تعدّ فكرة إنشاء ملاعب رياضية في دولة أنهكتها الصراعات والحروب، فكرة مثيرة ومشوقة، وتحمل بوادر الأمل لبلد يعاني التخلف الرياضي في شتى الألعاب خلال السنوات الأخيرة.
وحسب وكالة أنباء الأناضول، تسعى الحكومة اليمنية لتضميد جراحها الرياضية بإنشاء ملاعب أولمبية بمواصفات دولية في مناطق تسيطر عليها، بعيدًا عن جماعة أنصار الله الحوثي "الحوثيين"، في محاولة لإنعاش الرياضة وإعادتها إلى الواجهة والتخفيف من آلام الحرب وما أسفرت عنه.
وأدّت الحرب الدائرة التي تشهدها اليمن منذ نحو عامين، إلى إلحاق أضرار بالغة بقطاع الرياضة والشباب على صعيد الملاعب والمنشآت، حيث دمّرت الحرب معظم الاستادات الأولمبية والملاعب والصالات المغطاة في البلاد سواء تلك التي تتبع الأندية، أو وزارة الشباب والرياضة، إثر تعرضها لقصف طرفي الحرب، وطائرات التحالف العربي (المساند للشرعية في اليمن) لـ"استخدامها كمخازن للأسلحة من قبل الحوثيين".
ونتيجة للحرب وما تخلّفه من مآسي، فقد خسرت اليمن، أفضل الملاعب التي أنشأتها الدولة قبيل استضافة البلاد لبطولة كأس الخليج العربي في نسختها الـ20 عام 2010 لأول مرة في تاريخها، وكانت تمثل بارقة أمل لتطوير القطاع الرياضي.
وتنوي السلطات في اليمن إنشاء ملعبين أولمبيين بمواصفات دولية، في كلٍ من محافظتي مأرب (شرق)، وستاد أولمبي دولي في مديرية سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (جنوب شرق)، وهي المرة الأولى التي ستمتلك فيها المنطقتان ملاعب رياضية حديثة.
وكتوجه نحو معالجة آثار الحرب في المناطق التي استعادت الحكومة اليمنية السيطرة عليها من مسلحي الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح، استأنف مكتب الشباب والرياضة في مأرب، العمل بتنفيذ أول ملعب رياضي لكرة القدم في المحافظة.
وقال مدير مكتب الشباب والرياضة في مأرب "علي حشوان" إن الحكومة والسلطة المحلية في المحافظة أقرّت عودة العمل في ملعب مأرب ومعالجة الصعوبات التي أدت إلى توقف المشروع، واستكمال العمل فيه بدءًا من الأسبوع الجاري.
وأوضح حشوان أن "المشروع يتكون من ملعب لكرة القدم وفق المواصفات الأولمبية، ومدرجات للجمهور متوسطة الارتفاع تتسع لـ5 ألف متفرج، وأرضية بالعشب الصناعي، إضافة إلى مقصورة رئيسية لكبار الضيوف مع صالة استقبال خلفية، وغرف وأماكن للإعلاميين".
هذا إلى جانب غرف اللاعبين والحكام وصالات الإحماء وغرف فحص المنشطات ومخازن وغرف للأمن ومخارج الطوارئ والملحقات الأخرى ومواقف للسيارات، بحسب المسؤول اليمني.
أشار حشوان أن التكلفة التقديرية للمشروع وفق المناقصة التي أعلنت عام 2013، تبلغ 260 مليون ريال يمني (مليون و50 ألف دولار)، وسيتم اعتماد مبلغ 20 مليون ريال يمني (نحو 80 ألف دولار) إضافية لتغطية فارق انخفاض العملة.
وبحسب مدير مكتب الشباب والرياضة، فإن المشروع الذي سينفذ على ثلاث مراحل، سيصبح جاهزًا خلال 9 أشهر، وأكد أهمية إنشاء الملعب الذي يعد الأول من نوعه في المحافظة، آملًا أن يسهم في النهوض بالقطاع الرياضي وتشجيع الشباب وتحفيزهم للاتجاه إلى الرياضة وتنمية مواهبهم.
كما كشف حشوان عن موافقة السلطة المحلية بمأرب مؤخرًا، على اعتماد مشروع إنشاء مضمار سباق للفروسية والهجن ملحقًا به مركز بيطرة ومقصورة ومدرجات خفيفة. ولفت إلى أن مكتبه بصدد الانتهاء من إعداد الدراسات النهائية للمشروع الأول أيضًا من نوعه في المحافظة التي تملك تاريخًا في هذا الجانب.
أمّا في مديرية سيئون التابعة لمحافظة حضرموت، فقد عاودت الأعمال الإنشائية نشاطها في مشروع ستاد سيئون الأولمبي الذي توقف لسنوات طويلة جراء الأحداث التي شهدتها اليمن خلال السنوات الماضية.
المشروع الذي بدأ العمل فيه عام 2002، يعد أحد المشاريع الرياضية الضخمة بمحافظة حضرموت، تم التوقف عن العمل فيه بعد إنجاز نحو 70% من المرحلة الأولى له، وشملت أعمال الهياكل الخرسانية والصرف الصحي وأرضية الملعب وواجهات المباني.
ويتسع الاستاد لـ25 ألف متفرج، مجهزًا بمضمار سباق أولمبي وملحقات متعددة الاستخدام بمواصفات دولية، وتقدر كلفته الإجمالية حوالي 302 مليون ريال (نحو مليون و200 ألف دولار) عند بدايته ويقع على مساحة 35000 متر مربع.
واستأنفت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت الأسبوع الماضي، العمل في المشروع الخاص بتجهيز سور الاستاد والبوابات المؤدية إلى ملحقاته وأرضية الملعب وغرف اللاعبين ودورات المياه وغيرها.
وقال يوسف عمر باسنبل، نائب مدير مكتب الشباب بمديرية دوعن، إن إنشاء ستاد سيئون الدولي سيشكل إضافة نوعية للرياضة في محافظة حضرموت خاصة والوطن بوجه العموم.
وأوضح باسنبل في حديثه للأناضول، أن الاستاد سيستضيف مختلف البطولات الرياضية الأولمبية ومباريات كرة القدم التي لا يجد الرياضيون ومكتب الشباب المكان لإقامتها.
وأضاف "كنا نقيم بطولة المحافظة على ملعب الشهيد جواس الذي لا يستوعب حضور كافة الجماهير الرياضية، فيما الاستاد الجديد سيحفز الجميع على إقامة مختلف البطولات الرياضية وتطوير مسابقاتها".
وتمنّى نائب مدير مكتب الشباب أن يشهد افتتاح ستاد سيؤن الأولمبي، بوادر انتشال الواقع الرياضي الصعب في محافظة حضرموت وتحسين المستوى الكروي لأندية تمتلك الكثير من المواهب التي ستسهم المنشآت النموذجية في تطوير قدراتها.