤولين في مناصب ومواقع مختلفة، لم تتوقف، على الرغم من الانتقادات التي واجهتها في أوساط إعلامية وسياسية يمنية، تحدثت عن محسوبية وعمليات ترضية لأحزاب أو شخصيات تترافق مع صدور قرارات التعيين، وأغلبها غير معلن".

 

ووفقاً للمصادر، فقد شملت القرارات التي صدرت أخيراً وكلاء وزارات ومحافظات ومستشارين بمناصب ومواقع إدارية مختلفة، فضلاً عن تعيينات في السلك الدبلوماسي التي بدأت بالسفراء، وتوسعت إلى مستوى الملحقين بسفارات اليمن في الخارج، وبعض تلك التعيينات كانت في مناصب شاغرة، واختيرت فيها شخصيات لا يُثار حولها انتقادات، كما وزّعت مناصب كمكافآت، لشخصيات سياسية أو محسوبة على أطراف نافذة.

 

من جهة أخرى، تأتي الانتقادات في جانب الشرعية، لا للتعيينات بحدّ ذاتها، بل في توقيتها، إذ أن بعض من صدرت في حقهم قرارات تعيين، غير قادرين على ممارسة مهامهم، لوقوع المؤسسات التي عُيّنوا فيها، تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين).

 

على سبيل المثال، تعيين محافظ لصعدة (الواقعة تحت سيطرة الحوثي)، وكذلك تعيين العميد سمير عبدالله الصبري، قائدا لقوات الاحتياط، وهي تلك المعروفة بتسميتها السابقة "الحرس الجمهوري"، وتقع الغالبية منها تحت نفوذ الموالين للرئيس السابق علي عبدالله.

 

في المقابل، تشهد العاصمة صنعاء، أزمة صامتة بين الحوثيين وحزب صالح، على خلفية عدد كبير من التعيينات في مناصب ومواقع إدارية مختلفة بمؤسسات الدولة، أصدرها الحوثيون عبر ما يعرف ب"اللجنة الثورية العليا"، التي جرى حلها بموجب الاتفاق الموقع بين الشريكين ليتم تشكيل "المجلس السياسي"، كواجهة جديدة لسلطة الأمر الواقع بالمناصفة بين الحوثيين وحزب صالح.

 

ويُتهم الحوثيون بإصدار العشرات إلى مئات التعيينات أوصلتهم إلى مناصب مختلفة، الأمر الذي أثار اعتراضاً سواء من جانب الشرعية التي رأت أن من شأن ذلك "تلغيم" مؤسسات الدولة بالموالين للجماعة. وكذلك واجهت الخطوات انتقادات من الموظفين الأساسيين في الدولة، ومن المحسوبين على حزب المؤتمر، وطاولتهم القرارات بمواقع مختلفة، حتى أن أحد قيادات الحزب، وخلال جلسة للبرلمان عُقدت منتصف الشهر الماضي، وصف ما يجري من قبل الحوثيين بأنه "تصفية لموظفي الدولة".

 

كما تأتي التعيينات الحوثية، في ظل أزمة اقتصادية حادة تواجهها البلاد، وفي مقدمتها المؤسسات الحكومية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، والتي تأخرت في الشهرين الأخيرين عن دفع رواتب موظفين في مؤسسات مختلفة. ويحذر اقتصاديون من أن البنك المركزي الواقع تحت سيطرة الجماعة وحلفائها قد لا يستطيع دفع الرواتب في الأشهر المقبلة، بعد نضوب الاحتياطي النقدي، وكل ذلك، جعل الأزمة الاقتصادية من أبرز ما يقلق الانقلابيين، وبدأت معه أخيراً ملامح انتفاضة موظفين في مؤسسات الدولة، قد تتصاعد الفترة المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى