آراء

عن التواطؤ على إسقاط الدولة بحجة اسقاط هيمنة المركز

لا يصح أن تقول لي متبجحا بأنك ضد الحوثي لأنه "أسقط الدولة" طالما كنت ممن يعتقدون ان المشكلة هي "هيمنة المركز" وأن الحل يكمن في الخلاص من هذه الهيمنة التي لم تكن لتوجد وفقا لمنطق هؤلاء إلا من خلال البنى والهياكل والأدوات الدولتية التي كانت ممتدة على كامل اليمن قبل أن يعمد الحوثي ثم التحالف السعودي المضاد للحوثي إلى إسقاطها.

قصدي لا بد أن تبحث عن سبب آخر غير "إسقاط الدولة" لتبرير مناهضتك للحوثي. فمن الواضح أن ما فعله ويفعله الحوثي بالدولة يصب في نفس الاتجاه ويخدم نفس الغرض الذي ينشده هؤلاء المتشبعين بهذه الرغبة في الانعتاق من "هيمنة المركز المقدس" كهدف أساسي وحافز يستخدم للتعبئة والتجييش.

ورغم التباس هذه الفكرة وعدم وضوحها بما يكفي في أذهان المنادين بها إلا أنهم يعتبرونها وصفة سحرية ومدخل لمعالجة جميع المشكلات.

فإذا كان الحوثي قد "أسقط الدولة" كما يقول هؤلاء فأين الضير في هذا؟ لأن عمل كهذا يخدم نفس الهدف الذي تقولون أنكم تناضلون لتحقيقه وهو التحرر من هيمنة صنعاء ومحيطها وشمالها، النضال الذي ترفضون وأنتم تخوضونه التوقف كثيرا عند السؤال عما سيكون عليه شكل التركيب الجديد لليمن المحصن من الهيمنة المفترضة أو السؤال عما ان كانت عملية إعادة التركيب هذه ممكنة واقعيا من دون بعثرة اليمن إلى شظايا في ظل غياب قوة عليا ناظمة.

إضافة إلى ذلك، فما فعله الحوثي بالدولة يتكامل تماما من حيث النتيجة مع ما فعلته وتفعله السعودية ووكلاءها المحليين بالدولة، وغالبيتهم من أصحاب عقيدة الخلاص من هيمنة هذا "المركز" الشيطاني الذي يقولون أن البنى والأشكال الدولتية الناشئة للجمهورية اليمنية كانت مصاغة ومصممة بما يتلائم مع مصالحه ويحقق هيمنته على اليمن.

بالتالي ومن هذا المنظور فإن اسقاط الحوثي للدولة معناه تقويض وتفكيك الأداة التي لا يمكن بدونها أن يمارس المركز المفترض هيمنته، وهذا يعني أن عليكم أن تحمدوا الحوثي على صنيعه بالقدر نفسه الذي تحمدون به السعودية سواءا بسواء.

زر الذهاب إلى الأعلى