حذر متخصصون من تنامي نفوذ القاعدة في اليمن وانتقالها في الفترة الأخيرة من طور الكمون إلى طور النشاط وتغيير استراتيجيتها في الأراضي اليمنية، بحيث أصبحت تقدم على عمليات يسقط فيها أعداد كبيرة من اليمنيين، وهو ما يمثل تغييرا كبيرا؛ حيث كان التنظيم يحرص على عدم توجيه سلاح عملياته نحو المواطنين اليمنيين خوفا من مواجهة الغضب الشعبي وفقدان الأرض التي يريد أن يتخذها ملاذا آمنا له. ويأتي ذلك في سياق حلقة جديدة من برنامج "صناعة الموت" الذي تقدمه ريما صالحة ويذاع على شاشة العربية الساعة 19:00 بتوقيت غرينتش الجمعة 3-7-2009.
ويرجع المحللون هذا التغيير لسببين: الأول هو تقلص قدرة القاعدة في الضرب في العديد من الأماكن التي كانت تنشط فيها، والثاني حالة التحالف المريب بين القاعدة وإيران بحيث تستخدم إيران القاعدة كورقة للضغط على الحكومات العربية، وتهديدها بفوضى أمنية.
وتناقش الحلقة وجود القاعدة في اليمن ومحاولاتها لإحياء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هناك لتهديد أمن دول الخليج بعد أن تلقى التنظيم ضربات موجعة في السعودية التي لم تتوقف عند العمل الأمني فقط، وإنما امتدت للتنوير الفكري والرد الشرعي على الفكر الذي يقوم عليه التنظيم.
ويبدو أن تطور الأحداث في مناطق نشاط القاعدة حول العالم فرض عليها أن تعيد صياغة وجودها في الأراضي اليمنية، فالضربات الأمنية الموجعة التي حدت من نشاط القاعدة حول العالم جعلتها تعيد التفكير في نقل وجودها في اليمن من طور الكمون لطور النشاط، وبدأ ذلك بالإعلان عن إعادة إحياء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في بداية العام الحالي، وتنفيذ عدد من العمليات داخل الأراضي اليمنية سقط فيها العشرات.
التطور الذي شهده وجود القاعدة في اليمن في الفترة الأخيرة تركز حول مجموعة من النقاط المحددة أهمها على الإطلاق تغير استراتيجية الضربات التي تقوم بها، فبدلا من التحرش بالسفن الغربية في خليج عدن كما حدث في حادث الاعتداء على المدمرة الأمريكية كول وناقلة النفط الفرنسية ليمبورغ توجهت أسلحة القاعدة وتفجيراتها وعملياتها نحو الداخل اليمني.
ويقول محمد سيف حيدر الكاتب الصحفي اليمني المتابع لشؤون القاعدة "الحديث عن وجود القاعدة في اليمن ليس أمرا جديدا، فليست مصادفة أن أول شريط فيديو قامت القاعدة بإنتاجه قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان يحمل عنوان "تدمير المدمرة كول" ليقدم عملية نوعية مميزة قامت بها القاعدة ضد هدف عسكري أمريكي قوي، وليست مصادفة أن الجنسية اليمنية تمثل أكثر من ثلث المعتقلين الباقين في معسكر غوانتنامو (96 يمنيا من أصل 240 معتقلا ما زالوا موجودين في غوانتنامو حتى الآن).
وتجد القاعدة في جبال اليمن الوعرة وتركيبته السكانية القبلية وحدود اليمن الصحراوية الجبلية المفتوحة التي تمتد لأكثر من 1300 كلم وانتشار الأسلحة بين السكان كمظهر معتاد من مظاهر الحياة، ووجود حركة تمرد مسلحة داخل البلاد ممثلة في حركة الحوثي، وجدت القاعدة في هذه العوامل فرصة لنشر أفكارها وإيجاد ملاذات آمنة ونقاط انطلاق نحو تنفيذ خطط إقليمية ودولية لا تتوقف عند حدود اليمن.
بينما ربط عبد الرحيم علي الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية بين نشاط القاعدة في اليمن وبين الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة، مشيرا إلى تعاون وثيق بين الاستخبارات الإيرانية وبين تنظيم القاعدة في اليمن، وهو تعاون لا يقوم على الندية وإنما (والكلام لعبد الرحيم علي) "تحولت القاعدة إلى حذاء في أقدام ملالي إيران يستغلونها لتهديد أمن المنطقة، والضغط على حكوماتها تحت تهديد الفوضى الأمنية".
وأشار إلى أن القاعدة في إيران تتعامل بمنطق الغاية تبرر الوسيلة، فهي في الوقت الحالي تؤيد الانفصاليين في الجنوب وتتعاون مع حركة الحوثيين "الزيدية" رغم الاختلاف الكبير بين منطق هذه الحركات وأيدلوجياتها وبين فكر تنظيم القاعدة، فهي تريد فقط تكريس حالة من الفوضى في اليمن ما يسمح لها بإيجاد ملاذات آمنة تستخدمها لإعادة تنظيم قوتها، وشن هجمات جديدة على بلدان المنطقة العربية.
مواضيع متعلقة: