آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

القاهرة.. بإشراك إيران في سوريا

منذ أن اقترح الرئيس المصري محمد مرسي لجنة رباعية لحل الأزمة السورية وأعطى الإيرانيين مقعدا فيها أثار تساؤلا بأنها خطوة جيدة لتفعيل دور مصر النائم، لكن لماذا إيران؟

أخيرا، عقدت الثلاثية بحضور مصر وتركيا وإيران، وتغيبت السعودية بحجة أنها مشغولة. طبعا حجة غير مقنعة، والأرجح أنها تعمدت الابتعاد عن مشاركة إيران في القرار السوري لأنه سيعطي لاحقا النظام في طهران صكا يخولها طرفا في كل القرارات التي قد تتخذ إقليميا حيال سوريا.

ربما تريد حكومة مرسي أن تدشن عهدها بعيدا عن مفاهيم السياسة الخارجية في عهد مبارك، وهذا من حقها لولا أن هذا الموضوع تحديدا يضر بسوريا، وسيضر بالمصالح المصرية العليا. إيران صريحة جدا في موقفها بإنقاذ نظام بشار الأسد، وقد دفعت الغالي والنفيس من أجل إبقائه واقفا على قدميه حتى الآن، منذ قيام الثورة في العام الماضي. وإيران كذلك مسؤولة مسؤولية مباشرة عن جرائمه التي أتت على عشرات الآلاف من الأبرياء في أبشع مجازر عرفتها المنطقة، ولا يزال القتل مستمرا. ومن الأكيد أن النظام الإيراني سيقوم بحرف اللجنة نحو تعطيل أي حل حقيقي، وستكون تبعات ذلك على سمعة حكومة مرسي غالية. يستحيل أن تكون إيران طرفا إيجابيا في إقصاء الأسد عن الحكم وإنهاء الأزمة، وكل ما تقوله عن حل سلمي يعني شيئا واحدا هو الإبقاء على نظام الأسد. وبسبب موقفهم وشراكتهم للأسد بات السوريون يكرهون كل ما له علاقة بالنظام الإيراني، تماما مثل كراهيتهم للنظام السوري، وبالتالي حتى لو وجد حل سلمي، مع أنه أمر مستبعد، فإنه سيكون مرفوضا من قبل المعارضة السورية بسبب وجود إيران على نفس الطاولة.

الجانب الآخر استراتيجي وليس آنيا، وهو الاعتقاد بإبرام «علاقة خاصة مصرية - إيرانية»، لن يضر إلا مصر أكثر من غيرها. وقد قرأت تحليلات تثير السخرية عن دور مصر «ككفيل للخليج» بالتعامل مع إيران، عدا أنه قول تهكمي، أيضا يسلب من القاهرة واحدة من أهم أوراقها في اللعبة الإقليمية.

إيران تماثل مصر، ولا تكملها، في حجمها السكاني، وجيرتها للخليج، ورغبتها في أن تكون طرفا في المنطقة البترولية المهمة للعالم. كلها صفات تنافسية. لهذا ليس غريبا أن مصر في علاقتها بالخليج كانت دائما منافسا لإيران لا حليفا، منذ عبد الناصر والسادات ومبارك. وحتى في أردأ أوقات العلاقة بين الرياض والقاهرة باعد عبد الناصر بينه وبين شاه إيران واستمر خصما له.

عمليا، مرسي بإشراكه الإيرانيين يعطيهم من طبق مصر وليس من صحن الخليجيين، لأن منطقتهم ذات تنازع دولي لا إقليمي فقط.

كنا نتوقع أن يلعب مرسي دورا أكثر تأثيرا وحيوية في القضية السورية، ينسجم مع موقفه الجيد ضد نظام الأسد في قمة طهران لدول عدم الانحياز، لكنه لم يفعل. ما الذي يمنع مصر من الاشتراك مع السعودية والإمارات وقطر والأردن في دعم الثورة السورية بأكثر من البيانات الرسمية، وبصفة غير رسمية يمكن أن يكون لمصر دور فاعل في إسقاط نظام بشار بدعم الثوار بكل الوسائل.

زر الذهاب إلى الأعلى