آراء

المخلفات عدوان آخر.. رحم الله الشهيد هلال

 *حسين عبدالقادر هلال

بعد انتهاء اللجنة المكلفة بالعمل على إزالة كل المظاهر المسلحة من العاصمة صنعاء في العام 2011 التي كان الوالد الشهيد عبدالقادر هلال (رحمة الله عليه) عضوا فيها، في ذلك الظرف الصعب تم صدور قرار بتعيينه أمينا للعاصمة صنعاء.

كانت العاصمة آنذاك كبقية المحافظات مرهقة ومثقله بالمشاكل الجمة وكان على رأس تلك المشاكل إضراب عمال النظافة وكان سقف مطالبهم مرتفع جدا، متمثل في المطالبة بتوظيفهم رسميا وزيادات في المرتبات والحقوق، وكل ذلك كان يعتبر في ظل أحداث 2011 من الأمور الطبيعية.

كانت مشكلة النظافة الملف الأول الذي أولها الشهيد جل اهتمامه وحرص على حلها وبالفعل بعون الله ثم بتعاون الرجال المخلصة استطاع تجاوزها وإيجاد حلول لها في فترة وجيزة.

ولأن النظافة العنوان الأول لأداء أي حكومة ولأمانة العاصمة كما كان يردد الشهيد، كان جدوله اليومي يبدأ بالتعقيب المستمر والنزول الميداني المفاجئ، أما في الأعياد فقد يجعل دوامه مستمر من قبل يوم العيد بيوم أو يومين ليستمر حتى ظهر يوم العيد.

بالمقابل كانت شريحة عمال النظافة والذي أطلق عليهم أسم مهندسي النظافة كان لها اهتمام ورعاية خاصة من قبل الشهيد تقديراً لجهودهم ولإخلاصهم و لإيمانه بأنهم يؤدون رسالة عظيمة ويضحون بالكثير من أجل صحتنا وكان دوما يقف ويميل إلى جانبهم ويسعى لتحقيق مطالبهم منها توفير المزيد من المعدات والملابس والوقاية أثناء تأدية أعمالهم إضافة إلى التأمين الصحي وتأمين الحياة وهذا واجبة.

وعلى الرغم من ذلك أعلنت نقابة عمال النظافة أكثر من مرة عن إضرابات بسبب تأخر صرف حقوقهم واستطاع بالعلاقة الصادقة معهم إلغاء العديد منها، أتذكر أن البعض حصل بل وتزامن اغلبها قبل حلول شهر رمضان المبارك وعيد الفطر وعيد الأضحى منها ما حصل خلال العدوان، ولطالما كانت تستغل مثل الإضرابات والأحداث من بعض الجهات السياسية بالداخل والقلقة على مصالحها الشخصية و الحزبية الضيقة جدا من مركز ومقام الشهيد الإداري والسياسي الوسطي، ومقارعته للخطاء والفساد في العلن، لتقوم باستغلال تلك الأحداث مستخدمة أبواق إعلامية مشتراة رخيصة القيم والقيمة، لشن حملات إعلامية منظمة فيها من القبح والبذاءة ما لا يقبله أي عاقل.

رغم كل ذلك كان الشهيد رحمة الله يقول بيقين وإخلاص سأتحمل كل ذلك لله وللوطن فأي عاقل لن ينجر لهكذا سخافات في مثل هذا الوضع الصعب الذي يعيشه الوطن، وكان يمنعنا نحن أفراد أسرته عن أي ردة فعل جراء تلك الحملات الدنيئة بحزم وقوة تجعلنا نقف كالعاجزين، قائلاً: تحملوا هذا قدركم فالوطن اكبر من الأشخاص.. ها نحن نرى اليوم تلك الأبواق الرخيصة ومن يقف ورائها تفتضح دناءتها وارتزاقها يوما بعد آخر وستنال المزيد بالتأكيد مستقبلاً.

في الأوضاع الطبيعية دائما يأتي تجاوب الحكومة بطيء، فكيف والبلد تعيش حرب، أتذكر وهذا أصبح من التاريخ ان الشهيد في الإضرابين الأخيرين اللذان تزامنا مع عيد الفطر و الأضحى الماضيين نتيجة عدم تجاوب الحكومة السريع أمامها، قام باقتراض مبلغ رواتب عمال النظافة من احد التجار بصفة شخصية كي يحل الإشكال ويمنع حدوث كارثة بيئية وصحية.

ما أريد القول، أن التنظير والكلام يكون سهل جداً، أما القيام بحل مشكلة في إطار الروتين الحكومي والتباطؤ العجيب وعدم التجاوب في حل القضايا من بعض القيادات الحكومية يجعل هكذا مشكلة صعبة.

لذا لا يجب إلقاء اللوم على أمانة العاصمة وقيادتها بل يجب الاصطفاف بجانبها لإيجاد حلول، فقيادة الأمانة على رأسها الأستاذ أمين جمعان ستستطيع انتزاع حقوق عمال النظافة وصرف مرتباتهم، ومعها حقوق جميع سكان العاصمة في منع حدوث أي كارثة بيئية وصحية لا سمح الله، سوى بحل يأتي من الحكومة أو من غيرها من الحلول، فالأستاذ أمين من أسرة تجارية و لدية تواصل مع بقية التجار أيضا لدية خبرة واسعة بالأمانة في التعامل مع هكذا مشاكل خصوصاً في ظل الوضع الاستثنائي الذي نعيشه والذي لا يعد يحتمل حدوث كارثة صحية و بيئية خصوصا مع انتشار مرض الكوليرا وهو ما يجب أن تستوعبه الحكومة فحل كارثة أو كارثتين، أسهل و اخف من كوارث تتلاحق.

رحم الله الشهيد عبدالقادر هلال كان يقول دائما (المخلفات اخطر من العدوان) لإيمانه أن الأمن البيئي جزء من امن البلاد.

حفظ الله اليمن وأهله ووحد كلمتهم و وفقهم إلى ما فيه الخير والسداد.

نجل أمين العاصمة السابق.

زر الذهاب إلى الأعلى