آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

إلى أهلنا في مدن الخليج العدني

كان انطباعنا جميعا-نحن أبناء محافظات الشمال والغرب اليمني- عن أبناء محافظات الجنوب والشرق، أنهم على قدر كبير من الوعي والنظام والبساطة ولين العِشرة، وأنهم تعلموا الكثير من قواعد السياسة والتعامل مع الآخر بأناقة وذوق فريدين، والحقيقة التي مازلت أؤمن بها؛ أنهم كذلك، وأن ما يصدر عن بعضهم من سلوك مفلس، كالشتم والإقذاع، وساقط القول تجاه أخوة لهم في محافظات الشمال والغرب؛ لا يعبر عنهم جميعا، بل إنها تعبر عن فئة قليلة فقدت تلك الخصال الحميدة التي تربى عليها أهلنا هناك.

وعلى غير ما كان يروج له في محافظات الجنوب والشرق، من أن أبناء محافظات الشمال والغرب عنيفون، وأجلاف، وجهلة، وغير متحضرين؛ إلا أن الفكرة لم تكن كذلك، وقد بدا ذلك جليا في السنوات العشر الماضية التي بدأ الحراك الانفصالي يمارس فيها تزييف وعي الشباب وبث سموم الفرقة هناك، خاصة في السنتين الأخيرتين؛ حيث تجلى في أبناء الشمال لين الخلق وحكمة الفعل ووعي المسئولية الوطنية ورقي المعاملة؛ بل إنهم بدوا أكثر تطورا وتحضرا وتؤدة وأناة ممن يقف منهم موقف المبغض والضائق الصدر؛ هناك على حافة الخليج العدني.

فما الذي حصل؟!
لقد أفرزت التعبئة الحراكية الانفصالية المتطرفة، حالة من سوء الأخلاق والضيق بالآخر لدى طائفة من الشباب اليمني في نصفه الجنوبي، وقد دُفع بالبعض منهم إلى الكثير من المنابر الإعلامية والفكرية والدينية وفي الأسواق؛ ليبثوا مثل ذلك السلوك المبغض ويقوّوه تجاه إخوتهم في الشمال أو في أوساط من يعيشون معهم في مدن ذلك الخليج الجميل أو في مدن الوسط والصحراء.

وفي الواقع لا يزال أكثر أهل الشمال يلتمسون لهم العذر فيما عمّموه من الصفات المنكرة-على عدم واقعية الكثير منها- تجاههم، ومازالوا -كذلك- يحسنون الظن، ويقولون: إن ما بدر إنما هو سلوك فردي، أو أنه تصرف مرفوض جاء من قبل مجاميع موجهة سقطت في فخاخ تعبئة عدائية ممنهجة اهتمت بتعاظمها كيانات تنظيمية هادمة تضمر الشر والعداء لوطن موحد الأبناء والتراب، وأن أبناء مدن الخليج العدني النبلاء، الأفذاذ، لم يُسمع لهم صوت بعد، وأنه سيأتي ذلك متى أدركوا أن ذلك الصوت لا بد له أن يجلجل وأن يفضح كل متآمر يسعى إلى تفكيك الأخوة العنصرية والدينية التي ربطت بقوة بين أنباء اليمن طيلة قرون غابرة.

نعم.. مازلنا ننتظر ذلك اليوم.

زر الذهاب إلى الأعلى