السيد صادق بن عبدالله الأحمر شيخ مشايخ حاشد الأكرم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
بداية أهنئك وإخوتك المشايخ الكرام على نيلكم شرف الانضمام المبكر إلى الثورة والدفاع عنها. وما ذلك منكم ببعيد وأنتم درة قبيلة حاشد الثائرة وأبناء الشيخ المناضل عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله. وأذكرك أن درب الشرف الذي سلكتموه وعرٌ صعبٌ قد يسير فيه الكثير لكن لن يثبت عليه إلا القليل. وهو درب عطاء لا أخذ, تُدفع ضريبته نقصاً من الأموال والأنفس والثمرات. يُضحى له لا به. ويُبذل فيه لا منه. ويُقدم ولا يُتقدم عليه.
الشيخ الصادق: كم كانت كلماتك واضحة بيّنة وأنت تعلن لشباب الثورة انقيادك لهم, مطمئنا إياهم على مستقبل ثورتهم. مؤكدا لهم أنه لا مطمع لك أو لأخوتك المشايخ في شيء غير شرف إنقاذ الوطن من ربقة الاستبداد والقهر والطغيان. معطياً العهود على ذلك ومن كان في مثل صدقك ونبلك لا يحتاج منه الناس إلى عهود.
إننا وفي هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ الوطن, حيث يلوح في أفقنا شعاع فجر جديد لنجدنا نحن اليمانيين في حاجة ماسة للمصارحة والمناصحة استغلالا للحظة, واهتبالا للفرصة, وحماية للقادم الجميل. وفي هذا السياق تأتي رسالتي هذه.
إن ظهور اثنين من إخوتك المشايخ الكرام إلى جانبك في قوام المجلس الوطني الذي لا يزيد أعضائه على مائة وثلاثة وأربعين عضواً مثَل انتكاسة كبيرة لفكرة العمل الوطني المتجرد من "الأنا". والمتطهر من "المصلحة". وفتح باب القبول واسعا أمام ظنون السوء التي ما فتئ المتربصون يوسوسون بها للناس صباح مساء.
فهل عقمت المحافظات اليمنية الأخرى بل القبائل اليمنية الأخرى بل الأسر اليمنية الأخرى عن إنجاب شخصيات وطنية تستحق المشاركة في قيادة الثورة, واستكمال عملية التغيير. ليضطر الثوار إلى ملئ الفراغ , و"توفية العدد" من أسرة واحدة.
إنني على ثقة من أنك لم تكن وراء هذا الاختيار. ولم تطالب به. ولا احد من إخوتك. وأن السبب الحقيقي هو تقدير اللجنة التحضيرية للحوار الوطني لدوركم البارز, وتضحياتكم الكبيرة. ولكن النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد.
الشيخ الصادق: لقد أضفتم إلى الرصيد النضالي الكبير الذي ورثتموه عن والدكم رصيدا آخر استطعتم به شراء قلوب الناس محبة واحتراما وتقديرا. فأرجوا أن لا تعطوا لأحد توكيلا يتمكن به من سحب هذا الرصيد وأنتم لا تعلمون.
إن التضحيات لا فواتير لها. والمرابي مع وطنه خسران. وإن ما يُبنى من الثقة في سنين قد يهدم في يوم. وأنتم أكبر من أن تُصدّقوا وشايات المغرضين فيكم, وتُشمتوا الأعداء بكم.
إنني لا انظر للتمثيل في المجلس الوطني من زاوية اليوم بل الغد, فالنهايات لا تعرف إلا بالبدايات. والنتائج لا تدرك إلا بالمقدمات. والوقاية خير من العلاج. فلا تجعلوا سعادتكم بتقدير الأحرار لتضحياتكم تنسيكم عظمةَ وطنٍ تهون في سبيله التضحيات, وتعميكم عن ضرورة تقدير بقية المكونات التي لا تقل عنكم بذلا ونضالاً وتضحية. فإن ما بقي من موجبات النضال أشق مما مضى. ولن تكفي الشعارات وحدها لاستكمال تحقيق أهداف الثورة. بل لا بد من تقديم المثال , وإبراز القدوة, وصنع النموذج. فلا تُسبقوا إلى ذلك.
إنك أيها الشيخ الحر مطالب بتأكيد عهودك ومواثيقك للشباب والشعب وذلك برفض التمثيل الثلاثي في المجلس والاقتصار على ممثل واحد عنكم. بل والمطالبة بإضافة المقعدين الآخرين لأبناء الجنوب المهضومين فهذا ما تستوجبه الوطنية الحقة وأنت لها أهل. وتأكد أنك بذلك تكون وإخوتك قد أضفتم لأنفسكم آلاف المقاعد الشاغرة في قلوب الناس.
كما أنك مطالب بالتنبه لأي ترتيبات في المستقبل قد تجرح عهودك ومواثيقك. وتقدح في اطمئنان الناس إليكم وثقتهم بكم.
مع بالغ تقديري وحبي
فؤاد الحميري
* ناشط وشاعر، خطيب جمعة الكرامة