يقف اليمني شكيب عمر (35 عاماً) أمام منزله وهو يستمع لإرشادات الوقاية من وباء الكوليرا، بعد يومين من إعلان منظمات دولية ومحلية إطلاق أضخم حملة توعوية في البلاد لمواجهة هذا المرض، الذي قتل في غضون أربعة أشهر نحو ألفي شخص وأصاب أكثر من نصف مليون.
وعلى بعد أمتار من منزله الواقع في حي العيدروس بضاحية بلدة كريتر (أعتق بلدة بمدينة عدن)، تتجول سيارة محمّلة بمكبرات الصوت في شوارع وأحياء البلدة، لتحث السكان على التفاعل مع فرق التوعية التي تتنقل بين الحارات والأزقة السكنية من منزل إلى آخر.
وعمر أحدُ المستفيدين من حملات التوعية التي أعلنت وزارة الصحة في اليمن- بدعم من اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية- الثلاثاء الماضي إطلاقها على نطاق واسع، وهي تستهدف نحو ثلاثة ملايين منزل في جميع المحافظات اليمنية بهدف السيطرة على هذا المرض الذي يجتاح البلاد.
يقول عمر بحسب موقع الجزيرة نت، "للوقاية من المرض يجب علينا طبخ الطعام جيداً قبل تناوله، وشرب الماء النقي وغسل أيدينا كثيراً"، ويضيف "حصلت أيضاً -إلى جانب الإرشادات- على مطوية صحية وأدوات نظافة من فريق التوعية الذي يقوم أعضاؤه بعمل جيد، لكنه لا يكفي للوقاية من المرض".
وتعد مطوية التثقيف الصحي إحدى الوسائل التي تستخدمها فرق حملات التوعية في المنازل، وهي تحمل عنوان "'احمِ نفسك وأهلك من الكوليرا"، وتحوي بين صفحاتها كل ما يتعلق بوباء الكوليرا من الإرشادات حول أسباب انتقال المرض والوقاية والعلاج منه.
والكوليرا مرض شديد العدوى ويسبب الإسهال الشديد، مما قد يؤدي إلى الجفاف السريع، وإذا ترك دون علاج فإنه يمكن أن يقتل.
تلوث
والكوليرا مرض شائع في الأماكن التي تعاني سوء الصرف الصحي والازدحام، والحرب، وهو ناتج عن تناول طعام أو مياه شرب ملوثة بجرثومة المرض.
وتعتبر هذه الحملة التي تدعمها اليونيسيف الأولى من نوعها في مجال التوعية بمكافحة وباء الكوليرا، ويشارك فيها نحو 71 ألف عامل صحي ومتطوع تم تدريبهم وتأهيلهم لهذه المهمة، بالإضافة إلى إشراك قادة المجتمع ورجال الدين للإسهام في إنجاح الحملة.
وبحسب منسقة التثقيف والإعلام الصحي في عدن نعمة سالم مرتع، فإن الرسائل الرئيسية للحملة هي التعريف بأسباب مرض الكوليرا وأعراضه ومصادر العدوى وطرق الوقاية منه، وكذلك كيفية تحضير محلول الإرواء -أملاح الإماهة الفموية- في المنزل لعلاج المريض حتى قبل وصوله إلى المرافق الصحية.
وقالت نعمة للجزيرة نت "نستخدم لإيصال هذه الرسائل فرق التوعية من خلال استهداف الأسر داخل منازلها ومدها بمحلول الإرواء، وأيضا مادة الكلور الخاصة بتطهير المياه، وأدوات النظافة، ومنشورات التوعية، إضافة إلى الاستعانة بخطباء المساجد والمعلمين ووسائل الإعلام لحشد المواطنين للإسهام في مكافحة الوباء".
مؤشرات إيجابية
بدوره أكد وكيل وزارة الصحة اليمنية لقطاع الرعاية الأولية علي الوليدي أن الحملة تستهدف عموم محافظات البلاد، مشيراً إلى أن بعض المحافظات التي تأخرت في مواكبة التدشين الثلاثاء الماضي يجري التحضير لإطلاق حملات التوعية فيها خلال الأيام القادمة.
وحول مدى إمكانية نجاح هذه الحملة في ظل الحرب التي تعصف بالبلاد، قال الوليدي للجزيرة نت إن المؤشرات الأولية إيجابية، وجميع الحالات المرضية التي وصلت إلى المراكز الصحية في اليومين الماضيين هي حالات خفيفة ومتوسطة ولم يتم تسجيل حالات الإسهال الحاد والخطير.
وأضاف أن "حملات التوعية تأتي بعد خروجنا من طور توفير الأدوية والمستلزمات الطبية وفتح المراكز وهي مرحلة ثانية نخرج فيها من طور العلاج إلى طور الوقاية، وهناك مؤشرات تحسن كبير في معدلات التعافي من الإسهال، وتراجع عدد حالات الوفيات خلال الأسبوعين الماضيين".