التصدي والثبات والصمود الذي أبداه اليمن ويبديه بوجه الرياح الصفراء والسوداء القادمة من خلف الحدود، وتلك السياسة الحكيمة والمنطلقة من روح الشعور بالمسؤولية الوطنية والتي عالج بها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح الموقف وتداعياته، أعاد الثقة والاعتبار مرة أخرى باليمن ومن أنه مازال يفضل الخيار الوطني وسيادة منهج الحوار وتبادل الافكار، على كافة الخيارات الأخرى.
وهذا الأمر أثبت للعالم بأن حكمة الرئيس صالح كانت أكبر وأوسع شمولية واستيعابا من النوايا والأهداف الخبيثة التي حلم بها أعداء الشعب اليمني، بل أعداء العروبة، من خلال ما بذلوه من جهد مسموم من أجل زعزعة وحدة واستقرار وثبات البلاد وتهديد الأمن القومي العربي.
التمعن بهدوء وروية في ما يجري في اليمن من أحداث وأمور، والتوقيت والسياق اللذين يرافقانها، يوحيان ومن دون أدنى شك بأنه لا يمكن مطلقا عدم ربطها بأجندة وأياد خارجية، وأن ذلك الهدوء والاستقرار النسبي الذي خيم على اليمن، لا ولم يكن خيارا لأعداء اليمن والمتربصين شرا به، وإنما كان خيارا وطنيا خالصا فرض بقوة الإرادة الوطنية وحنكة وحكمة القيادة اليمنية على الذين يريدون المساس بسيادة وأمن الوطن.
وعندما نقول "حنكة وحكمة" القيادة اليمنية، فإننا نريد أن نلفت الأنظار إلى شكل ومضمون أسلوب وطريقة معالجة هذه القيادة للأزمة وتداعياتها، إذ إنها لم تفكر بمنطق الإطلاق من حيث قطع كافة الطرق والحبال مع المتمردين على الإرادة الوطنية وإنما، وعلى العكس تماما من نوايا وأهداف الأعداء والمتآمرين خلف الحدود، سعت قيادة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وبسعة صدر استثنائية لفتح ذراعي اليمن أمام المغرر بهم أو المنبهرين أو المخدوعين بترانيم وأحاجي شيطانية قادمة من بلاد ولاية الفقيه، وهي بذلك ابتغت عدم التفريط بالإنسان اليمني بسبب من خطأ أو خطل أو تلابس ما يقع تحت تأثيره بقوة مغريات خارجية، وعملت بكل قوتها وهمتها المخلصة من أجل إعادة هؤلاء إلى رشدهم وتنبيههم من أن حضن اليمن هو قبل وبعد كل شيء أكثر دفئا وأمانا من أي ملاذ أو ركن آخر قد يوحي لهم بالأمن والأمان كذبا وزورا ونفاقا.
إننا كمرجعية إسلامية للشيعة العرب، نرى بأن الإرادة الوطنية الراسخة التي تجلت وتتجلى في طريقة اليمن في معالجة الأزمة والتي لفتت أنظار الأوساط السياسية والإعلامية على الصعيدين الإقليمي والدولي، قد زادت من حنق وكراهية وبغض أعداء اليمن ودفعتهم للمزيد من التشبث بالأحابيل والخطط الشيطانية الماكرة والخبيثة بهدف النيل من هذا القطر العربي.
وإننا كمرجعية إسلامية للشيعة العرب، نرى أيضا بأن التوتر الأخير الذي حدث في الآونة الأخيرة وأخذ الجيش اليمني على حين غرة، وذلك التطبيل والتزمير المثيرين للقرف والاشمئزاز، الذي قامت به بعض الأوساط الإعلامية والسياسية المقربة من نظام ولاية الفقيه والذي سعى للإيحاء للعالم بأن الإرادة الوطنية وقدرة التصدي والمواجهة للقوات المسلحة اليمنية قد تضعضعت، ولم يكن الهدف من وراء ذلك إلا امتصاص وإفراغ تلك السياسة الحكيمة للرئيس صالح من محتواها الوطني ودفعها بإتجاه تعارضي ومتضاد تماما، أملا في المزيد من الصيد في الماء العكر؛ وهو أمر لا ولن يحدث مهما طالت الأزمة، إذ إن الأب لا يمكن أن يتبرأ بتلك السهولة من أبنائه "العاقين"، وهو يلجأ لمختلف الخيارات من أجل السعي لإعادتهم إلى أحضانه، وإن هذا الدفء والحنان الأبوي وإن كان يتسم بسعة صدر وطول نفس وأناة، لكنه قطعا لن يكون إلى ما لا نهاية ولا سيما فيما لو استمر الأبناء في عقوقهم وقطعوا كافة الخيوط وطرق العودة وسعوا لإلحاق الأضرار عمدا وعن سابق إصرار ببقية إخوانهم؛ عندئذ، فإنه لا مناص من أنه ما من خيار آخر أمام الأب سوى التصدي بحزم بالغ لهؤلاء.
وكما أن آخر العلاج هو الكي بالنار فإن الأجدر والأجدى نفعا الانتباه لهذه النقطة وعدم التفريط أبدا بتلك الدعوات المخلصة التي يطلقها الرئيس صالح من أجل إعادة الرشد لمن ضل سبيله بالدعاوى والأراجيف الباطلة لنظام ولاية الفقيه.
وإننا كمرجعية إسلامية للشيعة العرب، ومن موقعنا وباب حرصنا البالغ على إخوتنا الشيعة في اليمن بشكل خاص والشعب اليمني بشكل عام، ندعو ونحث إخوتنا هناك على ضرورة نبذ وترك الدعوات المشبوهة والمزيفة المملوءة كذبا ونفاقا لنظام ولاية الفقيه وعدم الانخداع بها واللهاث وراءها، إذ إنها في نهاية المطاف كسراب بقيعة لا يروي الظمآن، وإنه لن يكون سوى زبد، والزبد يذهب جفاء و"أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
وعليهم أن يميزوا بين رغوة وزبد ولاية الفقيه الماضي إلى زوال وبين الدعوات المخلصة للأخ الرئيس علي عبد الله صالح والتي ستمكث في الأرض لأنها تنفع الشعب اليمني وتوحده، خصوصا وأن شهر رمضان شهر الطاعة والغفران على الأبواب، ومن المفيد جدا أن يغتنمه كل من انخدع بالأكاذيب والدعاوى الباطلة للنظام الإيراني ويعود إلى نفسه ليعي أن دينه الحنيف أرفع وأعلى مستوى ممن يسيس لأمور دنيوية زائلة "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".