ترامب والعرب
قرأت مؤخراً كثير من الكتابات والمنشورات التي تتناول مسألة إنتخاب السيد دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية؛ ومعظمها كُتبت عن جهل وعاطفة.
الولايات المتحدة الأمريكية دولة مؤسسات. والحكم فيها يعتمد على تلك المؤسسات. دولة تعمل بجهد جماعي لا فردي. هناك ثوابت في سياستها الخارجية؛ وهناك متغيرات. الثوابت كدعمهم لوجود وأمن إسرائيل. والمتغير هو مايستجد من قضايا في طول العالم وعرضه.
شخصية الرئيس وبرنامجه الإنتخابي لهما تأثير واضح في السياسة الأمريكية. إلا أن ذلك التأثير يتم صياغته عبر الأقنية الدستورية وتحويل قناعات ووعود الرئيس إلى تشريعات وقوانين، يسعى لإستصدارها من الكونغرس.
وتظل شخصية الرئيس لها تأثير كبير في تنفيد القوانين وإدارة السياسة الخارجية للدولة.
جاء ترامب بحقيبة مليئة بوعود كثيرة وجريئة وجديدة والبعضِ منها عجيبة. إلا أن وعود الحملات الإنتخابية تصبح محكومة بالواقع لاحقاً.
ذلك الواقع الذي يفرضه ويغيره إطلاع الرئيس على المعلومات السرية والدقيقة؛ من الأجهزة الرسمية لكل القضايا في العالم.
بإعتقادي ستكون فترة السيد دونالد ترامب فرصة لتعزيز العلاقات العربية الأمريكية بأسس ثابتة وواضحة المعالم.
السيد باراك أوباما أمضى 8 أعوام في البيت الأبيض وهو محكوم وواقع تحت سياط حملات خصومه بسبب أسرته المسلمه، ولون بشرته وأصله الأفريقي والمهاجر حديثاً إلى أميركا. ولذا كانت فترته من الفترات السيئة بالنسبة للعرب. لأنه كان يتخذ قراراته وهو مآسور لتلك القناعات؛ وبالتالي كان يحاول أن يثبت طوال فترة حكمه عكس ماكان خصومه يتهموه به.
حسب تصوري؛ سيقضي السيد ترامب أول ليلة له بالبيت الأبيض وهو مهموم بكيفية نفي عنه تُهم العنصرية وكراهية العرب والمسلمين، وكراهية اللاجئين. ولذا ستكون فترته الرئاسية بناءه وواقعية. وسيسعى إلى تعزيز علاقة بلاده بالعرب وخصوصا الخليج؛ لما لذلك من أهمية في إستقرار المنطقة العربية وتأمين مصالح بلاده هناك. ولكبح خطر النهج الإيراني المدمر والمشاغب في المنطقة، كما يؤمن به السيد ترامب نفسه. إن وجود رئيس قوي وواضح وجريئ في البيت الأبيض يصب في صالح منطقتنا العربية المضطربة. نحتاج لشخص يدفع بحكامنا إلى تبني إصلاحات حقيقية داخلية؛ وإلى كابح جريئ لطموح جارة السوء؛ إيران.
السيدة هيلاري كلينتون لو فازت؛ كانت ستكون إمتداد لسياسة السيد بيل كلينتون الرئيس الأسبق للولايات المتحدة. ولو نتذكر؛ كانت فترة كلينتون في ظاهرها المرونة والهدوء إلا أنها كانت من أسوأ سنوات القتال والتدمير للعراق؛ ولدعم إسرائيل والإنحياز لها. ففي فترته مات من أطفال العراق أكثر من مليون طفل عراقي بفعل الحصار والتجويع لهم.
هناك من يتهم الولايات المتحدة والغرب عموماً بالتآمر علينا.
الصحيح أنهم لا يتآمروا علينا. هم فقط يعملون لصالح بلدانهم. وكثير من تلك المصالح بطبيعة الحال تتعارض مع مصالحنا وبالتالي ينحازوا لمصالحهم ضد مصالحنا. والصحيح أننا نحن من نعمل ضد مصالحنا. نحن من نتآمر على أنفسنا. نحن من ندمر أوطاننا ونقتل أهلنا بقضايا ومسائل تافهة.
تظل الولايات المتحدة الأمريكية دولة تسعى لتحقيق مصالحها بغض النظر عن الوسائل والأدوات والأخلاق. ومن الخطأ أن نظل مترقبين لشخصيات وبرامج وتصورات وسياسات الآخرين. يجب أن تكون لدى العرب سياسة إستراتيجية ومشروع عربي موحد. لضمان الأمن القومي العربي.
لا نظل تروس صغيرة ندور في مشاريع الدول المحيطة بنا والبعيدة.
دمتم بخير وأمن وأمان وسلم وسلام.