arpo28

الرئيس اليمني في بكين.. مقايضة الاقتصاد بالإستراتيجية

اختتم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي زيارة إلى الصين هي الأولى له منذ توليه منصبه في فبراير /شباط 2012. لكن بكين كانت المحطة الخامسة أو الأخيرة في سلسلة زيارات أجراها هادي إلى عواصم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن في أوقات سابقة شملت واشنطن وباريس ولندن وموسكو.

ويبدو أن ترتيب الزيارات لم يخضع لمبدأ "المهم أولا" بل من الواضح أنه أراد أن تكون بكين هي "مسك الختام"، ولكي يحصل منها على ما لم يستطع الحصول عليه من العواصم الأخرى لثقته بأنها لن ترده خائبا.

ووصفت الزيارة بأنها اقتصادية بامتياز وأجمع مراقبون على أنها ناجحة ونتائجها "فاقت التوقعات" حيث تعهدت الصين بتمويل مشاريع تنموية في اليمن لعشرين سنة قادمة، بالإضافة إلى تقديم حزمة مساعدات مالية عاجلة. وتنوعت المساعدات بين 15 مليون دولار منحة مجانية ونحو 8 ملايين دولار منحة لوزارة الدفاع اليمنية، و30 مليون أخرى قرضا طويل الأجل دون فوائد.

كما تعهدت الصين بتقديم كل أشكال الدعم لإعادة تأهيل البنية التحتية وتطوير قطاعات الطاقة والكهرباء والاتصالات والمواصلات واستكمال بناء وتجهيز المكتبة الوطنية، وتطوير القطاع الصحي، وزيادة أعداد المنح الدراسية، وتدريب الكادر الفني والتقني للحكومة اليمنية.

فرص استثمارية
أكد هادي في مباحثاته مع نظيره الصيني شي جين بينغ أن اليمن لا يزال بكرا "ويختزن كميات تجارية لا بأس بها من النفط والغاز، وكذلك الحديد والإسمنت والمعادن، والثروة السمكية. وبحث الرئيسان إمكانية فتح آفاق جديدة للتعاون والاستثمار في مجالات إستراتيجية أخرى كالتنقيب واستخراج النفط والغاز".

وفي هذا الإطار قام هادي شخصيا بزيارة المقر الرئيسي للشركة الوطنية الصينية للنفط والغاز "سينوبك" في بكين لحثها على الاستثمار في اليمن. كما زار أيضا المجلس الصيني للتنمية الدولية، حيث التقى رجال الأعمال وبعض رؤساء الشركات الصينية بهدف حث رؤوس الأموال الصينية نحو مزيد من الاستثمارات في اليمن.

ويرى رئيس غرب آسيا في معهد شنغهاي للدراسات الدولية في تصريح للجزيرة نت أن دول الربيع العربي باتت تدرك أن إسقاط الأنظمة لن يحل المشكلة وأن التجربة الصينية تشكل نموذجا يحتذى لهذه الدول، كما أن التحول الإستراتيجي في الرؤية الأميركية من الشرق الأوسط يدفع دول المنطقة للبحث عن تعزيز علاقاتها مع بديل، ولأن الصين باعتبارها قوة دولية ناهضة ترتبط بعلاقات جيدة مع دول المنطقة تشكل خيارا نموذجيا لهذه الدول في التوجه شرقا".

الأمن والسياسة
وعلى الصعيد السياسي والأمني أكد الرئيس الصيني لضيفه اليمني أن بكين تؤيد الحكومة اليمنية في حربها على الإرهاب والقرصنة، وأنها على استعداد لتعزيز التعاون مع صنعاء في هذا المجال كما تدعم جهودها في حماية أمنها القومي. وتعهدت الصين كذلك بالاستمرار في حث المجتمع الدولي على تقديم الدعم والمساعدة لليمن.

لكن إسهاب الرئيس اليمني بالحديث عن الأهمية الإستراتيجية للموقع الجغرافي لليمن وموانئها وما تبعه من توقيع اتفاقية بتكلفة نصف مليار دولار لتوسعة ميناء عدن استوقف المراقبين والمحللين حول مغزى وأهداف هذه الاتفاقية.

ويتساءل المراقبون إذا كان دورها سيقتصر على زيادة حجم استيعاب الحاويات ودخول السفن الصينية الضخمة وتحويل الميناء إلى مركز ترانزيت للبضائع الصينية, أم أنه سيتجاوز ذلك إلى دور أمني لقربه من القرن الأفريقي، حيث تنشط عمليات القرصنة وتتمركز قطع تابعة للبحرية الصينية في المنطقة بهدف مكافحة القرصنة.

ويعزز هذه الفرضية تنامي مصالح الصين الدولية وسعيها في السنوات الأخيرة لإقامة قواعد عسكرية لها خارج أراضيها كما حدث في اتفاقها مع سيشل، أو اتفاقها مع باكستان لإدارة ميناء غوادر الإستراتيجي.

ويرى شي يان تشون سفير الصين السابق لدى اليمن في تصريح للجزيرة نت أن الصين تطمح إلى موطئ قدم في اليمن، نظرا لأهمية الموقع الإستراتيجي لليمن، وعلاقات الصداقة التاريخية بين الجانبين.

وتوفر الاحتياجات المادية المطلوبة لدى الشركات الصينية وفشل الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب كلها عوامل تشجع الصين على أن تخطو خطوات جريئة نحو اليمن، لكن ذلك سيظل مرهونا بالوضع الأمني والاستقرار في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى