[esi views ttl="1"]
arpo28

تركيا تمثل نموذجاً مقبولاً في المنطقة في وجه إيران

كرست تركيا نفسها بعد الهجوم الاسرائيلي على "اسطول الحرية" ومواقف انقرة الحازمة حيال اسرائيل، بطلة في نظر الشارع العربي الذي يئس من عجز انظمته عن مواجهة الدولة العبرية، وهي باتت تمثل بحسب المحللين نموذجا مقبولا لشعوب المنطقة في وجه النموذج الإيراني.

فمن المحيط إلى الخليج مرورا بالقدس والمدن العربية في اسرائيل، حمل متظاهرون اعلاما تركية إلى جانب صور رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، واعادت تركيا العلمانية إلى الاذهان زمن السلطنة العثمانية التي حكمت دول المنطقة لقرون.

وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون التركية ميشال نوفل لوكالة الانباء الفرنسية ان "التزام تركيا المتزايد بالحقوق الفلسطينية واصرارها عليها، وتصعيد اردوغان وصعوده إلى واجهة الصراع مع اسرائيل تجعل الشارع العربي ينظر اليه مثل عبدالناصر الجديد".

وبحسب نوفل الذي اصدر كتابه "عودة تركيا إلى الشرق"، فان "تركيا لم يعد ينظر اليها كحصان طروادة للغرب في المنطقة"، في اشارة إلى تحالف تركيا الوثيق مع الولايات المتحدة واوروبا واعترافها باسرائيل قبل اي دولة اسلامية اخرى. ويضيف نوفل ان الدور التركي الجديد "وازن وموازن، اي انه يعوض عن انكفاء الانظمة العربية ويضع حدا لاسرائيل من جهة، ويحمل توازنا ايجابيا في وجه إيران من جهة اخرى".

وفي كل مناسبة أو تظاهرة نظمت في العالم العربي خلال الايام الماضية حول "اسطول الحرية"، كانت الحشود تصفق مطولا وبحرارة لتركيا. ففي صنعاء هتف عشرات الالاف في الشوارع "تركيا تركيا" ووصف نواب في الكويت انقرة بال"بطلة" و"الشجاعة".

وصفق المشاركون في مؤتمر فلسطين للاستثمار، الذي افتتح الاربعاء في بيت لحم، بحرارة استثنائية عندما اشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تركيا. وقال المحلل السياسي والصحافي المخضرم المقيم في لندن عبد الوهاب بدرخان ان "الخط التركي يمثل خشبة الخلاص للشارع العربي مقابل عدم جدوى الانظمة العربية وعدم جدوى ما تقوم به" لتحقيق مكاسب في وجه اسرائيل.

ويرى بدرخان ان "شعبية تركيا كان يمكن ان تكون مجيرة لإيران" التي هي ايضا تضع نفسها في مواجهة شرسة مع اسرائيل، "لكن الصراع السني-الشيعي حال دون ذلك، اضافة إلى طابع التحدي والفوقية والاستكبار على العرب في الدور الإيراني"، على حد قوله. ووقف وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاثنين امام مجلس الامن الدولي وقال ان اسرائيل "فقدت كل شرعية دولية".

من جانبه، قال المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن عبد الباري عطوان لوكالة الأنباء الفرنسية ان "تركيا ادركت بحسها الذكي ان البوابة الفلسطينية هي الوحيدة التي يمكن ان تعطيها دورا كبيرا في العالم الاسلامي"، ولو ان شعبيتها لدى العرب "تقوم ايضا على انها نموذج اقتصادي وديموقراطي واسلامي معتدل".

واضاف عطوان انه "لو ترشح اردوغان في العالم الاسلامي لحكم العالم الاسلامي دون اطلاق رصاصة واحدة" و"لاول مرة يضع العرب القومية جانبا وتطغى الاسلامية المعتدلة على القومية العربية". واكد عطوان ان تركيا تحظى بقبول اكبر في المنطقة مقارنة بإيران "لان الاتراك سنة ولانهم لا يتصادمون مع الغرب كما تفعل إيران"، كما ان لتركيا بحسب قوله تأثير كبير لكونها عضو في الحلف الاطلسي.

وبحسب المحللين الثلاثة، تعطي تركيا تحت حكم حزب العدالة والتنمية صورة ايجابية عن اسلام منفتح وديموقراطي، وهي صورة تجذب المسلمين العرب الذي سئموا من الصاق صورة الارهاب بهم. لكن صعود الدور التركي بشكل "صاروخي" في العالم العربي لا يمكن ان يكون من دون حدود أو من دون اثارة حساسيات لدى القوى العربية التقليدية.

وقال نوفل ان "هناك تشككا عربيا على المستوى الرسمي ازاء الدور التركي، لا سيما لدى مصر" التي تعد القوة العربية الابرز، لكن التشكك يبقى مضمرا "لان اي نقد علني لتركيا ليس شعبيا وليس رابحا". ورأى نوفل ان "بعض الانظمة تريد استخدام تصاعد الدور التركي في المواجهة مع إيران أو في الصراع السني-الشيعي وتركيا لا تريد ذلك".

اما بدرخان فدعا إلى "النظر إلى الدور التركي المتصاعد بشيء من الواقعية فالدور لن يذهب ابدا ابعد مما تقتضيه مصلحة تركيا". وخلص إلى القول ان انقرة "لا تستطيع ان تخرج من المظلة الاميركية والمظلة الاميركية لها شروطها وحدودها وهي ان يبقى دوما لاسرائيل موقع كبير".

زر الذهاب إلى الأعلى