الحفل الذي جرى أمس في دار الرئاسة لم يكن لتنصيب المشير عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية، وإنما كان لتكريم الرئيس الذي خلعه شعبه.
أنا لا ألوم الرئيس عبدربه منصور على حضور هذا الحفل، فمن الحكمة ألا يفتح الرجل معركة قبل أوانها مع رئيس سابق مازال يتحكم في نصف الجيش وكل الأمن.
ولا ألوم أولئك الذين حضروا الحفل، فلو كنت موجوداً لحضرت وشاركت في هذه الفعالية الممتعة؛ لأنها أفضل من حضور أي مسرحية أو فيلم ترفيهي، فليس هناك أكثر متعة من رؤية رئيس خلعه شعبه يحتفل بهذا الخلع.
الثورة فعلاً كانت ضرورية ضد من لا يخجل، وأتمنى أن يكون هذا آخر لقاء يجمع بين الرئيسين السابق والحالي، إلى أن تبدأ هيكلة الجيش، ونتخلص من هذا الكابوس المفروض علينا.
يخطئ اللواء علي محسن الأحمر، والشيخ حميد الأحمر، والشيخ صادق الأحمر، والأستاذ عبدالوهاب الآنسي، والأستاذ محمد اليدومي، والدكتور ياسين سعيد نعمان، والأستاذ سلطان العتواني، والأستاذ محمد سالم باسندوة، والثائر محمد علي أبو لحوم، والأستاذ سالم بن طالب، والأستاذ سعد بن طالب، والثائرة فائزة السليماني، وجميع ثوار ساحات التغيير والحرية وعشاق الدولة المدنية، عندما يظنون أن الثورة الشبابية قد أنهت مشروع التوريث إلى غير رجعة، أو أن أحمد علي ويحيى وطارق وعمار سوف يختفون، فكيف بالله عليكم سوف يختفون؟!
ويخطئ المشير عبدربه منصور هادي عندما يظن أنه أصبح يملك الشرعية بعد انتخابه، الشرعية التي يملكها هادي هي شرعية لا تصرف في أي بنك؛ لأنها مستمدة من ستة ملايين مسالم، أما الشرعية التي مازال يهيمن عليها سلفه فلا هي دستورية ولا شعبية، ولكنها تصرف في كل البنوك؛ لأنها مستمدة من قوة الحرس وراجمات الصواريخ، إنها شرعية السراب والأمل الكاذب بأن الرئيس الجديد سيقبل بتحويل نفسه إلى جسر لتمرير التوريث بعد سنتين من الآن.
وليصدقني من يصدق أو ينكر قولي من ينكره أن الرئيس الجديد يستطيع أن يعلن رسمياً عن شرعيته بتعيين قائد جديد للحرس الجمهوري بدلاً من قائد حرس الرئيس السابق، أو أن يؤجل هذا القرار ويؤكد الشائعات عن وجود اتفاقات خفية مع الرئيس السابق ووعود دولية بالإبقاء على أولاده في مناصبهم مقابل تنازل سلفه له عن منصبه.
ليس من الضروري أن يتخذ عبدربه منصور هادي قراراً بإقالة عمار أو يحيى أو طارق لإعلان شرعيته على الملأ، فهؤلاء يمكن أن يتساقطوا بكل سهولة لو أن عبدربه اتخذ القرار الأكثر إلحاحاً، وهو تعيين قائد جديد للحرس الجمهوري من طاقم عبدربه نفسه، وليس من طاقم الرئيس السابق.
إن بقاء نجل الرئيس السابق في منصبه لا يعني سوى تأكيد الحقيقة المرة بأن مشروع التوريث مازال قائماً، وأن رواد المشروع يريدون استخدام الرئيس الجديد كمحلل شرعي لزواج محرّم سياسياً وشرعياً، وهذا ما لا نقبله للمناضل هادي، ولا نظن أنه يقبله لنفسه.
ولهذا السبب ولأسباب كثيرة سيأتي وقت تعدادها في حينه لابد من تغيير قائد الحرس الجمهوري في أقرب فرصة ممكنة إذا أراد الرئيس الجديد أن تهدأ الأوضاع ويعود الثوار إلى منازلهم.
بعد هذا القرار لن يتجرأ الرئيس المنتحب (بالحاء وليس بالخاء) على رفع سماعة الهاتف لمخاطبة الرئيس المنتخب أو لدعوته إلى وليمة لا يرغب بها، سوف يضطر الرئيس المنتحب إلى الانسحاب بهدوء إلى منفاه الذي أعده له شاهر عبدالحق في أثيوبيا أو يلزم الصمت إلى الأبد.
وبما أن الرئيس السابق وأبناءه لا يخجلون من التمسك بالتسلط على شعب يرفضهم ويلفظهم، فالسؤال المطروح هنا من سيتخذ قرار عزل قائد حرس الرئيس السابق؟ هل يتخذه الرئيس المناضل عبدربه منصور؟ أم يتخذه أبطال الحرس الجمهوري من المخلصين لثورتهم وشعبهم ومستقبل أبنائهم.. الأيام القادمة ستجيب على هذا السؤال.