آراء

ياسين سعيد يكتب عن: فيدل كاسترو

توفي اليوم فيدل كاسترو زعيم الثورة الكوبية عن عمر ناهز التسعين عاماً . كاسترو اخر العمالقة الثوريين الاشتراكيين الذين غيروا وجه العالم بجعل الاشتراكية بمضامينها الاجتماعية وسيلة لأنسنة الأنظمة السياسة والاجتماعية بما فيها النظام الراسمالي العالمي الذي لم ينتصر في المعركة التاريخية الا بعد ان ادخل تعديلات جوهرية ذات طابع بنيوي على علاقات الانتاج ونظام العمل وحقوق الانسان على الصعيد الاجتماعي، وهي تعديلات أستمدها من النظام الاشتراكي الذي فشل بالمقابل من الاستفادة من مزايا االنظام الراسمالي على الصعيد السياسي وخاصة ما يخص الديمقراطية والتعددية السياسية، الامر الذي قلص فرص نموه وانتشاره كنظام قابل للحياة والبقاء.

 

لقد طغت الطبعة الستالينية على النظام الاشتراكي في صيغته الأيديولوجية التي اتسمت بالجمود على ما به من أفكار إنسانية عظيمة استفاد منها النظام الراسمالي في المعركة التاريخية التي انتهت بانهيار جدار برلين وسقوط الاتحاد السوفيتي.

 
صمدت كوبا بقيادة كاسترو بعد ذلك مدة عقدين من الزمن وأخذت بإصلاحات كبيرة لكنها ظلت محاصرة بالمد اليميني الهائل للمعارضة الكوبية التي تكونت برعاية الولايات المتحدة الأمريكية طوال مرحلة الصراع ، وكان كاسترو يدرك ان اي انفتاح سياسي عاجل سيؤدي إلى سحق تجربته الاجتماعية التي حققت للطبقات الفقيرة مكاسب ضخمة.

 

لا يمكن ان ننسى الخدمات الصحية الراقية التي قدمتها كوبا لليمن على مدى سنوات طويلة من التعاون المشترك ، ومن جامعات كوبا تخرج المئات من اليمنيين في مختلف مجالات الطب والهندسة والزراعة.

 

ولا أنسى لقائي به في مكتبه في هافانا عام١٩٨٤ وانا وزير للثروة السمكية. كان قد خرج لتوه من اجتماع لدول الكوميكون عقد يومها في كوبا. وكان جورباتشوف الزعيم السوفييتي قد وجه رسالة للمؤتمر فهم منها ان الاتحاد السوفيتي قادم على تغييرات جوهرية وان على أعضاء الكوميكون ان يعيدوا ترتيب اوضاعهم وفقاً لذلك.

 

كان يبدو عليه الهم من هذا التطور الخطير كما فسر يومذاك . في اللقاء تحدث بحيوية في موضوعات شتى ، تحدث عن انطباعه عن زيارته لعدن وشبهها في علاقتها بالبحر بمدينة إغريقية تنتظر نحاتاً ماهراًليصنع منها تحفة جميلة .. تحدث في معرض حديثه المركز عن أهمية الفكر الديني في الخطاب السياسي للقوى الثورية حيث قال انه من الخطأ اهمال الدين وتركه للآخرين، تحدث عن التاثير السلبي لنمط الانتاج الآسيوي وتخلف قوى الانتاج في توفير فرص الانتقال إلى الاشتراكية، تحدث عن توصل الكوبيين إلى طريقة رائعة في اصطياد اللوبستر وتصديره حياً إلى أوروبا عبر مستودعات ضخمة أقيمت لهذا الغرض في فرنسا ، تحدث عن أقفاص الاصطياد كخبير ماهر ، شكى من محاولة تدمير صناعة السكر في كوبا .. كان يتحدث ويدخن الكوهيبا السيجار الكوبي كمغرم بتلك الرائحة التي قال عنها ذات يوم ، عندما طلب منه الأطباء ان يوقف التدخين ، لا تستطيع رئتي ان تتخلى عن رائحة كوبا.

 

كاسترو صنع من كوبا دولة يعتز بها الكوبيون وكل المناضلين في العالم من اجل اقامة نظام عالمي عادل بعد ان كانت بمثابة ملهى ضخم للموسرين الأمريكيين وغيرهم من تجار المخدرات في دول أمريكا اللاتينية .

زر الذهاب إلى الأعلى