باشرت حكومة الرئيس السوداني عمر البشير خطوات ل «خنق» حكومة غريمها رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت اقتصادياً، بعد محاصرتها ديبلوماسياً ومواجهتها عسكرياً في ساحات القتال على الحدود المشتركة، ما يُنذر بحرب شاملة. وتفقّد البشير منطقة هجليج النفطية في ولاية جنوب كردفان، بعد ثلاثة أيام من استعادتها من القوات الجنوبية، وأعلن إطلاق يد جيشه لرد «أي عدوان» جنوبي و «تطهير» الحدود بين البلدين من المتمردين.
ودعا الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، الخرطوم وجوبا إلى التفاوض لانهاء القتال، وقال في خطاب ألقاه في واشنطن إن «على رئيسي السودان وجنوب السودان أن يتحليا بالشجاعة للتفاوض لأن شعبي السودان وجنوب السودان يستحقان السلام». وأضاف: «في دارفور وأبيي وجنوب كردفان وفي ولاية النيل الأزرق، ينبغي أن يتوقف قتل الأبرياء».
وفي لوكسمبورغ (أ ف ب، رويترز)، قال الوزير الفرنسي المكلف التعاون هنري دو رانكور إن الاتحاد الاوروبي قد يفرض عقوبات إذا استمرت حكومتا السودان وجنوب السودان في عدم الوفاء بالتزاماتهما. وأضاف على هامش اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين: «هنا كما في أي مكان آخر، إذا لم تتطور الأمور ايجابياً، ثمة احتمال لفرض عقوبات على من لا يحترمون بنود تجاوز الأزمة».
ودعا الوزراء، في بيان، البلدين إلى «وقف هجماتهما المتبادلة على أراضي كل منهما فوراً». واعتبروا أن «اللجوء إلى القوة لن يحل المشكلات التي تتطلب تسوية بين البلدين»، داعين اياهما إلى العودة لطاولة التفاوض.
تزامن ذلك مع إعلان البشير أمام قواته في هجليج أمس أن «الأرض السودانية بحدودها القديمة لن تسعنا والحركة الشعبية (الحزب الحاكم في الجنوب)، وعلى أحدنا أن يذهب». وأضاف: «لا تفاوض مع هؤلاء... هؤلاء الناس لا يفهمون ونحن نريد أن يكون هذا الدرس الأخير وسنفهمهم بالقوة». وقال: «أوجّه الجيش باسترداد الحق ورد أي عدوان من جانب الجيش الشعبي الجنوبي على أي شبر من أرض الوطن وفي أي وقت».
وكان البشير وصل إلى هجليج صباحاً على رأس وفد يضم مساعديه ومجموعة من الوزراء واستقبله هناك قائد قوة «استرداد الحق» التي استردت المدينة اللواء كمال الدين عبد المعروف. وطاف الرئيس السوداني على المنشآت النفطية، ووقف على ما لحق بها من تخريب. وقال عبد المعروف إن قواته أحصت حتى الآن 1200 قتيل من القوات الجنوبية ومتمردي «حركة العدل والمساواة».
وفي السياق ذاته، أعلن النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه أن معركتهم مع الجنوب لم تنته بعد، مؤكداً عزم حكومته على فرض حال الطوارئ على المناطق الحدودية مع جنوب السودان لمحاصرة تهريب المؤن الغذائية، داعياً إلى إطلاق يد مكافحة التهريب لقتل كل من يحاول مد العدو بالطعام. وتابع: «الجنوب دولة معادية ولن نسمح بمد العدو ولو بشق تمرة، وأمرنا القوات على الحدود باطلاق النار على كل من يحاول تهريب سلعة إلى العدو»، في موقف فُسّر بأنه يندرج في إطار حصار حكومة سلفاكير اقتصادياً بهدف خنقها وإسقاطها.
وفي المقابل، اتهمت حكومة جنوب السودان الخرطوم بشن غارات جوية على مدينتي بانتيو وربكونا في ولاية الوحدة ما أدى إلى مقتل طفل واصابة آخرين. غير أن الخرطوم نفت ذلك.