اهتمامات

ماذا بعد الوديعة السعودية للبنك المركزي؟

اصلاح الاوعية المالية والادارة المالية التي تشهد حالة من الفوضى والفساد وانعدام الخبرة، هي ما سيعطي رسالة للاشقاء والمجتمع الدولي اننا نقف مع انفسنا قبل ان نطلب من الاخرين الوقوف معنا لمعالجة الازمة المالية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.
فبعد أيام كارثية مرت على العملة اليمنية فقدت خلالها اكثر من 70 بالمائة من قيمتها خلال فترة وجيزة، لتصل إلى مستوى 500 ريال للدولار الواحد، جاء الإعلان عن المكرمة السعودية الكريمة بايداع 2 مليار دولار كوديعة في البنك المركزي اليمني للحفاظ على سعر صرف العملة اليمنية، لتمثل انفراجة وبادرة امل للحفاظ على ملايين من الشعب اليمني.
في البداية من الضروري ان نؤكد ان التوجيهات الملكية السعودية الكريمة الخاصة بالوديعة قطعت الطريق على المشككين في دعم المملكة للشعب اليمني، وانها تقف معه قلبا وقالبا على صعيد الخلاص من الكابوس الحوثي، والذي منذ ان جثم على صدر الشعب اليمني حلت معه كافة المعضلات واستفحلت وخاصة المعضلة الاقتصادية والتي شهد معها الريال اليمني تدهورا كبيرا فيما توقفت رواتب الموظفين واستنزفت الاحتياطيات النقدية من العملة الصعبة، إضافة إلى استمرار نهب الموارد العامة للدولة اليمنية، وتمويل عملياتها العسكرية العبثية وسحبها للعملة الصعبة من الأسواق تحت قوة السلاح للمتاجرة بمعاناة الشعب اليمني، في ظل انعدام وجود ضغط دولي فاعل على الميليشيات الحوثية لتمكين الحكومة الشرعية من السيطرة على مصادر الدخل وفي مقدمتها الإيرادات الجمركية وخاصة في الحديدة وتصدير البترول والغاز.
وهنا يجب ان ندرك أن الوديعة السعودية والتي ستعمل بلا شك على تعافي الريال اليمني بشكل مؤقت، غير كافية لمنع تدهور الريال اذا لم يتم معالجة أسباب التدهور الكبير والحاصل في قيمة الريال اليمني، وهو ما يستدعي اعتماد منظومة إجراءات على مختلف المجالات والتي يجب ان تلي موضوع الوديعة النقدية السعودية في البنك المركزي اليمني، من ناحية اصلاح المنظومة المالية وطرق ادارتها، وإصلاح السياسة النقدية وتفعيلها، ومعرفة أسباب التدهور لوضع المعالجات المناسبة لضمان عدم معاودة هذا التدهور في القريب العاجل.
ومن اهم النقاط التي ينبغي التوقف عندها تتمثل في تجفيف كافة منابع موارد جماعة الحوثي سواء الموارد الجمركية أو الضريبية وغيرها، وقطع أي تعامل مالي مع الجماعة والتي تستغله في المضاربة في العملات، كون مليشيات الحوثي الارهابية منذ ان سيطرت بقوة السلاح على البلاد استنزفت مايقارب من 4 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي، إضافة إلى نهب ومصادرة ارصدة وحسابات الصناديق المستقلة والتقاعدية واموال التامينات، فضلا عن نهب الموارد الجمركية والضريبية وغيرها من الموارد الحكومية وعدم توريد أي ريال منها إلى البنك المركزي، واستغلتها في تمويل عملياتها الإرهابية بحق أبناء الشعب اليمني.
غير ان الحكومة الشرعية بلا شك تتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية عن تدهور العملة اليمنية تتمثل في انها لم تستغل الاستغلال الأمثل الدعم العربي والخليجي بشكل خاص والدولي للحكومة الشرعية كما لم يتم استغلال نقل البنك المركزي إلى عدن، حيث ظلت الجماعة الحوثية بعد نقل البنك تمارس عملياتها المالية بشكل طبيعي، بل بشكل تدميري وفتاك اكثر من ذي قبل بحق العملة اليمنية.
وهنا يجب التنبه إلى ضرورة معالجة مكامن الخلل في المنظومة النقدية والمالية اليمنية والتي ساهمت في تدهور سعر صرف الريال اليمني امام العملات الصعبة.
 اذ انه ينبغي ان تتبنى الحكومة سياسة صارمة في ناحية توحيد اوعية الموارد المالية للحكومة في كافة مناطق الجمهورية اليمنية وخاصة تلك التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية وتجفيف منابع الموارد التي تقع تحت سلطة المليشيات، إضافة إلى توسيع دائرة العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية والحصول على ثقتها ودعمها وتبنى الالتزامات المالية الحكومية في المناطق الخاصة لسيطرة الحكومة الشرعية وعدم التنصل منها تحت أي مبررات واهية إضافة إلى مكافحة الفساد وتبني موازنة مالية تحدد بشكل دقيق اوعية الموارد المالية للحكومة ومجالات الصرف واخضاعها للجنة رقابية لمراقبة سير وعمليات الانفاق الحكومي، وبما يضمن دفع الحكومة لابسط التزاماتها امام الشعب من ناحية المرتبات، والموازنة التشغيلية للأجهزة الحكومية.
كما ينبغي إعادة تشكيل الفريق العامل والمشرف على الجانب المالي والنقدي من ناحية اصلاح مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، واقالة الشخصيات التي لم تحرك ساكانا خلال الفترة الماضية والتي وقفت عاجزة عن عمل أي شي امام التدهور الكبير للعملة اليمنية.
زر الذهاب إلى الأعلى