تقارير ووثائق

تباين يمني بشأن استهداف الحوثيين للمدمرة الأميركية

تباينت الآراء في اليمن بشأن استهداف مليشيا الحوثي للمدمرة الأميركية ماسون في البحر الأحمر خلال الأيام الماضية، فبينما اعتبر البعض أن الأمر لا يعدو كونه تمثيلية من الطرفين هدفها استدعاء أميركا للتدخل، وإيقاف خطة التحالف العربي في تحرير اليمن، يرى آخرون أنه لم يكن هناك أي استهداف للمدمرة الأميركية، وأن واشنطن لم تقدم دليلا على ذلك.

وقال الباحث والمحلل السياسي فيصل علي إنه لا يمكن الحديث عن المشهد اليمني بمعزل عن الأحداث في المنطقة عموما، فهناك تحرك دولي يقوم به الأميركيون وحلفاؤهم على مستوى الشرق الأوسط، من سوريا إلى الموصل إلى مضيق باب المندب، مرورا بالقاهرة.

واعتبر علي أن ما يقوم به الحوثيون والأميركيون ليس أكثر من مناورة في هذا السياق، كما أن اتهام الأميركيين للحوثيين بالوقوف وراء الهجوم، دون ذكر الرئيس السابق علي عبد الله صالح له دلالات تشير إلى توجيه رسالة إلى إيران، الراعي الرئيسي للحوثيين على حد قوله.

 

لغة غامضة
ويشير الباحث اليمني إلى أن لغة الخطاب الصادرة عن البنتاغون بشأن الحادثة غامضة وتدعو للريبة، فالحوثيون أنكروا عملية الاستهداف بشدة، الأمر الذي جعل البعض يرون أن هناك غزل بين الطرفين-على حد وصفه-، كما أن دعوة وزير الخارجية الأميركية جون كيري للسلام شاهدة على رغبة الأميركيين في إنقاذ حليفهم من النتيجة الحتمية للحرب التي يقوم بها التحالف العربي وفق تقديره.

ويرى علي أن إطلاق النار على المدمرة هو استدعاء للأميركيين ليهرعوا للتدخل وإيقاف خطة التحالف في تحرير اليمن وإطالة الحرب وتعميق جذور المشكلة اليمنية، متسائلا عن سر رغبة الأميركيين في السلام باليمن وهم الذين تركوا العراق وينظرون إلى سوريا وشعبها يُحرق من قبل نظام بشار وروسيا وإيران، على حد تعبيره.

بدوره، يرى المحلل السياسي عبد الوهاب الشرفي أن واشنطن لم تقدم دليلاً على ما تدعيه بشأن استهداف مدمرتها، كما أن روايتها مترددة وليست قطعية فيما يتعلق بتوجيه الاتهام للحوثيين، الذين نفوا بصورة قاطعة إطلاق أي صواريخ باتجاه المدمرة وأوضحوا أنها ليست في المياه الإقليمية اليمنية.
ويرى الشرفي هذا الادعاء ليس قويا بما فيه الكفاية لكون واشنطن نفسها شككت فيه مؤخراُ وعزت الأمر إلى خلل في رادار المدمرة قالت إنه قد يكون وراء تكرر الإنذارات التي قد تكون كاذبة.
ويؤكد أن هذا الادعاء هو إعلامي بدرجة رئيسية وليس عسكريا، والهدف الأول منه -وفق تصوره- هو صرف الانتباه عن المجزرة التي ارتُكبت بحق مجلس العزاء في العاصمة صنعاء، كان لها صدى واسع لدى الرأي العام الغربي والأميركي الأمر الذي استدعى تشتيت الانتباه بادعاء ضرب البارجة الأميركية ثم العودة عنه بعد انتهاء مهمة التشتيت بنجاح.
وبشأن دخول أميركا في الحرب باليمن، قال الشرفي إن أميركا داخلة في الحرب بصورة جوهرية من خلال دعمها اللوجستي للتحالف العربي بشكل رسمي ومعلن، أما مشاركتها في العمليات القتالية فهي أمر لا تحتاج أن تورط نفسها فيه.

 

تنسيق ثنائي
أما الخبير العسكري والباحث في النزاعات المسلحة علي الذهب، فيرى أن هناك تنسيقا واضحا ومستمرا بين الحوثيين والأميركيين، وتقف إلى جوار ذلك بريطانيا، من خلال موقفها "المتخاذل" الذي ساعد الحوثيين في الاستيلاء على السلطة، وهي من تسعى الآن إلى وقف فوري وغير مشروط لعمليات التحالف والجيش الوطني.
وقال إن هناك تصريحا لوزارة الدفاع الأميركية، قالت فيه إنه قد يكون هناك خللا في المنظومة الرادارية للمدمرة بين لها أن هناك تهديدا يستهدفها وعلى ضوء ذلك، أطلقت المدمرة صواريخها المضادة، لكن أهدافا عسكرية تعرضت لاستهداف أميركي في الحديدة، وقابل ذلك نفي حوثي بعدم وقوفهم وراء استهداف المدمرة.
وأشار إلى أن ذلك يفضح خبايا لعبة تحاك بين الطرفين لتحميل المسؤولية لطرف ثالث، أو ربما يكون ذلك للضغط على التحالف العربي لوقف الحرب أو فسح المجال للتدخل الأميركي الذي ستختلط معه الأوراق، وتتجه الحرب في اليمن اتجاهات أخرى، بعيدا عن غايات التحالف والجيش الوطني.

زر الذهاب إلى الأعلى