arpo28

هل سيكتب الفصل الاخير من حياة الرئيس اليمني في السعودية ؟

كل دقيقة يقضيها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بعيدا عن بلاده تقربه خطوة جديدة من نهاية حكمه الذي جاوز ثلاثة عقود من الزمن.

صالح الذي اصيب في هجوم صاروخي على دار قصر الرئاسة في العاصمة اليمنية صنعاء يوم الجمعة موجود في السعودية طلبا للعلاج في لحظة حاسمة من عمر الانتفاضة الشعبية الناشبة في اليمن منذ اربعة أشهر.

ووسط تضارب التقارير لا تزال عدة امور غامضة منها مدى خطورة اصابة صالح وما اذا كان قد ترك اي ابناء أو ابناء اخوة في محاولة لابقاء قبضة اسرته على السلطة وما اذا كان سيعود إلى اليمن مرة اخرى.

وقال المحلل السياسي المقيم في صنعاء علي سيف حسن "كل ما نعرفه هو اننا في لحظة بالغة الخطورة."

واضاف ان هناك تصورين يجب وضعهما في الاعتبار.. الاول هو ان صالح (69 عاما) ترك فراغا سيندفع اقاربه كي يشغلوه مما سيؤدي إلى اشتباكات مع خصوم صالح القبليين و إلى حرب اهلية.. والثاني هو ان السعودية ربما تتوسط في اتفاق لانقاذ ماء الوجه لتسمح لصالح بمغادرة البلاد ونقل السلطة.

ويعتمد الكثير في ذلك على موقف السعودية نفسها في الساعات والايام المقبلة. فهي اكبر مانح لليمن وتمول حكومة صالح وتزود جيشه بالعتاد وتقدم الدعم للمستشفيات.

وتشترك السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم في حدود يصل طولها إلى 1500 كيلومتر مع اليمن وكانت حتى وقت قريب هي والولايات المتحدة تدعمان صالح كحليف ضد جناح للقاعدة يتخذ من اليمن مقرا له.

وبعدما اتضح في ابريل نيسان ومايو ايار الماضيين ان المحتجين المناهضين للحكومة في شوارع اليمن ليس لديهم اي نية للتوقف عن مطالبتهم صالح بالتنحي تدخلت السعودية ودول الخليج العربية ثلاث مرات للتوسط في اتفاق بين صالح والمعارضة.. وهي محاولات انهارت كلها في اللحظات الاخيرة.

لكن السعودية التي تمول القبائل لمحاربة القاعدة لم تتخذ الخطوة الحاسمة بعد بسحب دعمها المالي فيما يرجع على الأرجح إلى عدم اليقين بشأن كيفية شغل فراغ السلطة.

واذا بقي صالح في السعودية فسيصبح ثاني زعيم عربي يلجأ للمملكة بعد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي فر اليها يوم 14 يناير كانون الثاني بعد احتجاجات اجبرته على الهروب. وسيكون ثالث رئيس يسقط في "الربيع العربي" الذي شهد ايضا سقوط الرئيس المصري حسني مبارك.

وقال المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل إن صالح ما كان ليسافر إلى السعودية الا اذا كان يعتزم التماس مخرج.

واضاف الدخيل "رئيس البرلمان ورئيس الوزراء والرئيس هنا اذن فالحكومة بالفعل هنا.

"هذا سيسهل ترتيب تنحي علي عبد الله صالح."

ونقلت العشائر المتنازعة والنخب السياسية معركتها إلى شوارع صنعاء قبل أسبوعين. ولقي نحو 200 شخص حتفهم في القتال وفر الآلاف من المدينة.

واتسم الهجوم الصاروخي على صالح قبل يومين والذي قتل فيه سبعة اشخاص وأصيب فيه رئيس الوزراء واثنان من نوابه ورئيسا مجلسي البرلمان بدقته واتقانه وبالوشاية من الداخل.

ويقول محللو معهد ستراتفور لدراسات المخابرات إن صالح والاخرين كانوا في المسجد داخل قصره لذلك فانها ليست سوى دسيسة من أحد المقربين من صالح هي التي رصدت موقعه.

"وبعبارة أخرى كانت تلك محاولة اغتيال".

وأنحى صالح الذي لم يصدر عنه سوى تسجيل صوتي بعد الهجوم باللائمة في الاعتداء على "عصابة خارجة عن النظام والقانون" لكنها كانت في الأغلب محاولة انقلاب برغم عدم اعلان اي جهة المسؤولية عنها.

واضاف المحللون "هذا ليس عمل رجال القبائل بل تدبير عسكريين تلقوا دعما من افراد من النظام يعتقد انهم قريبون لصالح.

"ولهذا السبب يشتبه ستراتفور في ان ابرز مناوئي صالح داخل الجيش اللواء علي محسن الأحمر الذي كان يلتزم الهدوء على نحو واضح في الأيام القليلة الماضية والذي يحظى باحترام كبير بين رجال الحرس القديم في اليمن كان ضالعا في مؤامرة الانقلاب على ما يبدو."

ووقف علي محسن وجنرالات اخرين خلف الثوار يوم 21 مارس اذار بعدما قتل القناصة 52 محتجا في ميدان بصنعاء.

وفي علامة اخرى على ان صالح ربما يكون يعد العدة للخروج من السلطة اصطحب ايضا 35 من اقاربه معه إلى السعودية غير انه من غير الواضح عدد ابنائه وابناء اخوته الذين يرافقونه. والكثير منهم يتقلد مناصب في الجهاز الحكومي.

ويقول صالح ان كل ما يسعى اليه هو "خروج مشرف" واصر في المفاوضات مع دول الخليج العربية على اتفاق نقل السلطة على ضمانات بعدم ملاحقته قضائيا وقد حصل عليها بالفعل.

وربما تأتي اشارة أيضا بشأن كيفية رد فعل اليمنيين على رحيل صالح من قادة الجيش ممن انشقوا وانضموا إلى القبائل والمحتجين المناهضين للحكومة.

وقد يقنع هدوء العنف الذي يدفع اليمن إلى حافة الحرب الأهلية السعودية على ان رحيل صالح نهائيا ربما يقدم فرصة لليمن لاستعادة قدر من الأمن والاستقرار.

وقال محجوب زويري استاذ التاريخ بجامعة قطر "(المتظاهرون) ارادوا مغادرة الرئيس للبلاد. هذا (رحيل صالح) من المحتمل ان يمثل استجابة لأحد طلبات المتظاهرين. اعتقد انه يتعين علينا النظر فيما حدث في الأيام القليلة الماضية فقد غير الآليات المحركة داخل المشهد السياسي اليمني."

من ريد ستيفنسون

وفيما يلي بعض الحقائق عن اطول زعيم يمني بقاء في الحكم:
- صالح كرئيس:
يستغل صالح الممسك بزمام السلطة منذ اكثر من ثلاثة عقود من الزمن الصراعات الداخلية مع المتمردين الحوثيين في الشمال والمتمردين الماركسيين في الجنوب وعناصر القاعدة في الشرق للحصول على معونات خارجية ودعم عسكري وتقوية قاعدة نفوذه. واستخدمت القاعدة اليمن بالفعل لشن هجمات في السعودية والولايات المتحدة في العامين الماضيين.

-- اشرف صالح على توحيد شطري اليمن الشمالي والجنوبي عام 1990 وحال دون دفع المتمردين والانفصاليين اليمن كي يصبح دولة فاشلة.

-- انتخبه البرلمان رئيسا في اكتوبر تشرين الاول عام 1994 وانتخب بالاقتراع المباشر للمرة الاولى في سبتمبر ايلول عام 1999 حيث فاز بنسبة 96.3 في المئة من الاصوات. وكان اخر مرة ينتخب فيها لدورة جديدة مدتها سبع سنوات عام 2006.

-- تحولت مجموعة من حلفاء صالح إلى المحتجين المحبطين من تفشي الفساد وارتفاع البطالة. ويعيش نحو 40 في المئة من السكان على دولارين في اليوم أو أقل ويعاني ثلثهم من جوع مزمن.

-- وقدم صالح عدة تنازلات شفهية خلال الاحتجاجات كان اخرها تعهده بالتنحي خلال اسابيع مقابل منحه حصانة من الملاحقة القضائية. ووافقت المعارضة على خطة السلام التي توسطت فيها دول مجلس التعاون الخليجي.

-- غير ان صالح لم يوقع بعد على أي اتفاق واوقد احدث رفض له في 22 مايو ايار شرارة مزيد من احتجاجات الشوارع في صنعاء وهذه المرة بين قوات الامن التابعة له واتحاد قبائل حاشد القوي الذي يقوده صادق الاحمر الذي تدعم عائلته الاحتجاجات المطالبة بالاطاحة بصالح.

-- أجبر القتال الاف السكان على الفرار من صنعاء وزاد من احتمالات الفوضى وهو ما سيفيد القاعدة في جزيرة العرب ومقرها اليمن ويهدد السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم. وقتل اكثر من 370 شخصا في انحاء اليمن منذ يناير كانون الثاني عندما بدأت الاحتجاجات ضد الحكومة.

-- أصيب صالح عندما سقطت قذائف على قصره يوم الجمعة. وانحت الحكومة باللائمة في الهجوم على رجال القبائل لكن صادق الاحمر حمل الحكومة المسؤولية للمساعدة في تبرير تصعيد قتالها في شوارع العاصمة.

- تفاصيل حياته..
-- ولد صالح عام 1942 في قبيلة تعيش قرب صنعاء وتلقى تعليما محدودا قبل أن يلتحق بالجيش كضابط صف عام 1958.

-- ذاع صيته لاول مرة عندما عينه الرئيس الاسبق أحمد الغشمي وهو من قبيلة حاشد التي ينتمي اليها صالح حاكما عسكريا لتعز ثاني أكبر مدينة في اليمن الشمالي. وعندما اغتيل الغشمي في انفجار سيارة ملغومة في عام 1978 حل صالح محله.

-- وزاد احكام قبضته على زمام السلطة من التوتر مع الجنوب وتصاعدت اشتباكات متفرقة لتتحول إلى صراع مفتوح بين الدولتين عام 1979. ومضت الحرب بشكل سيء بالنسبة لصالح.

-- الا ان صالح سحق محاولة للاطاحة به بعد شهور من توليه السلطة في اليمن الشمالي وحقق نصرا كاسحا عندما حاول الجنوبيون الانفصال في عام 1994.

زر الذهاب إلى الأعلى