حتى لا تبقى المعركة مجرد موقف: من الهجرة واللاجئين
بعد قرارات ترامب يدخل العالم في سجال يتسم بالتحدي حول مستقبل الأمن الدولي والحريات وحقوق الإنسان والتعايش وغيرها من القيم المشتركة التي حاصرت العنف والحروب وجعلتها مجرد معروضات على هامش الحياة في بلدان خصصت لهذا الغرض وقبلت هذا التخصيص اللئيم.
اطراف هذا السجال هي من ناحية يمين متطرف يتمدد ويتوسع على نطاق واسع بعد ان حول الدين إلى دوغما والقومية إلى عنصرية، وأخذ يعيد تعبئة العالم بأدوات انعزالية وإقصائية وتمييزية، وراح يوفر على نحو مخيف مناخات المواجهة والتطرف ليس مع الجانب الاخر من معادلة السجال فحسب وإنما داخل مكوناته ايضاً وعلى نحو اكثر خطورة، حيث يجري توظيف الدين والثقافات والاصول العرقية والدم لتحريك الكراهية التي افضت عبر التاريخ إلى حروب كونية مدمرة.
ومن ناحية اخرى هناك قوى ديمقراطية وسلام واسعة توفرت لها شروط تاريخية لضبط مسار العلاقات البشرية وإقامة قواعد تنظم إيقاعات هذه المسارات، وتشكل الجسم الحي الذي يعول عليه في مواصلة حماية العالم من الانجراف نحو الدمار، غير انها لم تستطع ان تستكمل حلقات حماية هذا المشروع الانساني الكبير بإصلاحات كونيةهامة، وتوقفت عند حماية نظامها الاقتصادي الراسمالي ومصالحها الخاصة، وعلى الرغم من التغيرات الكبيرة والهائلة التي حدثت في معادله الاجتماعي على الصعيد الدخلي الا انها حافظت على فجوات هائلة في التطور بين مراكز وأطراف هذا النظام.. مراكز متطورة وأطراف فقيرة!!!
لا تستطيع القوى الديمقراطية والسلام مواجهة متطلبات عناصر هذه المعركة التاريخية الكونية الا بإصلاحات عميقة في نظامها الاقتصادي والسياسي على الصعيد الكوني.. حينها فقط تستطيع ان تحشد العالم المتطلع إلى السلام والعدل في معركتها وذلك بأن لا تبقي المسألة مجرد قبول بالهجرة وموافقة على استقبال اللاجئين وما يصدر عنها من رفض لقرارات انعزالية وعنصرية تصدر من هنا أو هناك.
لا بد من العمل على ردم الفجوة بين الفقر والغنى على الصعيد العالمي والتي تتجذر في نظام رأسمالي لا يرحم يظل معه الحديث عن السلام والتعايش مجرد ثرثرة.