واصل الحوثيون (أنصار الله) تلويحهم بخيارات سياسية بعيداً عن التوافق مع الأطراف المؤيدة للشرعية، وكشفوا عن توجّه لتشكيل "مجلس رئاسي".
وتعمل الجماعة على إقناع مكوّنات أخرى للتوافق معها والمشاركة بالمجلس الجديد، وسط تباين واضح بينهم وبين حليفهم حزب "المؤتمر الشعبي العام"، والمكوّنات الأخرى التي شاركت ضمن وفد صنعاء الذي شارك في مشاورات جنيف السويسرية، وأهمها الحزب "الاشتراكي" اليمني.
وجاء الحديث عن "مجلس رئاسي"، عقب تصريحات سابقة لوفد الحوثيين إلى جنيف، عن تشكيل "حكومة شراكة" كخيارٍ بديلٍ عن التوافق الذي فشلت جهود الأمم المتحدة بالوصول إليه. غير أن "الاشتراكي" رفض المشاركة في أية حكومة يُشكّلها الحوثيون من دون اتفاق مع باقي القوى.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه المتحدث الرسمي للجماعة، محمد عبد السلام، في تصريحات صحافية، أن "المجلس الرئاسي يبدو الحلّ الوحيد"، لم يُعلن أي من الأطراف السياسية الأخرى تأييده للفكرة حتى الآن. الأمر الذي يجعل من التصريحات أداة للضغط أكثر منها خطوة قابلة للتنفيذ على المدى المنظور، وخصوصاً مع استمرار جهود المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والذي يحمل مقترحات لوقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية.
من جهة أخرى، بدا واضحاً أن طرح تشكيل حكومة أو مجلس رئاسي يتولّى بدوره تشكيل الحكومة، أمر لا يزال مجرّد اقتراح من الحوثيين فقط، إذ لم يحدد حزب "المؤتمر الشعبي العام"، موقفاً مؤيداً له.
وفي الوقت عينه يواصل أنصار "المؤتمر" الترويج لفكرة تشكيل "مجلس عسكري"، الذي يتردد الحوثيون تجاهه، ومن غير المستبعد أن يقبلوا به، في حال أصرّ شريكهم، الذي يتمتع بنفوذ واسع في الجيش والأمن على تشكيله. غير أنه من المستبعد إمكانية قبول "المؤتمر" بخيارات الحوثيين التفرّدية، باعتبار أن من أبرز الخطوات التي اتخذها الحوثيون في السابق، كانت تشكيل ما يُسمّى "اللجنة الثورية العليا"، وحلّ البرلمان الذي يتمتع فيه حزب صالح بأغلبية.
وأياً تكن الخطوة السياسية التي سيتخذها الحوثيون، فإنها لن تغيّر من الوضع كثيراً، باعتبار أن الأمم المتحدة راعية الجهود التفاوضية، ودول الخليج المؤثرة بشكل مباشر في الوضع اليمني، لا تزال تتمسك ب"الشرعية" ولن تعترف بأي صيغة انقلابية غير متوافق عليها.
في السياق، يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن، ولد الشيخ أحمد، لقاءاته مع الأطراف السياسية اليمنية وسفراء الدول المعنيين في اليمن، والمتواجدين في العاصمة السعودية الرياض، بعد أن تسلّم مقترحاً من الحكومة يتضمن آلية تنفيذية للقرار 2216. ومن المقرّر أن يتجه المبعوث الأممي إلى صنعاء، يوم الأحد المقبل، للقاء الحوثيين والأحزاب الأخرى ليعرض عليهم خطته في ضوء اللقاءات التي أجراها في الرياض.
ويسعى المبعوث الأممي إلى إبرام هدنة، لمدة نصف شهر، حسبما أعلن في تصريحات صحافية، لكن "الهدنة" المؤقتة لا تبدي بعض الأطراف حماسة لها، إذ ترى أن الهدنة السابقة لم تخدم سوى الحرب التي تجددت من جديد بشكل أعنف.
مع العلم أن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، دعا فجر أمس الخميس، إلى وضع حدٍ فوريٍ للقتال الدائر في اليمن، مطالباً أطراف الأزمة ب "وقفه إنسانياً حتى نهاية رمضان (منتصف شهر يوليو/تموز الحالي)، على أقل تقدير" في ظل بلوغ الأزمة الإنسانية مستويات غير مسبوقة تنذر بكارثة شاملة تهدد البلاد.
وقال الأمين العام إن "أكثر من 3 آلاف يمني لقوا مصرعهم، في الأشهر الثلاثة الماضية، نصفهم مدنيون". وكرّر في بيان، الدعوة إلى "وضع حدٍّ فوري للقتال في اليمن، للمساعدة في منع الكارثة الإنسانية الجارية في البلاد".
وأردف قائلاً "أدعو الأطراف المعنية إلى توافق على وقفة إنسانية فوراً، في أعمال القتال، وحتى نهاية شهر رمضان، على أقل تقدير، من أجل إيصال المساعدات الإنسانية، والوصول إلى الناس الذين قُطعت عنهم الإمدادات الحيوية منذ أشهر".
وتابع البيان أنه "في الأشهر الثلاثة الأخيرة، قُتل أكثر من 3 آلاف يمني، نصفهم من المدنيين، وأُصيب أكثر من 14 ألفا آخرين، واضطر أكثر من مليون شخص إلى الفرار من منازلهم".
وأضاف بيان كي مون أن هناك "21 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة فورية، فيما أصبح أكثر من 13 مليون شخص غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية، و15 مليون شخص من دون رعاية صحية، في الوقت الذي تفشت فيه حمى الضنك والملاريا".
وأكد الأمين العام "ضرورة أن يفي أطراف النزاع بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين، وتمكين العاملين في المجال الإنساني من تقديم المساعدات المنقذة للحياة". وجدد بيان الأمين العام "التزام الأمم المتحدة، من خلال جهود المبعوث الخاص، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، دعم اليمن في البحث عن حل سياسي، باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق".