[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

مطاعم من دون رقابة في صنعاء

كثيرة هي المطاعم في صنعاء، لكنّ قليلة هي التي تلتزم بالمواصفات والمعايير الصحية المفروضة. وهذا ما يسلّم به يمنيون كثيرون يرتادون مطاعم المدينة التي تنهكها الحرب منذ سنوات. محمد اليمني من هؤلاء، وهو موظف في إحدى مؤسسات القطاع الخاص أصيب مرّات عدّة بتسمّم غذائي من جرّاء تناوله مأكولات ملوّثة خارج منزله.

وبحسب اليمني، يضطر إلى تناول وجبات مختلفة في المطاعم القريبة من مقرّ عمله، على الرغم من أنّه يدرك الأضرار التي قد تنجم عن ذلك. ويقول: "منزلي بعيد جداً عن مقرّ عملي حيث أبقى خلال الفترتَين الصباحية والمسائية. لذا أضطر إلى تناول وجبة الغداء في المطاعم والكافتيريات المجاورة، خلال الاستراحة". ويشير إلى أنّ لديه "تجارب مريرة مع الأغذية الملوّثة. فقد أصبت في أكثر من مرّة بتسمم غذائي. وفي إحدى المرات، وجدت ضمادة جروح في الأرز الذي كنت أتناوله. يبدو أنّها سقطت سهواً من يد الطاهي المجروحة إلى قدر الطبخ مباشرة". يضيف: "أيقنت حينها أنّ لا أمانة ولا ضمير عند الطباخين، لأنّهم لا يحرصون على نظافة الوجبات التي يقدمونها للزبائن وسلامتها".

أحمد المدولي طالب في جامعة صنعاء، سقط كذلك ضحية المطاعم التي تخرق القوانين والضوابط التي تلزم العاملين فيها بالنظافة الشخصية والنظافة العامة، لا سيّما أثناء تحضير الوجبات وتقديمها للزبائن. يخبر "العربي الجديد" أنّه يتناول معظم وجباته اليومية في المطاعم والكافتيريات "على الرغم من أنّني أرى كيف يعدّ العاملون فيها الطعام في أماكن غير صحية وعدم اهتمامهم بالنظافة. لكنّني لا أملك خياراً آخر. فهي تبيع وجباتها بأسعار أقلّ من سواها". ويلفت المدولي إلى أنّه أصيب بتسمم غذائي حاد من جرّاء تناول شاورما قبل أيام، مضيفاً أنّ "كل اليمنيين يعرفون أنّ مطاعم كثيرة في صنعاء لا تلتزم بضوابط النظافة لعدم وجود رقابة من قبل وزارة الصحة أو البلدية، لكنّ الأمر لا يمنعنا من تناول الوجبات فيها ولكل شخص دوافعه".

 

في السياق، يتحدث الطبيب ياسر البريهي عن معاينته حالات مرضية كثيرة أصيبت بتسمم غذائي خلال الأشهر الماضية من جرّاء تناول أطعمة فاسدة أو ملوّثة. ويقول ل "العربي الجديد" إنّ "بكتيريا ضارة تتكوّن في الأطعمة غير النظيفة وتنتقل إلى من يتناولها، فتسبّب له نزلات معوية تستلزم من المريض ما بين ستّ ساعات ويومين حتى يشعر بها". ويشير إلى أنّ الأعراض تكون من قبيل "الشعور بالغثيان والقيء وآلام في البطن والإسهال، بالتوازي مع ارتفاع في حرارة الجسم. وفي بعض الأحيان، من الممكن أن يؤدّي التسمم الغذائي إلى الوفاة".

ويحمّل البريهي الجهات الصحية المعنية بنظافة المأكولات وصحتها وسلامة أماكن تحضيرها، مسؤولية ذلك، متهماً إياها بالتقصير في مسؤولياتها الرقابية. ويؤكد أنّ "ثمّة ضعفاً في الرقابة على المطاعم ومطابخ تحضير الطعام، في حين لا يُمنَع تحضير الأطعمة في أماكن مكشوفة أو أخرى من دون تهوئة". يضيف أنّ "العاملين في المطاعم لا يخضعون لفحوصات طبية للتأكد من سلامتهم وخلوّهم من الأمراض".

من جهته، يحاول الناشط في مجال حماية المستهلك عمر اليوسفي ورفاقه في الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، التعريف بأضرار تناول الوجبات السريعة التي تُطهى في أماكن مفتوحة. فهو ينشط في إطار فرق شبابية تعمل بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة مثل وزارة التجارة والصناعة والبلدية في أمانة العاصمة وكذلك مع منظمات المجتمع المدني "من أجل التوعية حول ضرورة نظافة أماكن إعداد المأكولات وتحضيرها في ظروف صحية تحافظ على سلامة المستهلكين". ويحذّر اليوسفي وزملاؤه من "تناول الأطعمة الجاهزة ما لم تُعَدّ في ظروف صحية مناسبة. ومن هذه المأكولات الشاورما والفلافل ومختلف المشاوي وفي مقدمتها الدجاج والأسماك وغيرها من الأطعمة المعرّضة لخطر التلوّث. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "القائمين على محال إعداد الطعام يتحمّلون القدر الأكبر من المسؤولية تجاه المستهلك، وهي مسؤولية أخلاقية. ولا يمكن إعفاؤهم من تلك المسؤولية، لا سيّما مع انتشار الأمراض على خلفية الأوضاع الإنسانية المتردية التي أنتجتها الحرب".

ويدعو اليوسفي وزارة الصحة والبلدية "للقيام بحملات تفتيش دورية أو مفاجئة للاطلاع على ما يحدث في المطاعم وكيف تُعَدّ الأطعمة للمواطنين، والتأكد من التزامها بشروط الصحة الغذائية، من قبيل استعمال القفازات عند لمس الأطعمة ووضع غطاء للشعر والتخلص يومياً من الأطعمة التي لم تبع وعدم خلط الأطعمة المتعفنة مع الطازجة بالإضافة إلى التخلص من الأطعمة التي تبدّل لونها أو طعمها أو رائحتها".

زر الذهاب إلى الأعلى