الأزمة السياسية والاحتراف الخارجي.. طريق سوريا إلى المونديال
تعيش كرة القدم السورية على مستوى المنتخب الأول، طفرة حقيقية بعد وصوله لمراحل متقدمة في مشوار التأهل عن قارة آسيا لكأس العالم بروسيا 2018، وعلى عكس التوقعات تمكن من حجز موقعًا له في الملحق الآسيوي رغم مجموعته الصعبة في المرحلة الأخيرة لتصفيات المونديال.
وحسب وكالة الأناضول، تمكنت سوريا من احتلال المركز الثالث في المجموعة الأولى برصيد 13 نقطة خلف إيران المتصدرة وكوريا الجنوبية صاحبة المركز الثاني.
وتخوض سوريا مواجهتين فاصلتين في الملحق الآسيوي أمام أستراليا غدًا الخميس و10 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، قبل أن يتأهل الفائز منهما لملحق الفيفا والخطوة الأخيرة للمونديال.
المنتخب السوري الذي لعب في المجموعة الأولى بالتصفيات النهائية إلى جوار إيران وكوريا الجنوبية وأوزبكستان والصين وقطر، نجح في أن يكون منافسًا قويًا وشرسًا ما مكنّه من احتلال المركز الثالث.
وفي ظل وجود إيران التي حسمت التأهل للمونديال مبكرًا أشعلت سوريا المنافسة مع كوريا الجنوبية وأوزبكستان على المقعد الثاني المؤهل للمونديال مباشرة أيضًا والمقعد الثالث بالمجموعة المؤهل للملحق الآسيوي.
وكانت سوريا قاب قوسين أو أدنى من التأهل المباشر للعرس العالمي إلا أنها تعادلت في الجولة الأخيرة خارج أرضها مع إيران بهدفين لكل منهما، وهي النتيجة التي منحت المركز الثاني وبطاقة المونديال لكوريا الجنوبية، وكان الفوز في طهران لو تحقق، كفيلًا بتحقيق الحلم لأول مرة في تاريخها.
سوريا التي لعبت مبارياتها في ماليزيا بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية في البلاد، كانت منافسًا فوق العادة، حيث تمكنت من تحقيق الفوز في ثلاث مباريات، واحدة أمام الصين على ملعب الأخير، ومباراتان أمام أوزبكستان وقطر في ماليزيا.
وتعادلت أربع مباريات بالمجموعة في ماليزيا مع كوريا الجنوبية وإيران والصين، وخارج ملعبها مع إيران، وهو المنتخب الوحيد الذي فرض التعادل على أقوى المنتخبات الآسيوية ذهابا وإيابًا.
فيما تعرضت سوريا لثلاث هزائم من أوزبكستان وقطر وكوريا الجنوبية وجميعها خارج ملعبها أي أنها لم تخسر خلال التصفيات في ماليزيا، ما ساهم بشكل كبير بتواجدها في الملحق الآسيوي.
والتفوق الكروي الكبير لسوريا حاليًا شبيه لحد كبير بطفرة العراق الذي حقق لقبه الآسيوي الوحيد عام 2007 وتأهل لكأس العالم للقارات في جنوب إفريقيا 2009.
والأوضاع متشابهة لحد كبير، إذ عانى العراق آنذاك من أوضاع أمنية سيئة وحرب، وتوقع كثيرون انهيار الكرة العراقية، ولكنها فاجأت الجميع وحصدت اللقب الآسيوي، وظهر عدد كبير من اللاعبين المميزين في منتخب "أسود الرافدين".
الوضع الحالي في سوريا يشبه إلى حد كبير العراق، فالأوضاع الأمنية سيئة والبلاد في حالة من الفوضى والحرب، ولكن منتخب كروي استطاع أن يجمع الشعب حوله في طريق المونديال وأنتج عددًا كبيرًا من اللاعبين المهمين المحترفين خارج البلاد.
فالمنتخب السوري يضم في قائمته خلال الفترة الأخيرة، 4 لاعبين محليين فقط هم إبراهيم عالمة (الاتحاد) وأحمد مدنية (الجيش) وهادي المصري وأسامة أومري (الوحدة).
ويشارك مع المنتخب السوري 20 لاعبًا محترفًا خارج البلاد هم، محمود اليوسف (مازيا المالديفي) وجهاد الباعور (الرمثا الإماراتي) ومؤيد العجان وعلاء الشبلي (الزمالك المصري) وعمرو جنيات وتامر حاج محمد (ظفار العماني) ومحمود المواس (أم صلال القطري) وفهد يوسف (الوحدات الأردني) ويوسف قلفا (النصر الإماراتي) وحميد ميدو (الكويت الكويتي)، وزاهر ميداني وخالد المبيض (القوة الجوية العراقي).
كما يضم، محمد المرمور (الصفاء اللبناني) وغابريل سومي (اوسترسوند السويدي) وعدي الجفال (الجزيرة الإماراتي) ووائل الرفاعي (المحرق البحريني) وعمر خربين (الهلال السعودي) وعمر السومة (أهلي جدة السعودي) وفراس الخطيب (السالمية الكويتي) وماردك مارديكيان (العربي القطري).
محمد زيادة، أحد مقدمي البرامج الرياضية في قنوات "بي ان سبورت" القطرية أرجع إنجاز المنتخب السوري، إلى اعتماده على مجموعة من اللاعبين أصحاب الروح القتالية، على رأسهم عمر خربين وعمر السومة وفراس الخطيب قائد الفريق.
وفي حديثه للأناضول أوضح "زيادة" أن اللاعبين السوريين يعيبهم قلة الخبرة في المباريات الكبيرة إضافة لبعض المشاكل في خط الدفاع، لا سيما أمام الضغط الهجومي مثلما حدث أمام المنتخب الإيراني، مشددًا على ضرورة اللعب بحذر دفاعي كبير أمام أستراليا والتعامل مع العرضيات التي يتميز بها المنافس.
وأضاف "لا أحبذ التدخل في عمل أي مدير فني لكن التجارب السابقة أثبتت أهمية وجود ماردك مارديكيان لأنه لاعب قادر على الاحتفاظ بالكرة ونقل الهجمة سريعًا وبدقة وكان سببًا في إدراك التعادل مع إيران بعد نزوله احتياطيا".
من جانبه تطرق سامي الطرابلسي، نجم الكرة التونسية السابق، لبعد آخر قائلًا "الظروف السياسية التي تعيشها البلاد لها تأثير كبير علي الجانب النفسي، حيث تخلق نوعًا من الحماس والوطنية لدي اللاعب فهي دافع كبير بكل الأحوال، فأعتقد أن مثل هذه الظروف تمثل دافعًا لا عائقًا أمام اللاعبين".
وأكد الطرابلسي للأناضول، أن وجود لاعبين محترفين هو إضافة للمنتخب لأنهم يضيفون خبرة للفريق، ولكن هذا ليس كل شيء فالأهم اللعب الجماعي فهو يساعد على تخطي الفوارق التي يواجهها المنتخب السوري.
بدوره لفت المدرب الأردني عيسى الترك، أن ما يقدمه المنتخب السوري في التصفيات "أمر يرفع الرأس" رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وهو أمر مشابه بشكل كبير لما حدث مع العراق خلال بطولة آسيا 2007.
وأضاف التركي للأناضول "التشابه هنا هو إثبات الوجود رغم الصعاب الكبيرة الموجودة، وهو إظهار لدور كبير للمدرب أيمن الحكيم، الذي تمكن من إخراج هذه الروح الكبيرة من اللاعبين".
واختتم المدرب الأردني تصريحه، "المحترفون لهم دور كبير، وزيادتهم أثر بشكل كبير على مستوى ومردود المنتخب السوري في المحافل الدولية".
ولم يسبق لمنتخب سوريا التأهل لكأس العالم، وكان أفضل عرض قدمه في تصفيات مونديال 1986 عندما وصل للتصفيات النهائية لكنه خرج على يد نظيره العراقي.
وتأهلت سوريا لكأس أمم آسيا 6 مرات منها البطولة المقبلة بالإمارات 2019، إلّا أنه خرج من دور المجموعات فيها جميعًا.
ولم تحقق سوريا إلّا لقبًا آسيويًا واحدًا عندما توّجت ببطولة آسيا الغربية عام 2012.
وعلى المستوى العربي، يعد أفضل إنجازات المنتخب السوري احتلاله الوصافة ثلاث مرات أعوام 1963 و1966 و1988.