[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

قاعدة اليمن في مواجهة تصعيد عسكري أمريكي غير مسبوق

وسعت الإدارة الأمريكية من حربها على تنظيم القاعدة في اليمن، فبعد أسابيع من عملية إنزال جوي في محافظة البيضاء وسط البلاد أسفرت عن مقتل العشرات بينهم مدنيون، كان التنظيم، الخميس، عُرضة لسلسلة هجمات جوية في ثلاث محافظات يمنية متفرقة.

وهذه هي الموجة العسكرية الثانية في عهد الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، والتي يراها مراقبون بأنها مؤشر على "بداية حرب واسعة" ضد التنظيم المصنف بأنه الأخطر في شبه جزيرة العرب.

وشنت مقاتلات أمريكية، الخميس، أكثر من 20 غارة على مواقع التنظيم في محافظات، البيضاء(وسط) وأبين(جنوب)، وشبوة، شرقي البلاد، وخلافا للعملية السابقة، لم تسفر جميع العمليات عن سقوط ضحايا مدنيين.

ووفقا لمصادر، فقد أسفرت الضربات عن مقتل 5 من عناصر القاعدة بغارة لطائرة أمريكية بدون طيار في منطقة "المزرعة"، ببلدة "الوضيع" التابعة لمديرية "مودية" في محافظة أبين، فيما قتل 3 عناصر آخرين، بغارة مماثلة، استهدفت منزلهم في محافظة شبوة.

كما استهدفت الغارات، مركز تدريب لمقاتلي القاعدة في "جبل نوفان" ببلدة "قيفة" في مديرية رداع، بمحافظة البيضاء، ومنزل القيادي البارز في القاعدة، عبد الإله الذهب، الذي نجا من العملية السابقة التي سقط فيها شقيقاه "عبد الرؤوف وسلطان الذهب"، لكن الغارة أخطأت المنزل، ولم تسفر عن سقوط ضحايا، وفقا للمصادر.

وتواصلت الغارات الجوية العنيفة التي بدأت ليل الأربعاء والخميس، فجر اليوم الجمعة، حيث شن الجيش الأمريكي عشرات الغارات على مواقع مفترضة للقاعدة في البيضاء وشبوة.

واستهدفت غارات شبوة وادي الصعيد ومطارح آل عاطف التي ينتمي لها سعد بن عاطف، أمير القاعدة في المدينة.

ولم تعرف على الفور حصيلة لتلك الغارات لكن مصدر محلي استبعد، أن تكون الضربات قد نجحت في قتل عاطف كون المطارح قد تم إخلاؤها سابقا.

موجة التصعيد الأخيرة، سبقها عمليات استخبارية طويلة منذ العملية الأخيرة بمحافظة البيضاء، ووفقا لسكان محليون، فقد نفذت طائرات بدون طيار حملات تحليق مستمرة في سماء محافظتي البيضاء وأبين.

وعلى الرغم من ملامح التصعيد الأمريكي التي زادت وتيرتها منذ تولي "ترامب" مقاليد الرئاسة في الولايات المتحدة، إلا أن تنظيم القاعدة هو الآخر يحشد المزيد من المقاتلين والسلاح، ووفقا لمصادر عسكرية، فقد استولى التنظيم على ثلاث شاحنات سلاح تابعة للجيش اليمني، ونقلها إلى جبل "عكد" في لودر بمحافظة أبين.

وتضاربت الأنباء حول حدوث إنزال جوي جديد للقوات الأمريكية في "أبين"، ففي حين ذكرت مصادر محلية حدوث الإنزال الجوي، قالت مصادر عسكرية يمنية، إن الإنزال كان بحريا عبر بارجات أمريكية ترابط قبالة سواحل أبين، لكن البنتاغون تحدث فقط عن 20 غارة، دون التطرق لأي عملية انزال.

وقال المتحدث بإسم البنتاغون، جيف ديفيس، إن الضربات، استخدمت فيها ذخائر دقيقة التوجيه، ونفذت بمشاركة الحكومة اليمنية التي طالبت عقب عملية البيضاء ب"التنسيق المسبق" معها، لتحاشي سقوط ضحايا مدنيين.

المسؤول الأمريكي، أشار أيضا إلى أن الضربات" ستقلص قدرة التنظيم على تنسيق هجمات إرهابية بالخارج وتحد من قدرته على استخدام الأراضي التي سيطر عليها من الحكومة الشرعية في اليمن كمكان آمن للتخطيط لأعمال إرهابية".

ويبدو أن الإدارة الأمريكية فضلّت في الجولة الثانية من التصعيد عدم المجازفة بمعركة برية، وخصوصا بعد مقتل عسكري أمريكي في المعركة السابقة مع القاعدة في بلدة "يكلا" بالبيضاء، والتي قوبلت بتنديد محلي لسقوط أحد أفراد قوات التدخل السريع، بالإضافة إلى سقوط عدد من المدنيين بينهم أطفال ونساء.

وجاء التصعيد الجديد في أعقاب حديث للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكونغرس، الأربعاء، قال فيه إن هجوم البيضاء أسفر عن الحصول على "معلومات مخابراتية قيّمة ستؤدي إلى مزيد من الانتصارات في المستقبل"، حسب تعبيره.

ويرى الصحفي المتخصص في شؤون القاعدة، عبدالرزاق الجمل، إن الإدارة الأمريكية ربما أرادت من العملية الجديدة، أن تضع حدا للحديث الدائر حول فشل العملية السابقة بالبيضاء، وذلك من خلال انجاز ملموس في عملية مماثلة.

وقال الجمل "يبدو أن عملية الإنزال الثانية فشلت أيضا، لكن فشلها لن يحول محل جدل كبير في أمريكا مادام أنها لم تُحدث أي خسائر بشرية في صفوفهم".

وتتزامن الحرب على القاعدة، مع حرب موازية يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية على الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح منذ قرابة عامين، والتي أسفرت عن تدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستويات قياسية، ودخول أكثر من 18 مليون يمني تحت خط الفقر، ونزوح نحو 3 ملايين نسمة، وفقا للأمم المتحدة.

وفيما يذهب مراقبون إلى ضرورة مواجهة تنظيم القاعدة والقضاء عليه كقوة تهدد وجود الحكومة الشرعية في المحافظات المحررة من الحوثيين جنوبي البلاد، يرى آخرون أن إشعال حرب أخرى سيؤدي إلى مزيد من تعقيد الأوضاع.

وقال الكاتب والمحلل السياسي اليمني "عبدالباري، من الواضح أن اتجاه الإدارة الأمريكية الجديدة يصب في خانة تصعيد الحرب ضد القاعدة باليمن، لكن التعويل على الحسم العسكري في بلد يعيش حالة حرب، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانهيار".

وأضاف طاهر بالقول "اليمن مركز رئيسي للقاعدة، والقاعدة موجودة ولديها تحالفات، لكن المعالجة بالقوة العسكرية، هدفه إطالة أمد الحرب ضد التنظيمات المتطرفة(..) البلد بحاجة إلى حل سياسي ومصالحة وطنية، ثم معالجة الأوضاع المجتمعية ومحاربة الإرهاب".

ويعتقد "طاهر"، أن تصعيد الحرب على القاعدة وتنفيذ معارك برية للقوات الأمريكية، سيزيد من قوة "القاعدة"، بدليل التجربة الأمريكية في افغانستان والعراق، وسيدفع بمزيد من التعاطف في بيئة قابلة للاشتعال والتطرف.

وعلى الرغم من أن 20 غارة جوية، الخميس، لم تنجح سوى في ارداء نحو 10 من عناصر القاعدة، إلا أن الإدارة الأمريكية في طريقها لتوسيع هذه الحرب، وحماية مصالحها في المقام الأول، رغم حرص البنتاغون الحديث عن مساحات غير خاضعة للسلطات الحكومية أصبحت في يد التنظيم.

وقال البنتاغون في بيان، اطلعت عليه الأناضول، "ستستمر قوات الولايات المتحدة بالعمل مع الحكومة اليمنية لهزيمة القاعدة وحرمانها من القدرة على تنفيذ عمليات إرهابية في اليمن"، لافتا إلى أن التنظيم استغل مساحات غير خاضعة للسلطة في اليمن لرسم وتوجيه وإلهام الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة وحلفائها".

زر الذهاب إلى الأعلى