تمكن الجيش اليمني، بمساعدة اللجان الشعبية في محافظة أبين جنوب اليمن، أمس الإثنين، من دحر عناصر تنظيم القاعدة، من منطقة المحفد، بعد ساعات من تمكن التنظيم من دخولها، عقب هجوم واسع شنّه على المنطقة ومعسكراتها، تسبب في سقوط أربعة جنود قتلى، فضلاً عن إصابة آخرين. وتعدّ منطقة المحفد أحد أهم المعاقل التي كان تنظيم القاعدة ينشط فيها، قبل أن يتمكن الجيش، بمساعدة اللجان، من طرده منها العام الماضي.
وأوضحت مصادر لـ"العربي الجديد" أن التنظيم شنّ الهجوم في الساعات الأولى من فجر الإثنين، على مناطق وثكنات عسكرية في المنطقة، من جهات ومحاور عدة، واستخدم خلالها الأسلحة المتوسطة والرشاشات و"الآر بي جي"، مؤكدة أن المعسكرات والثكنات تتبع اللواء 39. ويحاول التنظيم استعادة المنطقة من الجيش واللجان بعد طرده منها العام الماضي.
وفي السياق، أفاد مصدر في اللجان الشعبية لـ"العربي الجديد" أن الأخيرة رفعت حالة الاستعداد بين أفرادها، تحسباً لأي هجمات من التنظيم على أي منطقة من مناطق محافظة أبين، مؤكداً أن اللجان حدّت من تحرك القاعدة، وقادرة على وقف أي هجوم على أبين، أو أي منطقة من مناطق الجنوب.
وبات يعتمد على اللجان ومسلحي القبائل لمساعدة قوات الجيش وضبط الأوضاع في محافظات جنوب وشرق اليمن التي تتعرض لهجمات مستمرة من قبل التنظيم. وسبق للجيش أن اعتمد على اللجان الشعبية في تطهير أبين وشبوة من عناصر تنظيم القاعدة.
لكن اللافت في هجوم التنظيم على المحفد أنه أتى بعد أقل من 48 ساعة على عودة وزير الدفاع اليمني، اللواء محمود الصبيحي، إلى الجنوب، بعد أن تمكن من الإفلات من قبضة الحوثيين في صنعاء.
وكان الصبيحي قد قام بتطهير المنطقة من "القاعدة". وبالتالي، فإن بعضهم ذهب إلى حد اعتبار أن هجوم التنظيم جاء كرسالة سياسية، أكثر مما هو انعكاس لصراع بين "القاعدة" والجيش. ويضاف إلى ذلك أن "القاعدة" دائماً ما يتهم بأنه يحصل في بعض الظروف السياسية على تسهيلات من أطراف سياسية في صنعاء.
وفي السياق، يقول المحلل السياسي عبدالرحمن أنيس لـ"العربي الجديد" "أعتقد أن تزامن هجوم القاعدة مع خروج اللواء محمود الصبيحي من صنعاء إلى عدن تزامن غير عفوي، بل يحمل أكثر من رسالة، ولا سيما أن الصبيحي هو من قاد الحملات العسكرية، لإخراج القاعدة من مديرية المحفد وعدد من مناطق شبوة، عندما كان قائداً للمنطقة العسكرية الرابعة".
ووفقاً لأنيس، فإن "هجوم القاعدة على المحفد قد يكون رسالة يحاول التنظيم من خلالها إثبات أنه موجود". ويلفت أنيس إلى أن "تمركز النظام السياسي في عدن، وانتقال السفارات إليها، سيشدد الإجراءات لتأمينها وما جاورها من محافظات الجنوب، وهو ما سيؤدي إلى تشديد الخناق على أنشطة تنظيم القاعدة".
كلام أنيس يترافق مع تحذيرات كانت قد أطلقتها أطراف سياسية عدة، بينها قوى داخل الحراك الجنوبي ومسؤولون جنوبيون لا يزالون في السلطة، وأشارت فيها إلى احتمال "إعادة تحريك القاعدة بفعل فاعل، في محاولة لإرباك المشهد السياسي في الجنوب. وهو الأمر الذي قد يعيد سيناريو الأحداث عقب اندلاع ثورة التغيير التي أطاحت بحكم علي عبدالله صالح".
من جهة ثانية، يشير بعضهم إلى أن تنظيم القاعدة يحاول، منذ فترة، فتح نافذة له عبر محافظة أبين، استعداداً لمواجهة الحوثيين، في ظل تعدد التحالفات وتغير موازين القوى، ولا سيما أن الحوثيين اقتربوا كثيراً من محافظة أبين والجنوب بشكل عام.