أرشيف الرأي

فاجعة وَطَن برحيل قَطَن!

بلغني النبأ (الفاجعة) بعد استشهاده بحوالي نصف ساعة، وكان مصدر الخبر، هو اخي الاصغر الذي يسكن في نفس الحي (ريمي) بمديرية المنصورة بمحافظة عدن..الذي هاتفني بصوت حزين قائلا: لقد قتلوا العم (سالم) واثنين من مرافقيه !

لم اتمالك نفسي من هول الخبر، ورحتُ اضعَ عليه بعضَ الاسئلة ِ السريعة: كيف حصل ذلك ومتى ؟

اجابني اليوم (الاثنين) في حوالي الساعة الثامنة وعشر دقائق، عندما كان الشهيد البطل اللواء سالم قطن، في طريقه إلى مقر عمله كالعادة.. وعلى بعد عشرات الامتار من منزله، صحونا على دوي انفجار هائل، ضجَّ مضاجعنا واصابنا بالذعر والهلع الشديدين

مستطرداً بالقول: هرعتُ كغيري من المذعورين من ابناء الحي، صوبَ صوتِ الانفجار، واذا بي اشاهدُ ما لم يخطر ببال (انسان ) !..

فالمنظرُ كان مقززاً وباعثاً على الغثيان، اختلطت فيه مشاعرُ الأسى، مع بعض أصوات سخط ٍ واستنكار، ردَّدتها حناجرُ كلِّ مَنْ حضروا لحظة الحادثة الأليمة!

سألته وماذا بعد؟
فاجابني: تحوَّلَ مكانُ الجريمة الشنعاء إلى أشبه باستفتاءٍ (شعبي) غاضب..
فكلّ عَبَّرَ عن غضبه لهول وفداحة المصاب بطريقته.. فمنهم من قال: لن يسلم قادتنا (الابطال) من مؤامرات وكيد (الانذال)!.. ومنهم من ردَّدَ مستغرباً: "مُشْ" معقول هذا الذي يحصلُ في بلادنا !..

والبعضُ الاخرُ ظلَّ يضربُ كفاً بكفٍّ، والحيرة تلفهُ من الامام والشمال واليمين والخلف: ولسان حاله يقول: حتى اخواننا (الصوماليين) لم يجدوا مكانا ينتحرون فيه، إلا هنا في هذه البلاد التي يكفيها ما فيها والتي فتحت لهم أبوابها، وآمنتهم من خوف، واطعمتهم من جوع، واحتضنتهم ووفرت لهم كل وسائل الأمن والأمان؟

هكذا انتهى الحوار بيننا..حيث لم أجد في خاتمته، إلا ان أسدي لأخي النصيحة بأخذ الحيطة والحذر.. مؤكدا له؛ ان مكر اولئك الاشرار..(اعوان الشيطان)!، لن يقف عند حد، بل ربما يتواصل ويستمر، ويتخذ أساليب واشكال مختلفة للايقاع بكل من حاول أو يحاول استنكار افعالهم الاجرامية المشينة، ناهيكم عن اولئك الذين تصدوا لهم ودحروهم من (بعض) مناطقنا التي اكتوت بنار ولهيب تلك (النبتة) الشيطانية المسماة "ارهاب القاعدة"!

وقبل الختام: اعلمُ كما يعلمُ كل (العسكريين) القريبين من مسرح العمليات الحربية في ابين ان للشهيد المغوار اللواء الركن سالم علي سالم قطن، دورا بارزا وملحوظا في تغيير مسار الاحداث، منذ ان وطأت قدماه قيادة المنطقة الجنوبية كقائد لها، بتعيين من فخامة الاخ الرئيس القائد المشير عبدربه منصور هادي مارس الماضي، خلفا للواء مهدي مقولة!..ويبدو ان لهذا السبب، وغيره من الاسباب، كان و سيكون –لا سمح الله- قادتنا (الميدانيون) اهدافا (حية) مباشرة لتلك الشراذم الشريرة، بعد ان منيوا بالهزائم النكراء في جبهات القتال في ابين وشبوه..

فليس مستغرباً ان تتعدّدَ (وسائلُ) القتل وتتنوَّعَ (اساليبُها) في ظلِّ حالةٍ من الانكسار (النفسي) والمعنوي التي تعيشها تلك الجماعات الحاقدة المارقة والذميمة!

نعم ؛ انها الفاجعة الاعمّ..ان نسمع ان فارساً من فرسان (الميدان)، قد ترجَّلَ –على حين غرة- ورحلَ عن دنيا الزوال، بتلك الطريقة المُقززة والبشعة..

فرحيلُ اللواء قطن، لن يزيدنا إلا اصراراً واستماتة، في مقارعة آفة الارهاب وتجفيف منابعه، في كلِّ محافظات اليمن، وبدون استثناء

فنم قريرَ العين، ايها الشهيد البطل، فقد اختارك اللهُ سبحانهُ وتعالى، ضيفاً إلى جواره، في ذكرى (دينية) عزيزة على قلوبنا –نحنُ المسلمين- في كلِّ بقاع الارض..

انها الايام الروحانية (المفترجة) التي تعقب ذكرى الاسراء والمعراج من كل عام!

زر الذهاب إلى الأعلى