تتجه الأنظار اليمنية والجنوبية، على وجه الخصوص، إلى إمارة أبوظبي، مع توافد العشرات من القيادات الجنوبية، في الداخل والخارج إليها حالياً، استعداداً للمشاركة في لقاء جنوبي موسّع ومرتقب، شابته تساؤلات عديدة وتغيرات سياسية، وصار مثار جدل بين مختلف المكونات السياسية، لا سيما مع دخول بعض الدول الخليجية على الخط.
وتقول مصادر مطلعة فضلت عدم نشر اسمها ل "العربي الجديد"، إنّ اللقاء الموسع فشل، بسبب ضغوط سعودية، وتحول إلى لقاء تشاوري مصغر، في الوقت الذي ترجّح فيه أطراف سياسية، أن يتم حصر اللقاء بقيادات محسوبة على الحزب "الاشتراكي" اليمني، الحاكم سابقاً للجنوب، وهو ما أثار تخوفات في الداخل الجنوبي واليمني والخليجي، في ظل العلاقات التي تربط بعض تلك القيادات بإيران، خصوصاً مع التقارب الحالي بين "الاشتراكي" والحوثيين.
ومن ضمن الأطراف المهمة داخل الحراك غير المشاركة في اللقاء، حزب "الرابطة" وحركة "النهضة" و"الهيئة الوطنية" و"المجلس الأعلى" جناح علي سالم البيض، و"الحراك الجنوبي" المشارك في الحوار الوطني.
ودعت قيادات "مؤتمر القاهرة"، أحد مكونات الحراك الجنوبي، في مقدّمتها الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد، إلى لقاء أبوظبي في البداية. ونسق اللقاء رئيس الوزراء اليمن الأسبق، حيدر أبو بكر العطاس. وكان من المفترض أن يُعقد اللقاء الموسع في أبوظبي، بمشاركة كل الأطراف السياسية الجنوبية. وجرى التواصل مع مختلف الأطراف وإشعارها فعلياً بضرورة حضور اللقاء، للخروج بموقف سياسي موحد بخصوص الأحداث الجارية في اليمن، لا سيما قبيل انعقاد حوار الرياض.
غير أنّ ما كان مقرراً فعلياً في لقاء أبوظبي تبدّل، وتغيرت بعض الأطراف المشاركة فيه، وتم استثناء بعضهم في اللحظات الأخيرة، رغم أنه جرت الموافقة على تأشيرات الدخول من قبل دولة الإمارات للجميع، فيما قررت أطراف سياسية مقاطعة اللقاء.
وقالت مصادر سياسية رفيعة لـ"العربي الجديد"، إن "قيادات منظِّمة للقاء أبلغتهم بأن الموضوع لم يعد كما كان مقرراً، وأنه تم تحويل المؤتمر إلى "لقاء تشاوري"، ولا يمكن أن يخرج عنه موقف معين، بقدر ما سيكون تشاورياً".
مصادر سياسية أخرى في العاصمة الإماراتية أبوظبي، فضلت عدم نشر اسمها، تؤكّد ل "العربي الجديد"، أن التغيير الذي طرأ في لقاء أبوظبي الجنوبي، جاء برغبة إماراتية، بعد تلقيها ضغوطاً من السعودية بعدم عقد اللقاء قبيل حوار الرياض، مشيرة إلى أن "الرياض أبلغت الإمارات وقيادات جنوبية، أن أي لقاء يتم، لا بد أن يكون ضمن حوار الرياض".
وكانت مصادر مطلعة قد أشارت إلى أن الرئيس حيدر أبو بكر العطاس، الذي كان في القاهرة قبل أيام، ويستعد للذهاب إلى الإمارات، غيّر من وجهة رحلته إلى الرياض مباشرة، قبل الانتقال إلى أبوظبي، وأنه أبلغ عددا من الأطراف، بأن هناك تغييرا في الموقف من عقد اللقاء، ملمحاً إلى وجود ضغوط سياسية.
ويتوقع أن يشارك في اللقاء التشاوري القيادي الجنوبي حسن أحمد باعوم، ورئيس "المؤتمر الوطني لشعب الجنوب"، محمد علي أحمد، إضافة إلى علي ناصر محمد والعطاس، وقيادات أخرى. ويحظى الحزب "الاشتراكي" بفرصة أكبر في المشاركة، إضافة إلى أطراف حزبية جنوبية، بينها حزبا "الإصلاح" و"المؤتمر" جناح علي عبد الله صالح، فيما الموالون لهادي، من أعضاء حزب "المؤتمر" الجنوبيين، وأطراف داخل الحراك الجنوبي، قاطعت اللقاء.
وكان هدف اللقاء أن يعيد ترتيب الصف الجنوبي، وهو ما يتأمله الشارع الجنوبي بعد سنوات عجاف عاشها، لكن يبدو أن الفاعلين الإقليميين والدوليين لهم رأي آخر.
ويعتقد مراقبون أن الموقف الجنوبي الحالي، قد يتبلور بين طرفين جنوبيين؛ طرف يتزعمه الرئيس اليمني الحالي عبدربه منصور هادي، الموجود في عدن، والطرف الثاني الذي قد يجتمع في أبوظبي، ويتزعمه الرئيس السابق علي ناصر محمد، وقد ينسحب من هذا الطرف، المقربون من دول الخليج. ويحمل كل طرف منهما مشروعه الخاص، وبات واضحاً أن كل واحد منهما، له رؤية مختلفة عن الحل في اليمن.