أدت المواجهات المسلّحة في العاصمة اليمنية صنعاء، لليوم الرابع على التوالي بين الجيش ومسلّحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) إلى سقوط مبنى التلفزيون الرسمي في يد المسلّحين وإحكام السيطرة عليه، في وقتٍ أعلن فيه المبعوث الأممي لليمن جمال بن عمر أن التوقيع على اتفاق التسوية مع الحوثيين سيتم الأحد.
واستمات الحوثيون في محاولة السيطرة على التلفزيون الحكومي، لما يمثل من رمزية سيادية للدولة ويقع مقره في موقع عسكري حساس بالنسبة للعاصمة والمنشآت المجاورة، ممّا يجعل المعركة الدائرة حوله ذات أهمية.
وأعلنت الفضائية اليمنية، إصابة عدد من موظفيها جراء القصف الذي تعرّض له المبنى من الحوثيين، مؤكدة أن "مسلّحي الجماعة منعوا سيارات الإسعاف من الوصول".
وتدور المواجهات المتقطعة في عدد من الجبهات في الشمال الغربي للعاصمة، أهمها مذبح وشارع الثلاثين، القريب من جامعة الإيمان ومقر قيادة المنطقة العسكرية السادسة، وشارع التلفزيون وشارع المطار وحي الجراف.
وذكر مصدر في وزارة الاعلام، أن "مبنى التلفزيون لم يعد صالحاً للبثّ، وأن الإعداد جارٍ لمعاودة بث القنوات الرسمية من مكان آخر آمن. وذلك بعد توقف بث قنواته الثلاث: اليمن وسبأ والإيمان، إثر اقتحام الحوثيين وانسحاب اللواء العسكري المرابط فيه، بعد نفاد الذخيرة وعدم الاستجابة للنداءات التي أطلقها موظفو قطاع التلفزيون لإمداده بتعزيزات.
وعلم "العربي الجديد" أنه "تم نقل البث إلى مبنى دائرة التوجيه المعنوي التابعة لوزارة الدفاع لاستمرار بث القناة". وعاودت قناة "اليمن" البث، وأذاعت نشرة التاسعة بالتوقيت المحلي من دون التطرق إلى سقوط التلفزيون في يد مسلحي الحوثي، ممّا يعزز أن النشرة مسجّلة وليست على الهواء مباشرة.
كما أكدت مصادر إعلامية أن خمسة قتلى سقطوا خلال قصف اليوم، مع تعذر وصول سيارات الاسعاف لنقل الجرحى.
من جهته أكد المتحدث الرسمي باسم "الحوثيين" محمد عبدالسلام، سيطرة مسلحي جماعته أو من أطلق عليهم "اللجان الشعبية" على مبنى التلفزيون، وذكر في بيان صحافي أن "الهدف لم يكن مبنى التلفزيون ولم يكن يهدف إلى تعطيله، بل كان الهدف قوات الجيش المنتشرة حول المبنى، التي هاجمت منطقة الجراف والمناطق المجاورة".
وأضاف أن "جماعته حافظت على مبنى التلفزيون وأن هناك قوات من الشرطة العسكرية في طريقها لاستلام المبنى".
إلى ذلك، أكد الموقع الرسمي لجماعة الحوثي، سيطرتها على منازل عدة أمام بوابة معسكر الفرقة الأولى، التي تُعتبر مقراً لقيادة المنطقة العسكرية السادسة. وذكر موقع "أنصار الله"، أن "اللجان الشعبية تمكنت بعد اشتباكات عنيفة، من التقدم باتجاه معاقل العصابات التكفيرية". وأشار إلى أنه "تم تطهير أكثر من 100 بيت في منطقة البوابة الشرقية لمعسكر الفرقة، والسيطرة على حي النهضة ومدينة سبأ السكنية التابعة لمجموعة حميد الأحمر التجارية، والمدينة الليبية من الاتجاه الشمالي للفرقة، وعلى نقطة جوار معسكر سلاح الصيانة".
يذكر أن سور معسكر الفرقة الأولى مدرع لا يبعد عن منزل الرئيس عبدربه منصور هادي سوى أقل من 3 كيلومترات.
وأفاد الموقع، بأن مسلحي اللجان الشعبية "تمكنوا من التقدم باتجاه السور الشرقي لجامعة الإيمان وتأمين الملعب الرياضي بالكامل، وطردوا فلول التكفير من تلة التلفزيون وسيطروا عليها بالكامل".
وسقوط مبنى التلفزيون الرسمي، بقدر ما هو إسكات لمنبر الدولة، هو سقوط لموقع عسكري مهم، إذ أن القطاع يقع على مساحة كاملة لجبل صغير، شمالي العاصمة، ويطلّ على العديد من الوزارات المهمة والحساسة، ومنها وزارات الداخلية والاتصالات والكهرباء ومجلس الشورى.
وأعلنت اللجنة الأمنية العليا حظر التجوال من الساعة 9 مساء السبت، وحتى الساعة 6 صباح الأحد بالتوقيت المحلي، وحتى إشعار آخر في عدد من المناطق التي تشهد عمليات عسكرية وأمنية بأمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وهي أحياء شملان ومذبح وذهبان وقرية ضلاع.
وأكدت اللجنة أن اتخاذها هذه الخطوة "أملتها الضرورة والمصلحة العامة، آملة من جميع المواطنين في هذه المناطق، الالتزام بالبقاء في منازلهم خلال الفترة المحددة لضمان سلامتهم وحتى لا يعرضوا أنفسهم أو حياتهم للخطر".
ونزح عشرات الآلاف من سكان شمال العاصمة إلى أحياء ومحافظات أخرى هرباً من مناطق المواجهات التي قتل فيها العشرات، بينهم مدنيون سقطوا بنيران مباشرة للمسلحين أو قذائف عن طريق الخطأ.