بإمكان اليمنيين أن يبتسموا الآن أكثر من ذي قبل، ليس لشيء تحديداً بقدر ما صار لديهم رئيس لا يستقبل المخربين ويرفض مقابلة أعداء شعبه.. ذلك أن أياً من هؤلاء البسطاء الملايين في أوساط الشعب اليمني، يستطيع أن يقرأ في مثل هذه التصرفات الرئاسية القديرة، على أنها تنم عن إرادة صادقة وتوجه صريح لمعاداة كل من يعادي طموح هذا الشعب وسلمه الإجتماعي وتماسكه ومأمنه.
قبل أشهر، وبعد تولي المشير عبدربه منصور هادي رئاسة البلد، رفض أن يقابل مجموعات قبلية قدمت من محافظة مأرب لتطرح بعض القضايا على الرجل في منزله بصنعاء.. حينها، كان اليمنيون لايزالون يعانون ويلات الإنطفاءات الكهربائية المتعمدة بفعل تخريب محطات توليد الطاقة في مأرب، وبصفة متكررة من قبل جماعات قبلية مسلحة تدعى الجدعان، وفقاً لما تناولته وسائل الإعلام في ذلك التوقيت..
وما كان على الرئيس الذي اتفق حوله اليمنيون، إلا أن ينتصر لإرادتهم ولطموحهم في إعلان رفضه لإستقبالهم لأنهم متورطون بطريقة أو بأخرى، في ما يحدث من تخريب لخطوط الكهرباء في مأرب.. لقد لاقى هذا التصرف الحكيم والنبيل من قبل الرئيس هادي إعجاباً واسعاً من قبل الشعب الذي يريد أن يعيش حياته كما كل الشعوب. إنه أراد أن يوصل رسالة الشعب اليمني كله لهؤلاء وكل من يحاول قطع خيط الحلم اليمني الكبير، بتصرفات لاتليق أبداً بأخلاق اليمني الشهم والكريم والإنسان الذي ينتصر للحق ويقف في صف المظلوم.
سيقول أحدكم أن خطوط الكهرباء لاتزال عرضة حتى اللحظة للإعتداءات، وحياة اليمنيين اليومية كذلك لاتزال معرضة للإنطفاءات الكهربائية، ولا تزال بضاعة الشمع والمولدات الصينية هي الرائجة في السوق اليمنية، ومع هذا كله، ثمة أصوات بدأت تبالغ في سرد إيجابيات الرئيس هادي في غضون فترة قصيرة.. بالطبع، لا يستطيع أحد أن ينكر حقيقة هذا الواقع اليمني التعيس.. وفي ذات التوقيت، لا يستطيع أحدهم أيضاً، أن يكابر ويقول أن الوضع لايزال كما كان قبل الـ21 من نوفمبر 2011 وذلك على مختلف المستويات والأصعدة.. فالأمر ليس من باب المزايدة بقدر ما هو عين حق لواقع يمني بدأ يتعافى تدريجياً، وإن كان لايزال في خطوته الأولى، فيجب من كل اليمنيين وبالأخص المثقفين والصحفيين أن لا يكونوا في سبباً في إعادته للوراء، عليهم أن يتلمسوا الجانب الإيجابي في أنشطة بعضهم البعض، ويعمدوا إلى تنمية هذا الجانب الإيجابي والوجه الجميل.. فليس عيباً أن تقول رأيك الإيجابي أو السلبي في القيادة السياسية، مادام كل هذا يصب في مصلحة الوطن، ولا أعتقد إلا أن نقول كل إيجابيات الرئيس هادي وخططه وأنشطته وقراراته، ذلك أنها تأتي في ظل وضع صعب لايزال معه اليمن مشنوقاً بين قوتين عسكريتين مشخصنتين وبين أزمات سياسية وإقتصادية وإجتماعية متعددة، ناهيك عن النهش المتنوع للأيادي الداخلية والخارجية التي لا تريد لليمن قدراً جديداً تعم مصلحته الجميع، وإنما لا تزال تعمل وفقاً لأجندة وأهداف أصحابها.
لست أدري إن كنت متحمساً على نحو إيجابي مع دعم الجميع للرئيس هادي، لكني أعتقد أنني يجب أن أكون كذلك، لأنه يمثل صف الوطنيين المستقلين، في ظل تعدد القوى التي تريد أن تعبث بمستقبل اليمن سواء كانوا في صفوف الثوار أو في صفوف البلاطجة.. كانوا أعداء أو أصدقاء، أشقاء أو أخوة..
قبل أيام، كنت رفقة زملاء نتابع بإهتمام كلمة رئيس الجمهورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك في أول خطاب له في ذلك المكان بعد رئاسته لليمن.. كنت أشعر بنوع من الفخر والاعتزاز ليس بقوة الكلمة أو بدلالتها ومحتواها العام، وليس أيضاً، للمظهر اللائق لزعيم متعلم ومثقف وله مهارات في لغات عدة، لكن لأنها جاءت متزامنة مع عدة تحركات للرئيس هادي تنوعت بين اللقاءات الخاصة والمؤتمرات والمحاضرات والتصريحات، وجلها تؤكد أن قادم اليمن السياسي والإقتصادي لن يكون أسوأ مما كان، لاسيما وأن له زعيم جديد يمتلك كاريزما القيادة والدبلوماسية، وله أخلاق وطنية، وضمير يمني حي يرافقه في الداخل والخارج، وقد اتضح هذا جلياً في رفضه مقابلة زعيم دولة إيران أحمدي نجاد، بحجة أن بلاده تتدخل بشكل سافر في شؤون اليمن.