تقارير ووثائق

مخاوف من تطييف المناهج الدراسية باليمن

يعبِّر أولياء أمور الطلاب في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي عن تزايد مخاوفهم من صبغ العملية التعليمية بالصبغة الطائفية وربطها بالصراع الديني السياسي لاسيما بعد تصريحات حديثة صدرت من قيادات حوثية بضرورة عمل تغييرات في المناهج الدراسية.

 

قامت ما تسمى باللجنة الثورية العليا التابعة للحوثي بتوجيه قطاع المناهج بوزارة التربية والتعليم بضرورة العمل على تعديل مناهج المرحلة الأساسية، حين قال رئيس اللجنة، محمد علي الحوثي، في لقاء جمعه بقيادات وزارة التربية والتعليم، إن "المناهج الحالية قد تم فُرضها من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ضمن مؤامرة تستهدف الهوية اليمنية الإسلامية".

 

مشيراً إلى أن هذه المناهج قد سببت "تراجعاً ملموساً في الواقع التعليمي انعكس على مخرجات التعليم وقدرات الأجيال وارتباطها بهويتها ومجتمعها وقضاياها المصيرية".

 

وفي السياق، لا يخفي كثير من أولياء الأمور قلقهم من قيام جماعة الحوثي باجراء تعديلات في المناهج الدراسية ذات مدلولات طائفية. كان إبراهيم عبدالولي أحدهم، فهو يخشى أن يتم تغيير المناهج الدراسية بحيث تفرض عقائدهم الدينية والسياسية خدمةً لطرف سياسي أو طائفي معين.

 

يقول: "تابعت توجيهات محمد علي الحوثي لوزارة التربية والتعليم بخصوص تغيير المناهج، وأخشى أن يتم هذا التغيير، خاصة ونحن نعرف بأن جماعة الحوثي كانت قد غيّرت المناهج الدراسية للمدارس الموجودة في صعدة قبل سنوات، لتتحول تلك المدارس إلى أجهزة للتوجيه المعنوي مهمته تجييش الأطفال من أجل الحرب".

 

ووصف عبدالولي عملية تغيير المناهج الدراسية ب "بالكارثية"، مشيراً إلى أنها ستزيد من الاحتقان المجتمعي وتمزيق النسيج الاجتماعي الموحد وتخلق طائفية لم تعرفها اليمن من قبل.

 

يضيف: "منذ أن سيطرت جماعة الحوثي على المدن، بدأت الأصوات الطائفية تتعالى، وهذه أمور لم نكن نعرفها من قبل، كما أن أي إضافات للمناهج ذات طابع طائفي تعني القضاء على قيمة التعايش التي كانت تحكم اليمنيين في السابق".

 
وليست المناهج الدراسية فقط هي التي يخشى أولياء الأمور تعديلها، بل إنهم يشعرون بالقلق جراء قيام جماعة الحوثي بتوزيع ما تسمى ب "ملازم حسين بدر الدين الحوثي"، وهي أدبيات دينية سياسية طائفية ألفها مؤسس جماعة الحوثي. وتقوم الجماعة بتوزيعها على طلاب المدارس وحث الطلاب على قراءتها.

 

أم أمة الرحمن الزبيدي تؤكد أن ابنها عاد في أحد الأيام قبل أشهر بملازم وزعها مسلحون داخل إحدى مدارس العاصمة صنعاء، ليكون هذا مؤشراً مقلقاً بالنسبة لها من إمكانية الدفع بابنها الوحيد لمربع الخلافات الطائفية التي بدأت في أوساط الشباب واليافعين.

 

وتقول: "أرسلت ابني لدراسة العلوم التي تخدم المجتمع وليس لتعليمه المواضيع الخلافية الدينية والتي تقوده للتعصب والتطرف".وتضيف الزبيدي بأن عدداً من المدرسين والمدرسات يخرجون عن سياقات المناهج الدراسية المعتمدة من وزارة التربية والتعليم ويعملون على استغلال الحصص الدراسية وتعليم الطلاب مبادئ الجماعات الدينية المتطرفة". تواصل:"أشعر بالخوف على مستقبل ابني، وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً حيال ما يحدث كوني لا استطيع أن أخرجه من المدرسة وأحرص على أن يكمل تعليمه".

 

وانتشرت في مكاتب العاصمة صنعاء قصص أطفال تتحدث عن حياة وبطولات مؤسس جماعة الحوثي حسين بدر الدين الحوثي ليتم توزيعها على الأطفال في عدد من المدارس.

 

وقد نشأت الحركة الحوثية نشأة تعليمية للشباب المراهق، وكان الحوثي المؤسس يركز على توثيق محاضراته في أفلام فيديو وأوراق مطبوعة تسمى "ملازِم" ليوصلها أتباعه إلى باقي المناطق ومنها مدينة صنعاء. كانت بعض محاضراته تحث الشباب على رفض محتوى المناهج التعليمية ومنها ملزمته "خطورة المرحلة" وملزمة "مسؤولية آل البيت".

 

في سياق متصل، أكد القائم بأعمال وزير التربية والتعليم، عبد الله سالم لملس، بأن الوزارة أصدرت قرارا يقضي بإلغاء أي تعديلات تنفذها سلطة الحوثيين في صنعاء وتتصل بالمناهج الدراسية. مشيرا إلى أن الحوثيين أجبروا العاملين في وزارة التربية والتعليم على تشكيل لجان سرية تقوم حاليا بدراسة واقرار تنفيذ تعديلات في بعض المناهج الدراسية الخاصة بالصفوف الأربعة الأولى من المرحلة الأساسية والتي تطبع في العاصمة صنعاء.

 

وأضاف لملس، أن وزارته وجّهت مكاتب التربية والتعليم في المحافظات المحررة بتدريس المناهج التي طبعت قبل عام 2014 باعتبارها مناهج معتمدة ومقرة من لجان متخصصة ومن البرلمان وراعت كل المذاهب والمكونات اليمنية بلا استثناء.

 

وناشد لملس مدراء مكاتب التربية والتعليم في المحافظات المحررة بالعمل على "تنفيذ القرار المتخذ ورفض أي تعديلات مذهبية تمت في المناهج وتجنيب العملية التعليمية أي انقسامات إضافية تؤثر وتنعكس على التعايش في المجتمع اليمني".

 

وحث نائب الوزير أولياء الأمور على رفض أي أدبيات أو مقررات غير معتمدة من وزارة التربية والتعليم يتم تقديمها لأبنائهم والمسماة بملازم مؤسس جماعة الحوثي.

 

الجدير بالذكر أن عملية طباعة الكتاب المدرسي موزعة على ثلاث محافظات، الأولى في العاصمة صنعاء والتي يتم فيها طباعة المناهج الدراسية من الصف الأول أساسي حتى الرابع أساسي، والثاني في عدن ويتم طباعة المناهج الخاصة بالصف الخامس الأساسي حتى التاسع أساسي (ثالث اعدادي)، أما مطابع محافظة حضرموت فتطبع مناهج الصفوف الثانوية الثلاثة.

زر الذهاب إلى الأعلى