عام دراسي دون كتب في اليمن
وتبدو أم أحمد -وهي أم لثلاثة طلاب أحدهم في المرحلة الثانوية- في مهمة صعبة لتأمين جميع كتب أولادها الدراسية، في ظل أزمة انعدام الكتاب المدرسي في اليمن الذي يعيش على وقع أزمات سياسية وعسكرية تمددت آثارها إلى العملية التعليمية.
تقول أم أحمد إنها وجدت نفسها مضطرة لتحمل عناء البحث عن الكتاب المدرسي في الأسواق من أجل مستقبل أطفالها، وتضيف "أن كل ما حصلت عليه هو نسخ مصورة، وهناك بعض الكتب لا تزال غير موجودة".
وتشكو وزارة التربية والتعليم اليمنية في عدن من أزمة كبيرة في توفير الكتاب المدرسي لمختلف المراحل الدراسية منذ بدأ العام الدراسي الحالي، وهو ما خلق سوقا سوداء لبيع الكتب، حيث استغل كثير من الباعة هذه الأزمة لينشروا بسطات بيع الكتب في العديد من الأسواق.
أزمة مالية
ونتيجة لذلك وصل سعر الكتاب الواحد في حده الأدنى إلى 400 ريال (نحو دولار ونصف) في السوق السوداء، وتصل تكلفة المقرر كاملا إلى نحو ألفي ريال للطالب الواحد.
ويعزو وزير التربية والتعليم بعدن عبد الله سالم لملس ندرة الكتاب المدرسي إلى عدم وجود موازنة، فالوزارة بحاجة إلى شراء كمية كبيرة من الورق والأحبار وأدوات أخرى خاصة بالطباعة تقدر بنحو 14 مليار ريال، لتتمكن من طباعة الكتب المدرسية لجميع المدارس اليمنية.
وقال الوزير إن جميع موارد الدولة كانت في العامين الماضية تذهب لصالح الانقلابين وتسخر في المجهود الحربي على حساب مشاريع التنمية والخدمات بما ذلك طباعة الكتاب المدرسي، لكن بعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن أصبحت هناك مؤشرات على وجود موازنة للحكومة الشرعية في المرحلة القادمة.
وتابع، أن وزارته وقعت قبل أيام عقدا مع مؤسسة المطابع المدرسية بكلفة 14 مليار ريال، تكفلت الحكومة اليمنية بدفع 20% منها، و"نسعى حاليا لدى بعض المنظمات المانحة للبحث عن تمويل الـ80% المتبقية من قيمة العقد، لنتمكن من طباعة الكتاب المدرسي للعام الدراسي القادم، مما يعني أننا لن نقوم بأي طباعة هذا العام".
وإلى جانب ندرة الكتاب المدرسي، يشكل قيام جماعة الحوثي بإجراء تعديلات على بعض الكتب المدرسية أزمة أخرى، خاصة مع وصول بعض هذه الكتب إلى عدن.
تبديل مناهج
وقالت مديرة إدارة المناهج بمكتب التربية والتعليم بعدن جميلة العسيري، إن "جماعة الحوثي تسعى إلى تغيير المناهج الدراسية بشكل تدريجي بما يتلاءم مع الفكر الحوثي الطائفي، وإن وزارة التربية في الحكومة الشرعية بعدن وجهت جميع مكاتب التربية في المحافظات الخاضعة لسيطرتها بمنع توزيع أي كتب معدلة".
وأوضحت، أنه جرى خلال العام الماضي إيقاف توزيع كتاب مدرسي من هذا النوع وصل إلى عدن، وهو كتاب مادة اللغة العربية للصف التاسع بعد تعديل أجراه الحوثيون على رواية استشهاد أمير المومنيين علي بن أبي طالب.
وبينما أكدت المسؤولة أن مشكلة شح الكتب في اليمن ليست وليدة اليوم بل تعود لسنوات، وأنها تعدّ هذا العام هي الأسوأ؛ حذر خبراء في مجال التربية والتعليم من الانعكاسات السلبية لهذه الأزمة على مستوى التحصيل العلمي لطلاب المدراس والخطة الدراسية للمنهج.
ويرى الموجه التربوي في مكتب التربية بعدن غازي الحيدري -وهو مدير مدرسة أهلية- أن هذا التأثير يختلف وفقا لغياب الكتاب ولأهميته.
وقال للجزيرة نت "لمسنا بوضوح خلال عملنا في الميدان التربوي والتعليمي أن الأمر يسبب ضعفا في التحصيل التراكمي للتلاميذ، ويقل أثره لدى الطلاب في المستويات العليا".
وأكد الحيدري أن الأزمة الاقتصادية الخانقة لا تسعف الغالبية العظمى من أهالي الطلاب لتصوير الكتاب المدرسي فضلا عن شرائه من السوق السوداء، كون سعر الكتاب الواحد يصل إلى أربعمئة ريال كحد أدنى لبعض الكتب، فيما بعضها معدوم تماما".