ما يتعرض له أبناء المحافظات الشمالية الذين يقيمون في مناطق الجنوب، وما تتعرض له-أيضا- مقرات حزب التجمع اليمني للإصلاح، وحزب المؤتمر الشعبي العام، قد يكون قائما على مواجع الإرث التاريخي الدامي الذي جسدته أحداث حقبة السبعينات وأحداث 1994م بدرجة أولى، وهذه الأخيرة تبدو الأكثر تيقنا، مع عدم إغفال ثانويات ذلك؛ إذ خرج الانفصاليون من تلك الأحداث مضروبي القفا على غير ما اعتادوا عليه من تحقيق المكاسب في كل معترك يجمعهم مع هؤلاء الخصوم في سنوات جمهوريات ما قبل 22 مايو 1990م.
ويأتي دور الخصومة السياسية-وهي العامل المحلّق أو الراعي لكل ما يحدث- وتمثلها خصومة النخب- لتكون هي من ينفث في اللهب الذي يغتلي به الشارع، بل وتجتهد في هذا النفث بكل قواها، وبكل أفواه مكوناتها، وقد كانت تلك النخب حاضرة التأهب لهذا السلوك- باعتباره أمضى القوى وأذكاها- مع أول خطوة على عتبة 22 مايو 1990م، ثم بدت متعاظمة الحجم حد الاقتتال خلال السنوات الأربع التي تلت تلك الخطوة على تلك العتبة القفص!!
إذن، فإن القرار؛ قرار الانفصاليين؛ بحاركيّيهم، واشتراكييهم، وقومييهم، وعلمانييهم، وغوغائييهم، هو: لا بقاء لكل شمالي على أرض مدن الخليج العدني؛ حتى نسترد المقام المفقود؛ لأن هؤلاء الدحابيش(الشماليون) سيكونون كحال مسمار جحا الذي يحن إليه كثيرا إلى الحد الذي أقلق معه صاحب الدار... وهذا القرار–لعمري- لن يتحقق؛ لأن التاريخ يقول غير ذلك، وسيبقى المسمار وتدا مفيدا ومزعجا معا؛ لأنه خلّاق، ولأنه عصي الانتزاع؛ ولأن الولادة واحدة مع هذا الدار.