تطل الفتنة برأسها في اليمن مجدداً، بعد استقرار نسبي شهدته البلاد. وقد لا تكون صدفة أن يأتي التصعيد من فصيل انفصالي في جنوب اليمن، مع الذكرى الأولى لانتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي في 21 فبراير من العام الماضي، وهو تاريخ أول انتقال سلمي للسلطة، شكل منعطفاً تاريخياً أنقذ اليمن من اقتتال أهلي كان يلوح في الأفق.
هذا الاستقرار يبدو أنه لا يسر القلّة القليلة من الذين اعتادوا الظهور في الأزمات فقط، ففي كل بادرة توافق وطني، يتم تنفيذ اعتداءات تستهدف ضرب العيش المشترك في اليمن، ولا تأخذ بعين الاعتبار مستقبل جيل جديد ينتظر تسلم أمانة غالية من الآباء، وهي الحق في مستقبل كريم، يحفظ كرامة هذا الشعب الذي ضحى بالغالي والرخيص في سبيل حماية بلده من التفكك.
في ظل هذه الأجواء، يعود خطاب التأزيم والتفكيك مجدداً، وليبدأ هذه المرة من أخطر النقاط على الإطلاق: استهداف مباشر لقطاعات أهلية معينة في الجنوب، بهدف استجرار ردة فعل مشابهة في الشمال، وبالتالي يقترب فصيل التأزيم من غايته عبر الشحن المناطقي بين الشمال والجنوب. وطالما أن طريقة عمل هذا الفصيل واضحة.
فعلى المواجهة أن تكون واضحة، فصوت الوحدة يجب أن يعلو أمام دعوات التفكيك، وللرئيس هادي باع في حل المشكلات بالحوار خلال عام من ترؤسه مسؤولية قيادة البلاد. صوت العقل أقوى سلاح في هذه المواجهة التي يدفع إليها فصيل التأزيم، وأثبت الجنوبيون خلال مسيرة الوحدة، غيرتهم الصادقة على يمن قوي أمام التحديات، وأمام من يحاول منع وصول السفينة إلى الشاطئ.
الرئيس هادي كان حاسماً وحازماً في خطابه، عندما توعد الانفصاليين بنهاية قاسية، رداً على دعوات طرد عنصرية من مدن الجنوب، وتوعد بملاحقة هؤلاء قضائياً عبر محكمة الجنايات الدولية، بتهمة التحريض على استهداف اليمنيين المنحدرين من الشمال.
لأنها مواجهة قائمة على الحق، فإن القانون المحلي والدولي هو عون لمسيرة الاستقرار، أمام دعاة «إسقاط اليمن» وإعادته إلى عصر الدويلات الصغيرة، وبالتالي، يصبح البلد لقمة سهلة أمام أطماع دول عديدة، لها أجنداتها الخاصة تجاه المنطقة برمّتها.