[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

3 أعوام على مخرجات الحوار: ولادة قيصرية للأقاليم

صادف 25 يناير/كانون الثاني، الذكرى الثالثة لاختتام أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي انعقد في اليمن على مدى ما يقرب من عشرة أشهر، وخرج بحزمة من المقررات، كان أبرزها مشروع الدولة الاتحادية، الذي تحول إلى أحد أسباب الانقلاب.

 

لكن اليمن بعد ثلاثة أعوام، يبدو أكثر تقبلاً للاتحادية، بعد أن أصبحت العديد من الأقاليم مولودة على أرض الواقع، على هامش الحرب التي شهدتها البلاد، ولا تزال.

 

واعتبر الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في مقالة كتبها، في إحدى الصحف الحكومية الرسمية أول من أمس، أن 25 يناير يعد "المناسبة الأغلى" التي يتذكرها اليمنيون، وفيها "أنجزوا أهم وثيقة كتبها الإنسان اليمني عبر التاريخ الحديث"، في إشارة إلى وثيقة الحوار الوطني. وأضاف أنها "المرة الأولى التي يقرر فيها اليمنيون، باسم الشعب، نظامهم الجديد، خارج الوصاية الخارجية أو الهيمنة الداخلية لمراكز النفوذ، سواء كانت باسم السلالة أو العائلة أو الجهة".

 

وفي تلميح إلى الانقلاب الذي قامت به جماعة أنصار الله (الحوثيين) والرئيس السابق، علي عبدالله صالح، قال هادي إنه ما إن خرجت مخرجات الحوار "إلى العلن، إلا وخرجت الأفاعي من جحورها، مستشعرة أن الإجماع اليمني سينزع عنها الغطاء الذي تدثرت به عبر العقود الأخيرة، تارة باسم الثورة وتارة باسم الدين وأخرى بادعاء الوطنية".

 

وأشار إلى أن "مخرجات الحوار الوطني أدركت بعمق أن الإقصاء والتهميش والاستئثار بالسلطة والثروة والمحسوبية والمناطقية كلها أمراض قاتلة للشعب وللتنمية وللحكم والدولة، ولذلك بنت أحكامها في شكل الدولة وصورة النظام السياسي بما يمنع هذه الأمراض، ويحقق التنمية ويزيد معدلات الإنتاج".

 

وكان مؤتمر الحوار الوطني بمثابة المحطة الأهم في المرحلة الانتقالية في اليمن، بعد انتقال السلطة إلى هادي في 21 فبراير/شباط 2012، إثر الثورة التي أطاحت بسلفه علي عبدالله صالح، إذ انطلق مؤتمر الحوار في 18 مارس/آذار 2013، بمشاركة 565 عضواً، يمثلون أبرز الأحزاب والقوى السياسية في البلاد، وأهمها المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، والاشتراكي اليمني، والتنظيم الناصري، والرشاد السلفي، ومن القوى الفاعلة، الحراك الجنوبي، وجماعة أنصار الله، على أن يكون أساس انتماء 50 في المائة من المشاركين من المحافظات الجنوبية.

 

وجرى توزيع المشاركين على تسع فرق عمل، منها دستورية وقانونية وحقوقية والقضية الجنوبية وقضية صعدة. وتواصل انعقاد المؤتمر، تحت إشراف دولي من المبعوث السابق جمال بن عمر، على مدى عشرة أشهر، في فندق موفنبيك في العاصمة اليمنية صنعاء.

 

وفي 25 يناير 2014، شهدت صنعاء حفلاً ختامياً بإعلان وثيقة الحوار الوطني، بحضور عربي ودولي، وخرج المؤتمر بنحو ألفين من المقررات والتوصيات توزعت بين موجهات دستورية وقانونية ومعالجات، كان أبرزها قرار تحويل البلاد من نظام الدولة البسيطة السائد إلى نظام الدولة الاتحادية (الفدرالية)، وجرى فيها توزيع محافظات اليمن، البالغ عددها 22 محافظة، إلى ستة أقاليم: حضرموت وعدن جنوباً، والجند وآزال وتهامة وسبأ شمالاً. ومن أهم المخرجات التمديد لهادي، الذي كان من المقرر أن تنتهي فترته الرئاسية الانتقالية في 21 فبراير/شباط 2014، وإقرار مبدأ المناصفة في المناصب القيادية بين الشمال والجنوب إلى حين إتمام الفترة الانتقالية.
وفي الفترة التي تلت اختتام مؤتمر الحوار، شرعت لجنة متخصصة بإعداد دستور لليمن الاتحادي، بناء على مخرجات الحوار. وبدأ الحوثيون، الذين كانوا يسيطرون على محافظة صعدة شمالي البلاد، بالتوسع شرقاً وجنوبا نحو العاصمة صنعاء، وسيطروا على محافظة عمران في يوليو/تموز بعد معارك لأشهر، ثم تقدموا باتجاه العاصمة بالتحالف مع صالح وحزبه، الذي كان يسعى للإطاحة بخصومه في ثورة فبراير/شباط 2011، لتسيطر المليشيات على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014. وفي يناير/كانون الثاني 2015، اكتمل الانقلاب، بعد وصول مسودة دستور الدولة الاتحادية، إذ جرى اقتحام مقر الرئاسة من قبل المسلحين الموالين لصالح والحوثيين، وأُجبر هادي على الاستقالة في 22 يناير نفسه، لكنه تراجع عن الاستقالة بعد أن تمكن من الإفلات من الإقامة الجبرية ومغادرة صنعاء إلى عدن في 21 فبراير 2015، لتتجه الأمور إلى الحرب، باجتياح الانقلابيين عدن ومغادرة هادي، وبدء العمليات العسكرية للتحالف، بقيادة السعودية.

 

وفي العديد من التصريحات، يعتبر هادي أن الانقلاب كان يستهدف أساساً مشروع الدولة الاتحادية من قبل مراكز النفوذ، وفي مقدمتها سلفه صالح، الذي يجاهر برفضه لمخرجات الحوار ويعتبر أن الاتحادية مشروع لتقسيم البلاد.

 

ويرد المسؤولون في الشرعية على ذلك باعتبار أن الرفض مصدره الخوف على فقدان المصالح والنفوذ في مختلف محافظات البلاد. وفي كل الأحوال، أعادت الحرب تموضع مراكز القوى في البلاد، بحيث أصبح الجنوب، الذي تم توزيعه بمخرجات الحوار إلى إقليمي عدن وحضرموت، أقرب ما يكون لتطبيق نظام الأقاليم، باعتبارهما أصبحا تحت سيطرة الشرعية، التي تتبنى مشروع الاتحادية. وأصبح غالبية المسؤولين والقوات العسكرية والأمنية المنتشرة في هذه المحافظات، من أبنائها.

 

وفي الشمال ينقسم الوضع حالياً بين مركزين أساسيين، مع استمرار الحرب على العديد من الجبهات. المركز الأول هو صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون وحلفاؤهم، والآخر هو مأرب الواقعة تحت سيطرة القوى الشمالية المؤيدة للشرعية، وهي بالتقسيم الفدرالي الخاص بالأقاليم مركز إقليم سبأ، الذي يضم إلى جانبها محافظتي البيضاء والجوف، فيما يواجه تشكل إقليمي تهامة، ومركزه الحديدة، والجند، ومركزه تعز، تعقيدات الحرب المستمرة وسيطرة الانقلابيين على غالبية المناطق في تلك الأجزاء.

زر الذهاب إلى الأعلى