[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

حرب اليمن بعد عامين: حصيلة إنسانية كارثية

يُعتبر اليمن من أفقر البلدان العربية ويواجه أزمة اقتصادية مزمنة منذ عقود. لكن الحرب المستمرة منذ عامين، أتت لتفاقم هذه الأزمة ولتنقل البلاد إلى حافة الكارثة. والوضع مأساوي إلى درجة أن اليمن بات يستحوذ منذ أشهر قليلة على اهتمام طارئ من قبل المنظمات الدولية التي لا تتوقف عن التحذير من خطر مجاعة تهدد ما يقارب سبعة ملايين يمني، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.
ومنذ الأشهر الأولى للحرب، التي تصاعدت مع اجتياح مسلحي جماعة أنصارالله (الحوثيين) للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، ثم مع بدء التدخل العسكري لـ"التحالف العربي" بقيادة السعودية في 26 مارس/ آذار 2015، تدهور الوضع الإنساني إلى مستويات كارثية. وانقسمت البلاد بين محافظات يسيطر عليها الانقلابيون، وتخضع لحصار جوي وبري وبحري (باستثناء ميناء الحديدة التجاري)، ومحافظات تسيطر عليها الحكومة الشرعية والمجموعات المحلية والمسلحة المناهضة للحوثيين، ومناطق حرب مباشرة تعرضت لدمار واسع في البنية التحتية.
وعلى أثر ذلك، شهدت البلاد موجة نزوح داخلي لما يقارب ثلاثة ملايين من المواطنين الذين عاد بعضهم في وقت لاحق. وأغلقت أعداد كبيرة من الشركات والمصالح الحكومية والخاصة أبوابها في العديد من المدن الرئيسية، أو تضررت بصورة أو بأخرى. وأدى ذلك إلى فقدان الآلاف لوظائفهم ومصادر دخلهم. هكذا، تدهورت الأوضاع المعيشية لنسبة كبيرة من المواطنين الذين انتقلوا من طبقة متوسطة الدخل أو المستقرة نسبياً، إلى فئة محدودي الدخل والفقراء، خصوصاً مع طول فترة الحرب.

وبلغ التدهور الإنساني أوجه، مع وصول المؤسسات الحكومية التي يسيطر عليها الحوثيون، في أغسطس/ آب الماضي، إلى مرحلة العجز عن دفع رواتب الموظفين الحكوميين الذين يزيد عددهم عن مليون شخص. وأقرت الحكومة الشرعية في سبتمبر/ أيلول 2016، نقْل المصرف المركزي اليمني إلى عدن بعدما كان تحت سيطرة الانقلابيين في صنعاء. وتعهدت الحكومة بدفع المرتبات، إلا أنها وحتى اليوم، لم تلتزم بالوعود التي قطعتها في ما يخص المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وتشترط توجيه الموارد إلى عدن لكي يتسنى لها دفع المرتبات.

ووفقاً لأحدث الإحصائيات المعلنة من قبل الأمم المتحدة، قتل 4773 مدنياً وأصيب 8272 آخرون خلال المواجهات. وفيما تتحدث التقارير الأممية عن مقتل ما يقارب هذا العدد من المقاتلين، تفيد مصادر مطلعة، بأن الحصيلة تفوق هذه الأرقام، وأن هناك عشرات الآلاف من القتلى (30 إلى 50 ألفاً وفق التقديرات المتفاوتة)، معظمهم من الحوثيين وحلفائهم. وسبب ارتفاع حصيلة الضحايا من جانب الانقلابيين، يعود لكونهم يخوضون المواجهات دون غطاء جوي ويتعرضون لغارات جوية مباشرة، لكنهم لا يكشفون عن أعداد ضحاياهم من المقاتلين.

وتظهر الإحصائيات الرسمية تبايناً في الأرقام المعلنة من قبل الأطراف. وقد أعلن الحوثيون عبْر وزارة الصحة العامة والسكان التي يسيطرون عليها في صنعاء، يوم السبت الماضي، أن عدد ضحايا الحرب أو ما وصفوه ب"العدوان"، خلال عامين، الذين وصلوا إلى المستشفيات، بلغ 30 ألفاً و676 قتيلاً وجريحاً ومعوقاً، وأن عدد القتلى يقدر بـ9175 شخصاً. لكن هذه الحصيلة لا تشمل أعداد المقاتلين في الغالب وتنحصر بمناطق سيطرة الحوثيين.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أعلنت وزارة الصحة والسكان في الحكومة الشرعية مقتل وإصابة 38 ألف مدني على أيدي من وصفتهم بمليشيات الحوثيين و الرئيس السابق علي عبدالله صالح الانقلابية، بينهم 11 ألف قتيل و27 ألف جريح، مشيرة إلى أن الحصيلة تتعلق بأرقام ضحايا سقطوا بين الأول من يناير/ كانون الثاني 2015 وحتى الشهر نفسه من العام 2017 (أي خلال عامين). وبالإضافة إلى هذه الأرقام، تقول مصادر الشرعية إن هناك الآلاف من المعتقلين في سجون الحوثيين، بينهم مسؤولون، فشلت مختلف الجهود السياسية في إطلاق سراحهم.
الجدير ذكره أن الوضع الإنساني بات العنوان الأبرز للوضع في اليمن، في الأشهر الأخيرة، بعد أزمة المرتبات على نحو خاص، إذ إن ما يزيد عن 18.8 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينهم 10.3 ملايين ذوي احتياجات خاصة. وهناك 17 مليوناً لا يستطيعون الحصول على تغذية بشكل كافٍ، منهم سبعة ملايين مهددون بالمجاعة. وهناك وفقاً لتقارير الأمم المتحدة ما يقارب 14.8 مليوناً من اليمنيين لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية الكافية.

دمار واسع
وتعرضت الآلاف من المنشآت والمنازل والبنى التحتية لدمار واسع، جراء الحرب خلال العامين الماضيين، خصوصاً في مناطق المواجهات المباشرة بين قوات الشرعية من جهة، ومليشيات الحوثيين وحلفائهم الموالين لصالح من جهة أخرى، في أكثر من محافظة، أبرزها تعز والمناطق القريبة من الحدود السعودية، بمحافظتي صعدة وحجة، وجبهات المواجهات الموزعة على محافظات متفرقة بالبلاد. وتتبادل الأطراف الاتهامات بالمسؤولية عن استهداف منشآت عامة وحيوية وباستخدامها لأغراض عسكرية عرّضتها للاستهداف.

وبصورة إجمالية، لا تزال الإحصائيات المرتبطة بالحرب الدائرة في اليمن والتي تصاعدت منذ عامين، تخضع للتباينات التي تعكس الانقسام السياسي والعسكري والاتهامات المتبادلة، في حين لم تتوفر إحصائية شاملة بهذا الصدد من قبل جهة مستقلة، وهو الأمر الذي يتعذر، في المرحلة الحالية على الأقل، بسبب استمرار الحرب. إلا أن الأرقام والبيانات والشواهد المتوفرة تشير إلى حصيلة ثقيلة على مختلف المستويات

زر الذهاب إلى الأعلى