آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

باهية باكاري.. معجزة النجاة في رحلة اليمنية المنكوبة

عمرها أربعة عشر عاما لم يكن موعد رحيلها من الدنيا المؤلمة الآن.. لم تكن ساعتها .. موعد تحطم الطائرة اليمنية في وقت مبكر من صباح الثلاثاء.. لقد نجت.. حيث لا ينجو أحد في الغالب .. لكن للرحيل آجال في علم الله..

قد يرحل البشر جماعات وقد يرحلون فرادى.. لكن بهية أو باهية .. بقيت ومات من معها في الرحلة المشئومة 626.

الفتاة المراهقة سافرت مع والدتها إلى بلادها الأصلية جزر القمر قادمة من ضاحية من ضواحي باريس الجنوبية .. والدها قاسم بكاري أو باكاري ربما (حضرمي بامتياز) قال إنها سافرت مع والدتها .. نجت البنت إذن.. هذه نعمة...

والدها تحدث عن ابنته لإذاعة فرنسية محلية .. نقل إعلام أوروبا والغرب وشرق آسيا حديث الأب .. العرب إعلاميا متخلفون .. قال الأب إن بقاء ابنته حية معجزة حقيقية.. نعم هي كذلك.. ثم شرح أن ابنته تعلقت فوق قطعة من حطام الطائرة .. بقيت معلقة على القطعة الحطام حتى مر زورق إنقاذ.

قائد زورق الانقاذ عبد عليلي قال إنه سمع حركة أو صوتاً خافتاً، فاقترب من ذلك الصوت في ظلام دامس .. تحرك قاربه بين الحطام وربما الجثث لقطة شبيهة بلقطة من "تيتانيك".. ذلك الشخص الذي يبحث بمصباحه عن ناجين.. عبد عليلي من قاربه رأى باهية متشبثة بالقطعة.. بدت ضعيفة وخائرة القوى هكذا قال.. رمى لها حبلاً للنجاة لكنها لم تلتقطه.. كانت ترتجف من البرد.. قواها كانت معطلة.. قفز احدهم وحملها إلى القارب..

باهية بكاري.. تقول في حديث مختصر لوالدها إن الكرسي طار بها ووجدت نفسها بجانب الطائرة وحطامها في الماء.. وقالت إنها سمعت صوتاً بجوارها، لكن الظلام كان دامسا لم تتمكن من رؤية أحد.. ربما كان هناك مزيد من الناجين في تلك اللحظات الأولى بعد الحادث، ولكنهم واحدا تلو الآخر .. ماتوا.. كانوا كلهم بانتظار الإنقاذ.

باهية الآن تخضع للعلاج .. لديها إصابة في الرقبة وكدمات قوية في الوجه والجسم.. هل هي الناجية الوحيدة.. أتمنى لا.. ولكن يبدو ذلك..

وفي حين تتلقى باهية العلاج ذهب صباح اليوم الأربعاء مجموعة من الشبان الفرنسيين من أصول قمرية وقاموا بتشكيل سلسلة بشرية أمام خانة حجوزات "اليمنية" للفحص في مطار "شارل ديغول" في باريس وحاولوا منع الركاب من الصعود إلى متن رحلة عادية إلى صنعاء لأنهم اقتنعوا بحسب التصريحات الفرنسية أن الخطأ تتحمله "اليمنية".. تمكن هؤلاء من تخويف 60 راكبا عادوا إلى بيوتهم وصعد نحو 100 مسافر الطائرة التي أقلعت في موعدها المحدد.

الخطوط العريضة للقصة معجزة إلهية.. سبحان الله.. كيف تمكنت فتاة من الضواحي الجنوبية لباريس ، والدها وصفها بأنها "هشة" فتاة "يمكن بالكاد تسبح"، كيف لها أن تتمكن من البقاء على قيد الحياة.. الله ولا غير الله.. كان هناك 153 شخصا على متن طائرة إيرباص 310-300 -- 142 راكبا و 11 من أفراد الطاقم ..

قد يكون كل هؤلاء استشهدوا.. عند سقوط الطائرة بسبب رياح شديدة وأمواج عاتية وهي نفسها الحالة الجوية التي تعيق الآن فرق الإنقاذ من فرص العثور على أحياء.

زر الذهاب إلى الأعلى