اي قراءة هادئة وموضوعية لخطاب الفريق السيسي في مصر ستلاحظ عجائب وغرائب عديدة تعكس التخبط والغرابة والتيه (المنطلق من عناد وكراهية وتمترس وإرتهان للخارج) التي تسود عقلية السيسي وبقية زملائه وحلفائه في مجموعة حكم الإنقلابيين في مصر.. ومن هذه الغرائب ما يلي:
أولا: أن يقوم "أحد وزراء نظام الإنقلاب" بطلب التفويض من الشعب له شخصيا ولا يقوم بتقديم هذا الطلب من قبل الرئيس المؤقت أو للحكومة المؤقتة.. فأين هؤلاء القيادات العليا والمدنية للنظام المؤقت؟.. ونتيجة لهذا التصرف الغريب وغيره، يتساءل عقلاء العالم أجمع "من هو الحاكم الفعلي لمصر بعد إنقلاب 30 يوليو"؟؟.. فهذا التصرف من "السيسي" يؤشر إلى أن القائد الفعلي لهذا النظام المؤقت هو "وزير الدفاع"!!.. وان "سلطة الحكم المؤقتة" هي "سلطة عسكرية" وليست مدنية.. وأن المجموعة المدنية (رئيس مؤقت وحكومة مؤقتة ووزراء) هي مجرد "غطاء مزيف" لإخفاء حقيقة من "يقود البلاد بلغة السلاح والقوة والعنف الآن".. وأن ما حدث في مصر هو "إنقلاب عسكري شمولي" مهما كان الإنكار !!!..
ثانيا: أن يحاول السيسي إعادة فرض وتثبيت "آلية الحشود في الشارع" (كألية شرعية فرضها الأمر الواقع الموجود في المشهد السياسي في مصر الآن) يعبر عن منهجية أنانية مفضوحة لتبرير "اسباب إستيلائه على السلطة والحكم في مصر بالإنقلاب" وكذلك ولتبرير أن هناك دواعي شعبية لإستمراره في السيطرة على السلطة.. حيث وقد كان قد إدعى أنه إعتمد علي هذه "الآلية" في "إنقلابه" عندما "إستجاب لمطالب الجماهير (التي حركها مسبقا) التي خرجت (أخرجها هو) إلى الشارع في يوم 30 يونيو..
ثالثا: الإستمرار في تكرار إستخدام وفرض "آلية حشود الشارع" كآلية غير متفق عليها في الدستور لتحقيق رغبة الشعب - الديمقراطية برايه بدلا عن إعتماد الإنتخابات الحرة المباشرة المتفق عليها في الدستور ( والمتعارف عليها في جميع ديقمراطيات العالم الحر والمتقدم) هي منهجية خاطئة وضارة، لأنها تؤشر إلى رغبة شمولية في تعميم وإشاعة الغوغائية والفوضي من أجل التمكن من السيطرة والإحتكار للسلطة ومن أجل إقصاء الآخرين، كما أنها تؤشر إلى تعمد في تغييب الآليات الدستورية لتبادل السلطة ولتحقيق الديمقراطية الحقيقية.. وهذه المنهجية المدمرة لها تأثيرات سلبية وضارة على مصلحة التنوع والتعايش السلمي في مصر وعلى نجاح عملية التحول الديمقراطي فيها..
رابعا: أن يحاول الفريق السيسي إنتزاع تفويض مطلق (برغم إعتراضنا الآليات الغير دستورية والغير مقرة ديمقراطيا وإنتخابيا من الشعب) هو تصرف" في غاية الخطورة على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وعلى الشعب في مصر وفي غيرها.. بل وهو تصرف يقود إلى "الشمولية المطلقة" و"الديتكاتوريات العسكرية الجديدة" تحت غطاء "الحصول على تفويض من حشود من الشعب".. وهذه كلها مؤشرات خطيرة على أن مصر تسير مدفوعة إلى أحضان "ديكتاتورية عسكرية متهورة جديدة" تذكرنا بمساوئ وكوارث ديكتاتورية موسولوني وهتلر وغيرها..
خامسا: أن دعوة السيسي هذه قد تعتبر دعوة إلى التشجيع على "حرب أهلية" بين مكونات الشعب المصري..
سادسا: أن هذا ألتفويض الخطير ( الذي يخطط السيسي لصنعه بنفسه بإسم جماهير مصر) قد ينظر له على أنه محاولة خطيرة ومرفوضة منه للحصول على "صك وإذن مفتوح على بياض" ليرتكب مجازر ضد المخالفين له وضد المعارشين السياسيين له وضد المتظاهرين سلميا من أبناء الشعب المحتج في ميادين مصر..
سابعا : أن هذا الخطاب هو تهديد ووعيد بالحرب وبالقتل وبالإقصاء مقصود وممنهج من "قائد عسكري متهور" لمن يخالفونه الرأي أولمن يتظاهرون سلميا للمطالبة بحقوقهم المشروعة أو لمن يحتجون بطرق متحضرة وسلمية من أبناء البلاد..
وفي الختام نرى إن الخطاب المهدد هو بهذا يثير المخاوف الكبيرة عندنا وعند العالم الحر أجمع على الديمقراطية وعلى التعايش السلمي وعلى الحريات السياسية وعلى حياة الناس وعلى مستقبل مصر.. أن العقلاء بهذا الخطاب والتصرف المتهور من الفريق السيسي ومجموعته قد بدأوا يشكون أن مصر على وشك أن يتم الزج بها في نفق مظلم لا رجعة ولا مخرج منه إلا بعد خسائر فادحة أو بعد هلاك !!!...
ولذلك نقول وندعو ونناشد الفريق السيسي بسرعة التراجع عن دعوته وعن طلبه للتفويض المطلق و–الأهم- عن إنقلابه السيء.. إتق الله يا سيسي في نفسك وفي ديمقراطية مصر وفي ثورة 25 يناير التي اسأت إليها كثيرا وفي سمعة جيش مصر الحر وفي شعب مصر التواق إلى الحرية والمدنية والديمقراطية وإلى النهوض والتقدم بقوة وثبات !!..
كما نناشد وندعو كذلك الأحرار والوطنيين التغييريين من جيش مصر الأبي بالتدخل السريع ووالتحرك الفوري من أجل تصحيح مسار الجيش المصري عبر إيقاف تدخل الجيش في السياسة وعبر إيقاف تهور السيسي ومجموعته وإيقاف تشجيعه على نشوب حرب أهلية بين أبناء مصر وإيقاف تصرفاته التي ستؤدي إلى تدمير مصر وإلى إنزلاق مصر إلى نفق مظلم ومهلك.. ومن أجل إعادة السلطة الشرعية المنتخبة إلى الحكم.. ومن أجل إعادة مصر إلى مسار التحول الديمقراطي الذي كانت سائرة علىه بصدق وبسلام وتوافق قبل يوم 30 يونيو الإنقلابي.