أرشيف الرأي

مفاجأة الاقليم الشرقي

بعيدا عن الاحزاب والحزبية، والتباينات السياسية، وفي اطار ما أتفق على أنه دعم لمخرجات الحوار الوطني، وبناء الدولة المدنية الحديثة في قالبها الفيدرالي، اجتمع ما يربو على خمسين شخصية من أبناء محافظات حضرموت وشبوه والمهرة وجزيرة سقطرة المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، واعلنوا عن موقفهم وخيارهم المستقبلي، المتمثل بتوحيد تلك المكونات الجغرافية والسكانية التي ينتمون اليها في اطار اقليم موحد يسمى (الإقليم الشرقي) بما يؤكد التجانس الاجتماعي والثقافي والتاريخي بين ابناء تلك المناطق ويحافظ عليه، ويجعل منه مستقبلا " ... إقليماً له شخصيته الاعتبارية وسلطاته المنتخبة التي تتولى إدارة شئونه وتنمية موارده بما يحقق تطلعات أبناءه في حياة حرة وكريمة وامن وسلام...". ويعزز في ذات الوقت رؤية وتوجهات مؤتمر الحوار الوطني نحو تقسيم البلاد إلى اقاليم متعددة تمثل شكل الدولة اليمنية القادمة.

خلال الاجتماع أكد الاستاذ احمد سالم عكوش تأييد ابناء المهرة لهذا الخيار قائلا: " نحن ابناء اقليم واحد لا يوجد بيننا أي خلافات ولا أي اشكالات، وتربطنا الارض والاخاء، والبحر والسماء، ونحن على يد واحدة وعلى كلمة واحدة، وانا موصى من قبل ابناء المهرة جميعا صغيرا وكبيرا، في المهجر والداخل، فقد قالوا لي: "حيثما وضع اخواننا في حضرموت اقدامهم نحن نضع اقدامنا معهم" ولهذا نحن مع خيار هذا الاقليم الشرقي في ضل دولة اتحادية، تصاغ من خلال مؤتمر الحوار الوطني، وتحت قيادة الرئيس عبدربه منصور هادي".

من جانبه اوضح الدكتور عبدالعزيز بن حبتور اهمية هذا الخيار بالنسبة لمؤتمر الحوار وبناء المستقبل حيث قال: " عندما تم التفكير بشكل جدي بالإعلان عن الاقليم الشرقي فقد انطلقنا اولا من اجل الحفاظ على تماسك مؤتمر الحوار الوطني ونجاحة، وكذا انجاح المبادرة الخليجية باليتها المزمنة، والفترة الانتقالية التي يقودها فخامة الاخ رئيس الجمهور المشير عبدربه منصور هادي، كما يأتي هذا الخيار في سياق الاعتراف بكل القوى والاطراف، لأنه خيار كل الشخصيات المنتمية لهذا الاقليم على اختلاف وتنوع انتماءاتهم الحزبية، وهو ما سيجعل هذا الاقليم اقليم خير واستقرار ونماء لأبناء الاقليم والوطن على وجه العموم، وبما يسهم في الوصول إلى مخرج امن لليمن الذي تعرض لاهتزازات عديدة".

من جانبه قال الدكتور احمد عبيد بن دغر: " ان ابناء المحافظات الشرقية اليوم يضعون اللبنة الاولى لبناء دولة يمنية مدنية حديثة من عدة اقاليم، وهي الرؤية التي تكاد تجمع عليها معظم القوى الوطنية في مؤتمر الحوار الوطني، لا سيما وان فريق بناء الدولة تقريبا قد اتخذ قرارا واضحا في هذا الاتجاه" واضاف: " نعتقد ان الخطوة التي اتخذت اليوم بالإعلان عن الاقليم الشرقي، تعد خطوة على الطريق الصحيح، طريق بناء الدولة اليمنية الحديثة الواحدة والمتحدة، الدولة التي تصون الحقوق والحريات".

وقد أسفر ذلك الاجتماع عن اصدار بيان وقع عليه ممثلي المحافظات الشرقية وجزيرة سقطرة في مؤتمر الحوار حيث نص البيان على ما يلي:
(( الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وبعد. نحن الموقعون أدناه أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل من أبناء المناطق الشرقية واستناداَ إلى الشعور المشترك والرؤية الغالبة في مؤتمر الحوار الوطني فأننا نؤكد على تحديد شكل الدولة اليمنية القادمة على أساس دولة فيدرالية من عدة أقاليم يكون لكل إقليم سلطات منتخبة تتولى إدارته وتنميته بما يحقق الأمن والاستقرار.
ونتطلع إلى أن تكون المهرة وحضرموت وأرخبيل سقطره وشبوة إقليماً له شخصيته الاعتبارية وسلطاته المنتخبة التي تتولى إدارة شئونه وتنمية موارده بما يحقق تطلعات أبناءه في حياة حرة وكريمة وامن وسلام والمحافظة على خصوصيتهم وترابطهم الاجتماعي, ونؤكد على ان هذا الإقليم سيكون بما يمثله من بعد اقتصادي تنموي وموروث ثقافي زاخر بقيم السلام والتسامح , سيكون خطوة عملية على طريق بناء الدولة اليمنية في شكلها ومضمونها الجديد وعامل استقرار لليمن والمنطقة).
السؤال الذي يفرض نفسه امام هذه المبادرة : هل سينفرد ابناء المحافظات الشرقية أمام مؤتمر الحوار بتحديد وضعهم في الدولة اليمنية القادمة؟
أم أن هذا سيفتح المجال لخيارات اقليمية مماثلة يتبناها أبناء بقية المحافظات اليمنية؟
و إلى أي مدى سيكون ذلك فعلا داعما لجهود وتوجهات بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل؟

زر الذهاب إلى الأعلى