arpo28

الرئيس هادي يطبق المبادرة الرئاسية لتغيير قواعد الشراكة

لا يزال "سيف السلم" هو سلاح الرئيس هادي، في وجه جماعة أنصار الله (الحوثيين)، على الرغم من رفضها المبادرة الرئاسية واستمرارها في التصعيد، في العاصمة صنعاء.

ففي حين يستمر الموفد الرئاسي بالتفاوض مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في صعدة، أقرّت الحكومة خفض أسعار الوقود ابتداءً من اليوم الخميس، تنفيذاً لما جاء في المبادرة الرئاسية.

وترأس هادي، أمس الأربعاء، الاجتماع الأسبوعي الأخير لحكومة الوفاق الوطني، إذ من المقرر وفق المبادرة الرئاسية التي أعلنها أن يتم تكليف رئيس وزراء جديد خلال أسبوع من تاريخ إعلان المبادرة، أمس الأول. فيما بدأت تظهر تسريبات غير مؤكدة حول التشكيلة الوزارية المرتقبة. وكان القرار الأهم الذي اتخذته الحكومة برئاسة هادي، هو تخفيض أسعار الوقود (خفض 500 ريال من سعر 20 لتراً، من مادتي البترول والديزل).

وقطعاً للشائعات التي تحدثت عن إقالته للحكومة، أكد هادي خلال الاجتماع، أن على الحكومة "الاستمرار في أعمالها بشكل طبيعي واعتيادي حتى يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، بناء على توصيات اللجنة الوطنية الرئاسية المشكلة من جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية، والمقرّة في اللقاء (الثلاثاء)".

وتتباين القراءات حيال بدء هادي تنفيذ "المبادرة"، مع استمرار الحوثيين بالرفض (المعلن على الأقل). فهو من ناحية مؤشر على أن هادي يمضي بتطبيق "المبادرة الرئاسية" من طرف واحد، مع احتمال إعلان جماعة الحوثي موافقة لاحقة، إذ أفادت مصادر سياسية في صنعاء أن الموفد الرئاسي، عبد القادر هلال، الذي يشغل منصب أمين العاصمة صنعاء، توجه مجدداً إلى صعدة للقاء الحوثي وإقناعه بالتراجع عن موقف الجماعة الرافض للمبادرة.

وكان تقرير اللجنة الوطنية الرئاسية الموفدة إلى صعدة برئاسة نائب رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، أوصى بالتزام الدولة والقوى السياسية بتنفيذ مقترحات اللجنة، بما فيها تشكيل الحكومة والإصلاحات الاقتصادية وتنفيذ مخرجات الحوار بغض النظر عن موقف "أنصار الله". واعتبر أن ذلك "سوف يمثّل استجابة للمطالب الشعبية وسيؤدي إلى سدّ الذرائع وسيعزز الثقة بالقوى السياسية والقيادة السياسية".

وتظهر هذه التوصيات التي ختم بها في التقرير الذي قدم هذا الأسبوع، أن ثمة تمهيداً رسمياً يدعم تنفيذ المبادرة الرئاسية من دون تحقق شرط موافقة الحوثيين، وذلك إما أن يكون لسحب "ذرائع" الحوثيين بما يضعف موقفهم أمام الشارع، أو أن المبادرة ستنفذ بموافقة غير معلنة مع استمرار التصعيد المحدود كضمانة لتنفيذها مع عدم إغفال جميع الاحتمالات.

وإذا ما تم المضيّ في تنفيذ المبادرة "من طرف واحد"، فإن ذلك يدعم النقطة التي اعترف بها تقرير اللجنة الرئاسية وهي أن تغيير الحكومة هدف لهادي مثلما هو هدف للحوثيين. ويسعى هادي إلى تطبيق المبادرة التي قدمها كحل للأوضاع المرشحة للانفجار المسلح، من دون مراعاة موقف الطرف الذي قدمت المبادرة لحل أزمة تصعيد.

ومن زاوية أخرى، تعزز هذه الخطوة فرضية استغلال هادي لتصعيد الحوثيين للضغط على أطراف المبادرة الخليجية، أو على بعضها، لإجبارها على القبول بتغيير حكومة الوفاق، إذ تصدّرَ الطرفان (هادي، وأنصار الله) مسرح الرفض والقبول تحت سقف إجماعهما على إسقاط الحكومة، ومن دون إتاحة فرصة للأطراف الأخرى التي لا ترى جدوى من تغيير الحكومة.

ويعكس هذا الرأي تصريح القيادي في حزب الإصلاح حميد الأحمر، الذي يعتبره الحوثيون خصماً رئيسياً، إذ وصف المبادرة الرئاسية بأنها "انقلاب" على اتفاق التسوية السياسية. واعتبر أن "شرعية المرحلة الحالية شرعية توافقية مستمدة من الاتفاق السياسي الذي وقعه طرفا حكومة الوفاق (اتفاق المبادرة الخليجية)"، مشيراً إلى "أن أي التفاف علي هذا الاتفاق أو انقلاب عليه ينسف شرعية مؤسسات الدولة القائمة بما فيها شرعية الرئيس".

ويحضر البعد الإقليمي والدولي في هذا الجانب، ف"حكومة الوفاق" هي الجزء الأهم المتبقي من صلب مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي قامت عليها التسوية السياسية في العام 2011، وتغيير الحكومة وقواعد الشراكة، واتخاذ القرار وفقاً للمبادرة الرئاسية، يقطع أبرز عروق المبادرة الخليجية، وتصبح المبادرة "الأخيرة" هي القاعدة التي تقوم عليها العملية السياسية، بدلاً عن "الخليجية"، وهي توثّق لمخرجات مؤتمر الحوار الذي انعقد برعاية وإشراف الأطراف الدولية ومبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر.

ولعل أبرز الفروق هي إضافة الحوثيين والحراك قاعدة الشراكة، على أساس الحوار، بعدما كانت الشراكة قائمة على الأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية، وهي حزب المؤتمر وحلفائه وتكتل المشترك وشركائه.

في ظل كل هذه التطورات، لا يزال الوضع مفتوحاً على كافة الاحتمالات، ومنها موافقة الحوثيين أو استمرار رفضهم. ومن غير المستبعد أيضاً انضمام أطراف أخرى لـ"رفض المبادرة"، وخصوصاً أن موافقة بعضها كانت على مضض، وكذلك باعتبار المبادرة تعطي هادي الحقائب السيادية. كما تمنحه امتيازات على حساب قاعدة اتخاذ القرارات بالتوافق بين القوى المشاركة في الحكومة، وعلى الرغم من كافة الجهود السياسية والتقدم المعلن، لا يزال تفجر مواجهات مسلحة، بأي شكل من الأشكال، احتمالاً مفتوحاً مثل بقية الاحتمالات.

زر الذهاب إلى الأعلى