عدن الجريحة!
رحم الله كل ضحايا اللوث الفكري والقيّمي والعقائدي والسلالي والمناطقي في اليمن. رحم الله أبرياء الصولابان. معظم الناس شنوا حملات التقصير والإهمال على السلطة المحلية في عدن؛ وأنا أوافقهم إلى حدا ما.
فللأسف فإن محافظ عدن ومدير أمنها نشغلا بالعمل السياسي والإعلامي والعاطفي، ولم يستوعبا الفرق بين واجباتهما الرسمية اليوم وماكانا يمارساه من أنشطة شعبوية عاطفية بالأمس القريب.
إلا أنني أود أن أُنبه وأشير إلى أنه من الصعوبة بمكان وزمان السيطرة على شخص عازم على تفجير نفسه بين الناس، ولن يكون بمقدور أي قوة في الدنيا منع تلك الأجساد المفخخة والعقول الملوثة من تدمير نفسها ومن بمحيطها.
فقط بالتوعية وتجفيف منابع الشحن الديني المتطرف والملوث وبقطع قنوات تمويل قادة بؤر التطرف، وهدم مدارسهم ومكامن وبؤر ومخابئ تلك الجماعات المتطرفة، ومنع نشاطهم التعبوي والشحن والتلقين والتلغيم لجيل الشباب بأفكار هدامة. وبنزع فتائل الألغام وقنابل الموت عبر بمعالجة مسبباتها.
داء المناطقية في الجنوب لا يقل عن داء التطرف الديني بالمنطقة والسلالي في الشمال. فداء المناطقية أضر بالجنوب وقتل حاضر ومستقبل عدن. عدن التي كان لها أن تكون قبلة العالم اليوم. المناطقية تقتل شعوب بأكملها، وهذا الداء ليس بإقل مرارة من داء اللوث الفكري والسلالي. الأمر يحتاج لجهود الجميع وليس فقط لجهود اللواء عيدروس واللواء شلال.
سنوات طويلة ومعظم قادة ونُخب الجنوب يمارسون الشحن والتعبئة العشوائية للشارع الجنوبي بالكراهية والبغضاء وبسيل من الأكاذيب والقصص المغلوطة، حتى خلقوا جيلاً متطرفاً فكرياً وعقائدياً ومناطقياً. اليوم جاءت الفرصة التاريخية لحل القضية الجنوبية بما يلبي رغبات المواطن الجنوبي؛ إلا أن الساحة التي حرثوها بالإمس ليست صالحة للزرع اليوم.
اليوم صاروا عاجزين عن تفريغ ذلك الشحن المناطقي من عقول الشباب في الجنوب. وهكذا تستمر عجلة العبث وتجريف الوطن وتشريد أبناءه. اليوم الجميع مطالب بالوقوف صفاً واحداً لمواجهة مشروع إيران في المنطقة، كأولوية لحماية المنطقة برمتها. بوجود دولة المواطنة في اليمن، نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً في الطريق إلى المنطقة الآمنة والمستقرة.
عندها فقط نتجه إلى تعبيد ملعباً سياسياً يستوعب طموح الجنوب وحقوق الشمال، وبأسس ودراسات علمية وواقعية، وبعيداً عن الحلول الترقيعية والمفصلة على زمان ومكان وحجم وطول صُناع تلك الحلول. حفظ الله اليمن وأهلها الكرام.