[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

الكوليرا لا تؤثر في يوميات اليمنيين

بالرغم من حالة الخوف التي يعيشها اليمنيون جراء تفشي مرض الكوليرا، إلاّ أنّ حياة السكان تسير بشكل طبيعي. لم يتغير شيء، فالأسواق ممتلئة بالباعة والمتسوقين، ومجالس القات مكتظة ب "المُخزنين"، والأطفال يلعبون أمام منازلهم في الأحياء والشوارع كالعادة.

في هذا الإطار، يؤكد عبد الولي سميح، أنّه يمارس حياته بشكل طبيعي بالرغم من حالة القلق التي يعيشها مثل بقية اليمنيين. يقول: "أصيب اثنان من أقربائي بالمرض، لكنّ هذا لم يدفعنا إلى تغيير نمط حياتنا خوفاً من انتقاله إلينا. فأنا أزور أصدقائي بعد الإفطار، وبعضهم أصيب بالمرض وتعافى منه". يشير إلى أنّه يحرص على النظافة وبهذا يتجاوز مسببات الإصابة بالمرض. ويضيف أنّ الأسواق تكتظ يومياً بالناس، ولا يوجد ما يشير إلى أنّ المرض تسبب في إخافة اليمنيين ومنعهم من التسوق وشراء حاجياتهم "إلا أنّ كثيراً من الناس لم يعودوا قادرين على الشراء بسبب عدم تسلمهم الرواتب منذ أشهر. تراجع الناس عن شراء الخضار والفواكه بالرغم من أنّ شهر رمضان موسم بيعها، وليس ذلك لأنّها أهم مسببات انتقال المرض بل لأنّهم لا يملكون المال".

 

كذلك، بالنسبة لأم عبد السلام الحميدي، فالمرض لم يمنعها من مشاركة صديقاتها السمر في ليالي رمضان، لكنّها تحرص على تعقيم كلّ ما حولها. تقول: "أغلي ملابسي بالماء واستخدم المنظفات كما أستخدم سائل تعقيم اليدين دائماً فهو يقلل من فرص الإصابة بأيّ مرض وليس الكوليرا فقط، ولهذا ألتقي بصديقاتي وأنا مطمئنة". تشير إلى أنّ ملامسة ملابسها أي شيء قد تكون فيه جرثومة الكوليرا قد يتسبب في نقل العدوى.

لا يتخذ سكان المناطق النائية عادة مثل هذه الاحتياطات، بل يمارسون حياتهم بشكل طبيعي معتمدين على الحظ في تجنيبهم المرض. من هؤلاء الحاج صالح هزاع في ريف محافظة المحويت (غرب)، فهو يؤمن أنّ المرض "قضاء وقدر" ولن يصيبه إلا إذا أراد الله ذلك، بحسب قوله. يضيف: "أتكل على الله، فلماذا أخاف من المرض وأتخذ إجراءات وقائية تكلفني مالاً أنا في حاجة إليه كي أوفر الغذاء لأفراد أسرتي؟". يشير إلى أنه يمارس حياته بشكل طبيعي ويلفت إلى أنّ وسائل الإعلام والأطباء يهوّلون من المرض. يواصل: "آكل الخضار والفواكه وأذهب إلى دكاني في السوق يومياً وأصافح الزبائن ولم يحدث لي شيء.. الله هو الحفيظ".

في هذا الإطار، يشير الناشط الحقوقي عبد الإله محمد إلى "سوء فهم واسع لطبيعة الإصابة بالكوليرا، ومن ذلك أن ينكر البعض إمكانية الإصابة باللمس". يضيف: "نعم، من المحتمل الإصابة من خلال لمس جسم المريض أو ملابسه، لذلك ينصح الأطباء بالوقاية عبر تعقيم جميع المواد الملوثة بالغلي مثل الملابس والشراشف وغيرها". يلفت إلى أنّ جميع المواد التي تلامس مرضى الكوليرا ينبغي أن تعقّم عن طريق الغسيل في ماء ساخن باستخدام الكلور المبيض إذا كان ذلك ممكناً. يوضح محمد أنّ التوعية الإعلامية في هذا المجال ضعيفة، ولهذا يمارس الناس كثيراً من الأنشطة التي يحتمل من خلالها انتقال المرض.

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت الأربعاء الماضي عن ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن مرض الكوليرا في اليمن إلى 532 منذ 27 أبريل/ نيسان الماضي. وقالت إنّه جرى تسجيل أكثر من 65 ألفاً و300 حالة اشتباه بمرض الكوليرا، وقد جرى رصد هذه الحالات في 253 منطقة في اليمن.

بدورها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إنّ عدد الحالات المبلغ عنها لإصابات محتملة بالكوليرا في اليمن تجاوز 55 ألف حالة، واصفة هذا الارتفاع بعدد المصابين ب "غير المسبوق". وطالبت المنظمة بالمسارعة إلى وقف النزاع الدائر في البلاد التي تعاني أصلاً من جراء ارتفاع معدلات سوء التغذية. وأشارت إلى أنّ كثيراً من المصابين بالمرض من الأطفال.

في السياق نفسه، أكد صندوق الأمم المتحدة للسكان، أنّ الكوليرا تهدد حياة مليونٍ و100 ألف امرأة حامل مصابة بسوء التغذية في اليمن. وقال مدير صندوق الأمم المتحدة للسكان للمنطقة العربية لؤي شبانة إنّ "هؤلاء النساء يحتجن إلى رعاية فورية وخدمات الصحة الإنجابية". وأضاف: "النساء الحوامل والمرضعات اللواتي يعانين من سوء التغذية هن أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا وخطر النزيف والتعرض للمضاعفات والموت أثناء الولادة".

وكان الوضع الإنساني في اليمن قد تفاقم بالترافق مع سنوات الحرب وقبلها سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014.

 

زر الذهاب إلى الأعلى